تم نسخ النصتم نسخ العنوان
تفسير قول الله تعالى : << و الذين كفروا أعما... - ابن عثيمينثم قال الله تعالى:  والذين كفروا أعمالهم كسراب بقيعة  لما ذكر الله تعالى أعمال هؤلاء الرجال تلك الأعمال الفاضلة ذكر أعمال الذين كفروا ما شأنهم وهذا طريق...
العالم
طريقة البحث
تفسير قول الله تعالى : << و الذين كفروا أعمالهم كسراب بقيعة يحسبه الظمئان مآء حتى إذا جآءه لم يجده شيئا ووجد الله عنده فوفاه حسابه والله سريع الحساب >>
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
ثم قال الله تعالى: والذين كفروا أعمالهم كسراب بقيعة لما ذكر الله تعالى أعمال هؤلاء الرجال تلك الأعمال الفاضلة ذكر أعمال الذين كفروا ما شأنهم وهذا طريقة الله تعالى في كتابه إذا ذكر وصف المؤمن ذكر بعده وصف الكافر أو بالعكس وإذا ذكر وصف الجنة ذكر بعدها وصف النار أو بالعكس لأن القرآن مثاني تثنى فيه المعاني ويقابل بعضها ببعض هذه واحدة ولأن الإنسان إذا ذكرت له أوصاف أهل الخير وأوصاف أهل الجنة قد يغلب عليه جانب الرجاء فيهلك وإذا ذكر صفات النار وصفات أهل الشر يغلب عليه الخوف فيهلك أيضا
ولهذا اختلف أهل العلم هل الأولى أن يغلب الإنسان جانب الرجاء أو جانب الخوف أو يجعلهما سواء فقال الإمام أحمد ينبغي أن يكون خوفه ورجاؤه واحدا فأيهما غلب هلك صاحبه لأنه إن غلب عليك الخوف وقعت في القنوط من رحمة الله وإن غلب عليك الرجاء وقعت في الأمن من مكر الله وكلاهما طريق لا يليق بالمؤمن وقال بعض العلماء ينبغي للمريض أن يغلب جانب الرجاء لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بربه وينبغي للصحيح أن يغلب جانب الخوف وقال آخرون ينبغي عند فعل المعصية أن يغلب جانب الخوف وايش لأجل ؟ لأنه لو غلب جانب الرجاء قال إن الله غفور رحيم وأرجوا أن يغفر الله لي أمن المعصية وعند فعل الطاعة يغلب جانب الرجاء أن الله سبحانه وتعالى يقبل منه ويثيبه حتى لا ييأس قال ويدل على ذلك مثل قول النبي صلى الله عليه وسلم: ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة كذلك اعبد الله وأنت على رجاء أن يتقبل منك وعلى كل حال هذا القول في ظني أنه أرجح الأقوال أن عندما يكون الإنسان في جانب التعبد وفعل العبادة يغلب الرجاء ما يجزم بالرجاء في هذا لأن الله يقول: والذين يؤتون ما ءاتوا وقلوبهم وجلة يعني خائفة ألا يقبل منهم لكن المعنى أنه يغلب هذا مع الخوف وأما في جانب فعل المعصية فيغلب جانب الخوف لأجل ألا يقدم عليها معتمدا على الرجاء طيب على كل حال نحن شطحنا قليلا لكن قصدنا أن القرآن الكريم يذكر الله تعالى فيه هذا وهذا ليكون سير الإنسان معتدلا
قال: والذين كفروا أعمالهم كسراب بقيعة " جمع قاع أي في فلاة وهو شعاع يرى فيها نصف النهار في شدة الحر يشبه الماء الجاري " هذا تفسير للسراب والقيعة هي الفلاة السراب بالقيعة أظنكم تعرفونه كلكم في شدة الحر عندما تكون في فلاة من الأرض قيعة جمع قاع بخلاف الرملية لا يكون فيها هذا الشيء لكن القيعان ترى من بعد كأن في ذلك الجانب ماء فتظنه ماء فتقصده هؤلاء الكفار أعمالهم هكذا مثل السراب بالقيعة يحسبها الظمآن ماء وليست بماء كيف ذلك لأنهم يقولون ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله فيظنون أن هذا الشرك الذي يبعدهم عن الله حقيقة يظنونه يقربهم من الله عز وجل يظنون هؤلاء الشفعاء الذي سيتبرءون منهم إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا نعم يظنونهم شفعاء وتعرفون أن النفس إذا تعلقت بالشيء على أنه شفيع أو على أنه مقرب له إلى الله تتبعه والا لا ؟ تتبعه بلا شك هؤلاء مثل السراب في القيعة يحسبه الظمآن يظنه الظمآن أي العطشان ماءا هذا تشبيه بليغ يعني أنه يقصده بشدة ولهف معتقدا أنه ينقذه العطشان محتاج للماء والا لا فإذا رأى ما يشبه الماء قصده بشدة ولهف لأجل أن يدفع ضرورته به هل يظنه ينفعه والا لا ؟ ولولا أنه يظنه ينفعه ما ذهب إليه لكن النتيجة حتى إذا جاءه لم يجده شيئا مما حسبه إذا جاءه لم يجده شيئا ماذا تتصورون حاله حينئذ ؟ خيبة أمل عظيمة والعياذ بالله لا يتصورها أحد إنسان عطشان جاء إلى هذا السراب من بعيد ولاحظوا أيضا أن السراب لا يظهر في الأماكن القريبة من بعيد أبعد ما تراه من مكان بعيد يريد أن يشرب فتكون النتيجة أنه لا يجد شيئا مما حسبه يقول المؤلف " كذلك الكافر يحسب أن عمله كصدقة تنفعه حتى إذا مات وقدم على ربه لم يجد عمله أي لم ينفعه... ووجد الله عنده أي عند عمله فوفاه حسابه أي أنه جازاه عليه في الدنيا والله سريع الحساب أي المجازاة " طيب هذا الكافر يظن أن عمله ينفعه وتمثل المؤلف بذلك بالصدقة فيه نظر إلا إذا قصد بذلك ضرب المثل فهذا صحيح هذا من جملة الأعمال التي يفعلها الكفار يظنون أنها تنفعهم وهي لا تنفعهم ولكن ينبغي أن يقال هي أعم من ذلك ليس المراد فقط الصدقة بل حتى عبادة الأصنام يظنونها تنفعهم ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله ومع ذلك هذا كله لا ينفعهم سوف لا يجدون شيئا مما يظنونه ويحسبونه
وقوله وجد الله عنده عند هذا السراب لأنه الآن وصل إلى الموت فإذا مات فقد لاقى الله عز وجل ولهذا قال فوفاه حسابه هذا ظاهر السياق أما على رأي المؤلف فيجعل وجد الله عنده أي عند عمله تفريعا على قوله والذين كفروا لأن الذين كفروا عام فكأن يقال والذين كفروا أي الكافر عمله كذا وكذا سراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئا ووجد الله عنده أي عند ذلك العمل لقوله والذين كفروا أعمالهم فوفاه الحساب ولكن ظاهر الآية أن الضمائر تعود على أقرب مذكور وهو هذا العطشان الذي وصل إلى الماء عطشان فلم يجد شيئا فسيهلك وجد الله عنده فوفاه حسابه والله سريع الحساب حسابهم يعني جزاء عملهم وقوله سريع الحساب أي المجازاة ما المراد بالسرعة هنا هل المراد لقرب وقت المجازاة فتكون السرعة زمنية أو المراد إنجاز الحساب فتكون السرعة عملية أو كلاهما ؟ الله سريع الحساب هل المعنى في محاسبته سريع أو معناه حسابه للعباد قريب يحتمل كله فالحساب قريب حتى وإن طال في الدنيا بالإنسان فهو قريب قل متاع الدنيا قليل وكذلك عندما يحاسب الله الخلائق يوم القيامة يحاسبهم في نصف يوم كما قال الله عز وجل: أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلًا [الفرقان:24]استنبط العلماء من ذلك أنهم سيقيلون في منازلهم في مثل ذلك اليوم ولكن على كل حال اليوم الذي أشار الله إليه مقداره خمسين ألف سنة ومهما يكن من شيء فالله قادر على ما هو أبلغ من ذلك ولكن مع هذا هذه السرعة عظيمة وقدرة بالغة حتى لو خمسين ألف سنة خمسة وعشرين ألف سنة الخلائق من أولهم إلى آخره ما بين آدمي وجني وطير وغيرهم في نصف يوم الآن لو يحاسب الإنسان شخص يعامله لمدة سنة كم يبقى إذا كان الحساب دقيقا وكثيرا يبقى مدة وقد يكون الحساب مضبوطا وقد يكون غير مضبوط أما حساب الله عز وجل فهو مع سرعته لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها هذا مثل لكافر عمل يريد التقرب إلى الله عز وجل أو مثل آخر

Webiste