تفسير قول الله تعالى : << ولقد أنزلنآ إليكم ءايات مبينات ومثلا من الذين خلوا من قبلكم وموعظة للمتقين >>
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
ولقد أنزلنا إليكم آيات مبينات " بفتح الياء وكسرها في هذه السورة بين فيها ما ذكر أو بينته " طيب مبينات بينت والا بينت الأمر مبينات ؟ بين فيها ما ذكر لكن مبينات أي بينت ولقد أنزلنا إليكم آيات مبينات أو مبينات مبين فيها ما ذكر طيب اللام في قوله ولقد اللام واقعة في جواب القسم وهي للتوكيد وقد كذلك للتوكيد ولقد وعليه فهذه الجملة مؤكدة محمد؟
الطالب :ثلاثة
الشيخ :وايش هي ؟
الطالب :...
الشيخ :بثلاثة القسم المقدر واللام وقد وهنا أكد الله سبحانه وتعالى بهذه المؤكدات الثالث للأهمية لأننا إذا علمنا أن هذه آيات مبينات فإن ذلك سوف يستلزم منا الاعتناء بهذه الآيات وقوله تعالى أنزلنا إليكم آيات ما المراد بالآيات هنا الشرعية والا الكونية ؟
الطالب :...
الشيخ : الظاهر أنها الشرعية لأن الإنزال يتضح معها أكثر مما يتضح مع الكونية فالظاهر أنها الشرعية وهي الوحي الذي نزل على النبي صلى الله عليه وسلم وفي قوله أنزلنا الوحي الشرعي لأنه ينزل حقيقة من العلو إلى السفل لأنه ينزل من الله على قلب النبي صلى الله عليه وسلم فهو نزول حقيقي وقد حرفه بعضهم إلى أن المراد الإنزال الوحي قال أنزلنا يعني أوحينا وقال إن النزول لا يكون إلا من أعلى ولا يكون إلا في جرم يقال نزل الإنسان من السطح إلى الأرض والقرآن ليس كذلك هذا لا شك أن الذي يقول هذا الكلام وايش ينكر ؟ علو الله ولهذا أهل السنة والجماعة من جملة ما استدلوا به على علو الله أن الله أنزل القرآن على النبي وقالوا يلزم من الإنزال أن يكون المنزل عاليا لكن يفسر بالوحي بحجة أن الشيء النازل يكون جرم والقرآن ليس جرما وإنما هو قول ينزل فهذا لا شك أنه محرف لكلام الله عز وجل ونحن نقول إن القرآن ينزل كما قال الله فإن كلمة ينزل غير كلمة يوحى ولها معنى آخر خاص ثم أنه ما المانع من أن يكون النزول في الأمور المعنوية يكون النزول اذا اضيف الى الأمور الحسية يكون في الأجرام وفي الأمور المعنوية له معنى آخر أليس الله يقول : هو الذي أنزل السكينة في قلوب المؤمنين والسكينة جرم يلقى في القلب أو أمر معنوي ؟ أمر معنوي هو الذي أنزل السكينة في قلوب المؤمنين إذن نقول إنزال الأمور المعنوية ثم ما المانع من أن يكون القرآن أيضا له جرم ولكننا لا نعلم هذا الجرم لأن الله يقول للنبي عليه الصلاة والسلام : إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا فترى أنه صلى الله عليه وسلم نزل عليه الوحي ورأسه على رجل حذيفة حتى كاد يرضها وأنه نزل على الوحي وهو على الراحلة فتبرك به فقد يكون جرما ولكن ليس كالأجرام المعروفة الله أعلم والله سبحانه وتعالى يجعل الأمور المعنوية أمورا حسية ألم تروا إلى الموت يوم القيامة يمثل بايش ؟ بكبش يشاهده الناس من أهل النار ومن أهل الجنة ويذبح أمامهم كما أن الأعمال توضع في الموازين يوم القيامة والأعمال ايش أصلها ؟ معاني ما هي أجرام والله سبحانه وتعالى على كل شيء قدير وقدرته سبحانه وتعالى فوق إحاطة ... وعلى كل حال الآية هذه فيها دليل صريح على أن الله أنزل القرآن من عنده وأنه نزول ليس بمعنى الوحي فقط بل هو معنى خاص عن الوحي
وقوله تعالى آيات جمعها لأن حقيقة الأمر أنها كذلك القرآن ليس حكما واحدا ولا خبرا واحدا أخبار كثيرة وأحكام كثيرة فهي آيات نعم طيب آيات بمعنى علامات على أي شيء ؟ على عظمة من أنزلها وعلى صدق من جاء بها عليه الصلاة والسلام ووجه كونها آيات أنك إذا تأملت الأحكام التي جاءت بها هذه الآيات وجدتها مطابقة تماما للمصلحة في المأمورات ودفع المضرة في المنهيات ووجدت أيضا أن أخبارها في غاية ما يكون من المصلحة والمنفعة ووجدت لها تأثيرا بالغا من جملة تأثيرها هؤلاء الأمم الذين كانوا مناوئين للإسلام فدخلوا في دين الله أفواجا لمجرد أنهم سمعوا القرآن ورأوا آدابه وأخلاقه نعم ثم إن هذا التأثير لمن ألقى السمع وأنار القلب تأثير لا يوجد له نظير في الحقيقة إذا أقبل الإنسان بقلبه على القران مهما كان ولو كان غير مسلم لابد أن يتأثر هذا الذي أثار في نفس الرجل كثيرا في المدينة فسمع النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في المغرب بالطور فلما بلغ أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون أم خلقوا السماوات والأرض بل لا يوقنون فأذهب الله عنه وكاد قلبه أن يطير ومن ذلك الوقت ألقى الله الإيمان في قلبه ثم أسلم بعد فهذا دليل على أن القرآن آيات عظيمة تدل على عظمة من أنزلها وعلى صدق من جاء به وذلك لما تضمنته من الأحكام العادلة التي تبهر العقول ولا يمكن لبشر أن يأتي بمثلها ومن الأخبار الصادقة النادرة أخبار مممتعة للنفس ومريحة لها ونافعة للقلب أيضا لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب
وقوله تعالى مبينات أي تبين الحق من الباطل وتفصل بينهما وتميز بينهما ثم أيضا تبين الأحكام بنفسها لكن منها ما يحتاج إلى بيان من غيره ومنها ما هو بين في نفسه وفي هذا إشارة إلى أنه لا يوجد في الشرع بحسب الواقع لا يوجد أمر مشكل لكن الإشكال بحسب ايش؟ بحسب الفهم لأن الإشكال الذي يقع في المسائل الشرعية ليس لقصور في النصوص ولكن لقصور في الفهم أو قصور في العلم قد يكون إنسان قاصر علم لايحيط بالنصوص كلها وقد يكون قاصر فهم ومن ثم يحصل الإشكال أما مع العلم والفهم التام فإنه لا يمكن أن يوجد إشكال في الشريعة ولذلك تجد أحيانا احدثكم عن نفسي تجد أحيانا تعرض لي مسألة ويستحيل حكمها عندي ثم في زمن آخر تأتي نفس المسألة ولا يكون فيها إشكال هنا صفاء الذهن وأحوال الإنسان لها تأثير في النصوص تأثير بالغ في فهم النصوص ولهذا أنا أرى أنه ينبغي لطالب العلم أن المسائل التي تعرض له المسائل النادرة التي يخشى أن ينساها أنه يجد ... لا يعتمد على نفسه يقول أن هذه الآية بينة ... ولا تحتاج لشيء لأنه يمكن يأتي يوم من الأيام يكون ما فتح الله عليك به أنت غير موجود الآن إما لتخلف السبب أو وجود المانع والإنسان بشر تتقلب به الأحوال يمكن يجلس في بيته ...ويخرج من بيته غضبان ما يتحمل ولا كلمة من الناس ويمكن يرضى في بيته ويخرج ... فالإنسان بشر في جميع احواله يتغير ويتقلب
على كل حال أنا أعود أن القرآن ولله الحمد مبين ومبين أيضا ولكن الخفاء الذي يدخل للإنسان إنما هو من نفسك لا من حيث الأدلة وذلك لأحد أمرين ما هما ؟ القصور في العلم أو القصور في الفهم فمن أجل أحد هذين الأمرين يحصل الخفاء في الأحكام الشرعية أما الآيات التي أنزلها الله فهي آيات مبيَّنة ومبيِّنة ما فيها إشكال وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية عبارة في العقيدة الواسطية قال " من تدبر القرآن طالبا الهدى منه تبين له طريق الحق " هذه عبارة في الحقيقة تكتب بماء الذهب كما يقول الناس... " من تدبر القرآن طالبا الهدى منه "لا بد من أمرين تبين له طريق الحق آيات مبينات قد أنزلنا آيات مبينات ومبينات " قراءتان سبعيتان ومثلا خبرا عجيبا وهو خبر عائشة رضي الله عنها من الذين خلوا من قبلكم أي من جنس أمثالهم أي أخبارهم العجيبة كخبر يوسف ومريم " يعني أنزل الله أيضا مثلا من الذي خلوا من قبلكم والله اعلم أن المراد بالمثل هنا وهو أعم من الواقع يعني أمثالا من الذين خلوا وليس هذا خاصا بخبر عائشة رضي الله عنها ومريم ويوسف بل هو أعم من ذلك لكن المؤلف قصره رحمه الله كعادته أن يقصر الآيات العامة على المعنى بحسب السياق وهذا نقص في الحقيقة صحيح أن السياق قد يقيد المطلق وقد يخصص العام لكن بدليل أم إن لم يكن دليل على أن هذا خاص فالأولى العموم فقوله مثلا من الذين خلوا من قبلكم هذا في الحقيقة قد يكون أعم مما ذكره المؤلف في القرآن إذن أحكام شرعية عبر عنها بالآيات المبينات وأخبار صادقة فيها العبرة عبر عنها بقوله و مثلا من الذين خلوا من قبلكم فالله سبحانه وتعالى ضرب لنا أمثالا ممن خلا من قبلنا لا فيما يتعلق بالعفة والصيانة ولا فيما يتعلق بالدين والإيمان والكفر نعم أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ دَمَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ايش بعدها ؟ وَلِلْكَافِرِينَ أَمْثَالُهَا [محمد:10] ولما ذكر الله سبحانه وتعالى قصة لوط قال وما هي من الظالمين ببعيد الإنسان العاقل يقيس بأن سنة الله واحدة والله جل وعلا البشر بالنسبة إليه سواء إلا بالتقوى فإذا أهلك الله أمة من الأمم السابقة بمخالفتهم فهل يمتنع أن يهلك هذه الأمة أيضا ؟ لا يمتنع وإن كان شيء وهو... الصالحين وهو الإهلاك العام هذا لا ينجي الصالحين بل قال بعض العلماء أنه لم يوجد من بعد إهلاك فرعون واستدلوا على ذلك بقوله : ولقد آتينا موسى الكتاب من بعد ما أهلكنا القرون الأولى قالوا فبعد ما نزلت التوراة على موسى عليه الصلاة ما أهلك الصالحين يعني إهلاك عام هذا هو الواقع في الحقيقة سواء دلت عليه الآيات أو لم تدل أن هذا هو الواقع وقوله مثلا من الذي خلو من قبلكم مثل قصة يوسف عليه السلام رمي بما رمي به وأنجاه الله عز وجل من الذي رماه بالفاحشة ؟ امرأة العزيز والعجيب أن امرأة العزيز هي التي راودته عن نفسه وغلقت الأبواب وهيأت كل شيء ولكنه عليه الصلاة والسلام همت به وهم بها لو أن رأى برهان ربه بعد أن هم مع توفر الأسباب وانتفاء الموانع ووجود الطلب والهمة بعد ذلك منعه ...وهذا أعظم ما يكون في العفة خلافا لمن ذهب يحاول كلمة هم يقول... همت به للزنى وهم بها ليبطش بها نعم هذا تناقض لكن يقال تمام العفة أن تحصل مع وجود الطلب هم بها ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم في الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله قال : رجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال إني أخاف الله ما فيه مانع إلا هذا لأن ما عندهم أحد والشهوة متوفرة والعزيمة موجودة الهم يعني لكن منعه خوف الله عز وجل وهو عليه الصلاة والسلام بعد أن همت به وهم بها وجد الان الطلب والسبب وانتفى المانع حينئذ رأى برهان ربه فتح الله عليه فانصرف أخيرا تبين أن الفاعل من ؟ امرأة العزيز ظهر ذلك علنا حتى أن يوسف عليه السلام من قوة صبره ومن حكمته لما دعي أن يخرج من السجن قَالَ ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ ما خرج حتى بان أمره وهذا يعتبر من الصبر العظيم وإلا قد يكون الإنسان مسجون ويقال له اطلع ...فيطلع ولكنه عليه الصلاة والسلام أبى حتى يكون بريئا تماما وهذا اللي حصل
بالنسبة لمريم رضي الله عنها نفس الشيء اليهود اتهموها بأنها زانية عرضوا تعريضا قالوا : يا أخت هارون ما كان أبوك امرأ سوء وما كانت أمك بغيا يعني ما كانوا كذلك ومثل ذلك امرأته وأمك ليست بغيا فمن أين جاءك البغاء هذا معنى كلامهم ولهذا اختلف العلماء هل يحد بالقذف إذا عرض أو لا يحد والصحيح أنه إذا كان التعريض واضحا يحد بل أنه أعظم كما يقول بعض العلماء إن التعريض بالزنا أعظم من التصريح به لأنه يتضمن قذفا ولوما مثل لو واحد جاء وقال لك الحمد لله أنا لا أزني... أنا أبين
الطالب :ثلاثة
الشيخ :وايش هي ؟
الطالب :...
الشيخ :بثلاثة القسم المقدر واللام وقد وهنا أكد الله سبحانه وتعالى بهذه المؤكدات الثالث للأهمية لأننا إذا علمنا أن هذه آيات مبينات فإن ذلك سوف يستلزم منا الاعتناء بهذه الآيات وقوله تعالى أنزلنا إليكم آيات ما المراد بالآيات هنا الشرعية والا الكونية ؟
الطالب :...
الشيخ : الظاهر أنها الشرعية لأن الإنزال يتضح معها أكثر مما يتضح مع الكونية فالظاهر أنها الشرعية وهي الوحي الذي نزل على النبي صلى الله عليه وسلم وفي قوله أنزلنا الوحي الشرعي لأنه ينزل حقيقة من العلو إلى السفل لأنه ينزل من الله على قلب النبي صلى الله عليه وسلم فهو نزول حقيقي وقد حرفه بعضهم إلى أن المراد الإنزال الوحي قال أنزلنا يعني أوحينا وقال إن النزول لا يكون إلا من أعلى ولا يكون إلا في جرم يقال نزل الإنسان من السطح إلى الأرض والقرآن ليس كذلك هذا لا شك أن الذي يقول هذا الكلام وايش ينكر ؟ علو الله ولهذا أهل السنة والجماعة من جملة ما استدلوا به على علو الله أن الله أنزل القرآن على النبي وقالوا يلزم من الإنزال أن يكون المنزل عاليا لكن يفسر بالوحي بحجة أن الشيء النازل يكون جرم والقرآن ليس جرما وإنما هو قول ينزل فهذا لا شك أنه محرف لكلام الله عز وجل ونحن نقول إن القرآن ينزل كما قال الله فإن كلمة ينزل غير كلمة يوحى ولها معنى آخر خاص ثم أنه ما المانع من أن يكون النزول في الأمور المعنوية يكون النزول اذا اضيف الى الأمور الحسية يكون في الأجرام وفي الأمور المعنوية له معنى آخر أليس الله يقول : هو الذي أنزل السكينة في قلوب المؤمنين والسكينة جرم يلقى في القلب أو أمر معنوي ؟ أمر معنوي هو الذي أنزل السكينة في قلوب المؤمنين إذن نقول إنزال الأمور المعنوية ثم ما المانع من أن يكون القرآن أيضا له جرم ولكننا لا نعلم هذا الجرم لأن الله يقول للنبي عليه الصلاة والسلام : إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا فترى أنه صلى الله عليه وسلم نزل عليه الوحي ورأسه على رجل حذيفة حتى كاد يرضها وأنه نزل على الوحي وهو على الراحلة فتبرك به فقد يكون جرما ولكن ليس كالأجرام المعروفة الله أعلم والله سبحانه وتعالى يجعل الأمور المعنوية أمورا حسية ألم تروا إلى الموت يوم القيامة يمثل بايش ؟ بكبش يشاهده الناس من أهل النار ومن أهل الجنة ويذبح أمامهم كما أن الأعمال توضع في الموازين يوم القيامة والأعمال ايش أصلها ؟ معاني ما هي أجرام والله سبحانه وتعالى على كل شيء قدير وقدرته سبحانه وتعالى فوق إحاطة ... وعلى كل حال الآية هذه فيها دليل صريح على أن الله أنزل القرآن من عنده وأنه نزول ليس بمعنى الوحي فقط بل هو معنى خاص عن الوحي
وقوله تعالى آيات جمعها لأن حقيقة الأمر أنها كذلك القرآن ليس حكما واحدا ولا خبرا واحدا أخبار كثيرة وأحكام كثيرة فهي آيات نعم طيب آيات بمعنى علامات على أي شيء ؟ على عظمة من أنزلها وعلى صدق من جاء بها عليه الصلاة والسلام ووجه كونها آيات أنك إذا تأملت الأحكام التي جاءت بها هذه الآيات وجدتها مطابقة تماما للمصلحة في المأمورات ودفع المضرة في المنهيات ووجدت أيضا أن أخبارها في غاية ما يكون من المصلحة والمنفعة ووجدت لها تأثيرا بالغا من جملة تأثيرها هؤلاء الأمم الذين كانوا مناوئين للإسلام فدخلوا في دين الله أفواجا لمجرد أنهم سمعوا القرآن ورأوا آدابه وأخلاقه نعم ثم إن هذا التأثير لمن ألقى السمع وأنار القلب تأثير لا يوجد له نظير في الحقيقة إذا أقبل الإنسان بقلبه على القران مهما كان ولو كان غير مسلم لابد أن يتأثر هذا الذي أثار في نفس الرجل كثيرا في المدينة فسمع النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في المغرب بالطور فلما بلغ أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون أم خلقوا السماوات والأرض بل لا يوقنون فأذهب الله عنه وكاد قلبه أن يطير ومن ذلك الوقت ألقى الله الإيمان في قلبه ثم أسلم بعد فهذا دليل على أن القرآن آيات عظيمة تدل على عظمة من أنزلها وعلى صدق من جاء به وذلك لما تضمنته من الأحكام العادلة التي تبهر العقول ولا يمكن لبشر أن يأتي بمثلها ومن الأخبار الصادقة النادرة أخبار مممتعة للنفس ومريحة لها ونافعة للقلب أيضا لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب
وقوله تعالى مبينات أي تبين الحق من الباطل وتفصل بينهما وتميز بينهما ثم أيضا تبين الأحكام بنفسها لكن منها ما يحتاج إلى بيان من غيره ومنها ما هو بين في نفسه وفي هذا إشارة إلى أنه لا يوجد في الشرع بحسب الواقع لا يوجد أمر مشكل لكن الإشكال بحسب ايش؟ بحسب الفهم لأن الإشكال الذي يقع في المسائل الشرعية ليس لقصور في النصوص ولكن لقصور في الفهم أو قصور في العلم قد يكون إنسان قاصر علم لايحيط بالنصوص كلها وقد يكون قاصر فهم ومن ثم يحصل الإشكال أما مع العلم والفهم التام فإنه لا يمكن أن يوجد إشكال في الشريعة ولذلك تجد أحيانا احدثكم عن نفسي تجد أحيانا تعرض لي مسألة ويستحيل حكمها عندي ثم في زمن آخر تأتي نفس المسألة ولا يكون فيها إشكال هنا صفاء الذهن وأحوال الإنسان لها تأثير في النصوص تأثير بالغ في فهم النصوص ولهذا أنا أرى أنه ينبغي لطالب العلم أن المسائل التي تعرض له المسائل النادرة التي يخشى أن ينساها أنه يجد ... لا يعتمد على نفسه يقول أن هذه الآية بينة ... ولا تحتاج لشيء لأنه يمكن يأتي يوم من الأيام يكون ما فتح الله عليك به أنت غير موجود الآن إما لتخلف السبب أو وجود المانع والإنسان بشر تتقلب به الأحوال يمكن يجلس في بيته ...ويخرج من بيته غضبان ما يتحمل ولا كلمة من الناس ويمكن يرضى في بيته ويخرج ... فالإنسان بشر في جميع احواله يتغير ويتقلب
على كل حال أنا أعود أن القرآن ولله الحمد مبين ومبين أيضا ولكن الخفاء الذي يدخل للإنسان إنما هو من نفسك لا من حيث الأدلة وذلك لأحد أمرين ما هما ؟ القصور في العلم أو القصور في الفهم فمن أجل أحد هذين الأمرين يحصل الخفاء في الأحكام الشرعية أما الآيات التي أنزلها الله فهي آيات مبيَّنة ومبيِّنة ما فيها إشكال وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية عبارة في العقيدة الواسطية قال " من تدبر القرآن طالبا الهدى منه تبين له طريق الحق " هذه عبارة في الحقيقة تكتب بماء الذهب كما يقول الناس... " من تدبر القرآن طالبا الهدى منه "لا بد من أمرين تبين له طريق الحق آيات مبينات قد أنزلنا آيات مبينات ومبينات " قراءتان سبعيتان ومثلا خبرا عجيبا وهو خبر عائشة رضي الله عنها من الذين خلوا من قبلكم أي من جنس أمثالهم أي أخبارهم العجيبة كخبر يوسف ومريم " يعني أنزل الله أيضا مثلا من الذي خلوا من قبلكم والله اعلم أن المراد بالمثل هنا وهو أعم من الواقع يعني أمثالا من الذين خلوا وليس هذا خاصا بخبر عائشة رضي الله عنها ومريم ويوسف بل هو أعم من ذلك لكن المؤلف قصره رحمه الله كعادته أن يقصر الآيات العامة على المعنى بحسب السياق وهذا نقص في الحقيقة صحيح أن السياق قد يقيد المطلق وقد يخصص العام لكن بدليل أم إن لم يكن دليل على أن هذا خاص فالأولى العموم فقوله مثلا من الذين خلوا من قبلكم هذا في الحقيقة قد يكون أعم مما ذكره المؤلف في القرآن إذن أحكام شرعية عبر عنها بالآيات المبينات وأخبار صادقة فيها العبرة عبر عنها بقوله و مثلا من الذين خلوا من قبلكم فالله سبحانه وتعالى ضرب لنا أمثالا ممن خلا من قبلنا لا فيما يتعلق بالعفة والصيانة ولا فيما يتعلق بالدين والإيمان والكفر نعم أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ دَمَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ايش بعدها ؟ وَلِلْكَافِرِينَ أَمْثَالُهَا [محمد:10] ولما ذكر الله سبحانه وتعالى قصة لوط قال وما هي من الظالمين ببعيد الإنسان العاقل يقيس بأن سنة الله واحدة والله جل وعلا البشر بالنسبة إليه سواء إلا بالتقوى فإذا أهلك الله أمة من الأمم السابقة بمخالفتهم فهل يمتنع أن يهلك هذه الأمة أيضا ؟ لا يمتنع وإن كان شيء وهو... الصالحين وهو الإهلاك العام هذا لا ينجي الصالحين بل قال بعض العلماء أنه لم يوجد من بعد إهلاك فرعون واستدلوا على ذلك بقوله : ولقد آتينا موسى الكتاب من بعد ما أهلكنا القرون الأولى قالوا فبعد ما نزلت التوراة على موسى عليه الصلاة ما أهلك الصالحين يعني إهلاك عام هذا هو الواقع في الحقيقة سواء دلت عليه الآيات أو لم تدل أن هذا هو الواقع وقوله مثلا من الذي خلو من قبلكم مثل قصة يوسف عليه السلام رمي بما رمي به وأنجاه الله عز وجل من الذي رماه بالفاحشة ؟ امرأة العزيز والعجيب أن امرأة العزيز هي التي راودته عن نفسه وغلقت الأبواب وهيأت كل شيء ولكنه عليه الصلاة والسلام همت به وهم بها لو أن رأى برهان ربه بعد أن هم مع توفر الأسباب وانتفاء الموانع ووجود الطلب والهمة بعد ذلك منعه ...وهذا أعظم ما يكون في العفة خلافا لمن ذهب يحاول كلمة هم يقول... همت به للزنى وهم بها ليبطش بها نعم هذا تناقض لكن يقال تمام العفة أن تحصل مع وجود الطلب هم بها ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم في الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله قال : رجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال إني أخاف الله ما فيه مانع إلا هذا لأن ما عندهم أحد والشهوة متوفرة والعزيمة موجودة الهم يعني لكن منعه خوف الله عز وجل وهو عليه الصلاة والسلام بعد أن همت به وهم بها وجد الان الطلب والسبب وانتفى المانع حينئذ رأى برهان ربه فتح الله عليه فانصرف أخيرا تبين أن الفاعل من ؟ امرأة العزيز ظهر ذلك علنا حتى أن يوسف عليه السلام من قوة صبره ومن حكمته لما دعي أن يخرج من السجن قَالَ ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ ما خرج حتى بان أمره وهذا يعتبر من الصبر العظيم وإلا قد يكون الإنسان مسجون ويقال له اطلع ...فيطلع ولكنه عليه الصلاة والسلام أبى حتى يكون بريئا تماما وهذا اللي حصل
بالنسبة لمريم رضي الله عنها نفس الشيء اليهود اتهموها بأنها زانية عرضوا تعريضا قالوا : يا أخت هارون ما كان أبوك امرأ سوء وما كانت أمك بغيا يعني ما كانوا كذلك ومثل ذلك امرأته وأمك ليست بغيا فمن أين جاءك البغاء هذا معنى كلامهم ولهذا اختلف العلماء هل يحد بالقذف إذا عرض أو لا يحد والصحيح أنه إذا كان التعريض واضحا يحد بل أنه أعظم كما يقول بعض العلماء إن التعريض بالزنا أعظم من التصريح به لأنه يتضمن قذفا ولوما مثل لو واحد جاء وقال لك الحمد لله أنا لا أزني... أنا أبين
الفتاوى المشابهة
- قال الله تعالى : << وقالوا لولآ أنزل عليه ءا... - ابن عثيمين
- تفسير قول الله تعالى : (( سنة الله في الذين... - ابن عثيمين
- تفسير قوله تعالى : (( ولقد أرسلنا موسى بآيات... - ابن عثيمين
- قال المصنف رحمه الله تعالى : الملك الحق المبين - ابن عثيمين
- تفسير قول الله تعالى : << يومئذ يوفيهم الله... - ابن عثيمين
- تفسير قول الله تعالى : [ إن للمتقين مفازا ..... - ابن عثيمين
- تكرار فوائد قوله تعالى : << طس تلك ءايات الق... - ابن عثيمين
- فوائد قوله تعالى : << طس تلك ءايات القرءان و... - ابن عثيمين
- قال الله تعالى : << طس تلك ءايات القرءان و ك... - ابن عثيمين
- فوائد قوله تعالى : << تلك ءايات الكتاب المبي... - ابن عثيمين
- تفسير قول الله تعالى : << ولقد أنزلنآ إليكم... - ابن عثيمين