تم نسخ النصتم نسخ العنوان
فوائد حديث : ( إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس... - ابن عثيمينالشيخ : ففي الحديث فوائد منها: مشروعيّة الصّلاة عند دخول المسجد قبل أن يجلس لقوله  فلا يجلس حتى يصلّي ركعتين  وهل هذه المشروعيّة على سبيل الوجوب أو على ...
العالم
طريقة البحث
فوائد حديث : ( إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين ) .
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
الشيخ : ففي الحديث فوائد منها:
مشروعيّة الصّلاة عند دخول المسجد قبل أن يجلس لقوله فلا يجلس حتى يصلّي ركعتين وهل هذه المشروعيّة على سبيل الوجوب أو على سبيل الاستحباب؟ اختلف في هذا أهل العلم وأكثرهم على أنّها على سبيل الاستحباب، حجّة القائلين بالوجوب أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم نهى أن يجلس حتى يصلّي ركعتين والأصل في النّهي التّحريم لأنّها عبادة، والأصل في النّهي في العبادات هو التّحريم.
ومن الأدلّة أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم كان يخطب النّاس يوم الجمعة فدخل رجل فجلس فقال له: أصلّيت؟ قال: لا، قال: قم فصلّ ركعتين وتجوّز فيهما وجه الدّلالة أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم قطع الخطبة وهي موجّهة للنّاس، والنّاس مشرئبّون لاستماعها فقطعها ليخاطب هذا الرّجل
ثانيا أنّه أمره أن يصلّي ويتجوّز في صلاته مع أنّ الصّلاة هذه سوف يتشاغل بها عن استماع الخطبة، والتّشاغل عن استماع الخطبة محرّم لأنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: إذا قلت لصاحبك أنصت يوم الجمعة والإمام يخطب فقد لغوت هذا مع أنّه نهي عن منكر.
وجه ثالث أنّه قال تجوّز فيهما لما يدلّ على أنّ هذه الصّلاة شبه ضرورة تتقدّر بقدرها ولا شكّ أنّ هذا استدلال قويّ فالقول بوجوب تحيّة المسجد قويّ جدّا
أمّا حجّة القائلين بأنّها لا تجب احتجّوا بأمور: منها
أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم قال للرّجل الذي عليه خمس صلوات في اليوم واللّيلة قال: هل عليّ غيرها؟ الرجل قال النّبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم: لا، إلاّ أن تطوّع فقوله: لا يشمل كلّ صلاة سواء كانت ذات سبب أم لا، ولكنّ في هذا الاستدلال شيئا من النّظر لأنّ مراد النّبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم بذلك الصّلوات الخمس الدّائمة، فليس يوجد صلاة دائمة بدوام الأيّام واجبة غير هذه الصّلوات الخمس، نعم يستدلّ بهذا الحديث على عدم وجوب صلاة الوتر لأنّها صلاة تتكرّر في اليوم واللّيلة فيستدلّ بهذا الحديث على عدم وجوبها أي صلاة الوتر، ويقال في الرّدّ على هذا الدّليل صلاة دخول المسجد لها سبب عارض فتتقيّد بسببها كصلاة الكسوف مثلا على قول من يرى أنّها واجبة فإنّها خارجة عن الخمس لكن لها سبب أوجبها وكصلاة العيد فإنّها واجبة وهي خارجة عن الصّلوات الخمس لكن لها إيش؟
الطالب : سبب.

الشيخ : لها سبب وهو العيد، فمراد النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم بقوله: لا إلاّ أن تطوّع الصلوات إيش؟
الطالب : الخمس

الشيخ : التي تدور بدوران الأيّام، كذلك أيضا قالوا في ردّ هذا الاستدلال قالوا لو أنّ إنسانا نذر أن يصلّي وجبت عليه الصّلاة؟
الطالب : نعم.

الشيخ : وجبت عليه الصّلاة مع أنّها ليست من الصّلوات الخمس لكن لها سبب وهو النّذر فالمهمّ أنّ الاستدلال بهذا الحديث لا يستقيم
طيب قالوا ومن الأدلّة على أنّها ليست بواجبة أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم كان يأتي إلى الجمعة يأتي إلى الجمعة فيبدأ بالخطبة ولا يصلّي ركعتين وهذا يدلّ على أنّ تحيّة المسجد ليست بواجبة هذا الاستدلال قد يقول قائل أنّ فيه شيئا من النّظر لأنّ الخطيب لا يجلس في الخطبة إلاّ بين الخطبتين وهو جلوس يسير لإظهار الفرق بين إيش؟ الخطبتين بالفعل وبالقول، أمّا بالقول فسيسكت عند الخطبة الأولى وأمّا بالفعل فسيجلس، وأيضا الخطبة تابعة للصّلاة صلاة الجمعة وهو لم يجلس بعد الخطبة بل سيبدأ بصلاة الجمعة فضعف الاستدلال.
استدلوا أيضا بأنّ النّبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم لمّا دخل مكّة ودخل المسجد الحرام بدأ بالطّواف ثمّ صلّى بعد ذلك ركعتين وهذا الاستدلال أيضا فيه نظر لأنّ النّبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم ابتدأ الطّواف وجعل يمشي لم يجلس فإنّه عليه الصّلاة والسّلام لم يجلس بل طاف ثمّ صلّى ركعتين فالمهمّ أنّ القول بوجوب تحيّة المسجد قول قويّ لا يكاد الإنسان يأتي بدليل واضح يدلّ على عدم وجوبها.
استدلّوا أيضا بعدم الوجوب بقصّة كعب بن مالك رضي الله عنه حين دخل المسجد حين تاب الله عليه وتلقّاه النّاس يهنّئونه ولم يذكر في الحديث أنّه صلّى ركعتين، لكنّ هذا الاستدلال أيضا فيه شيء من النّظر لأنّه قد يقال أنّ كعب بن مالك ليس على وضوء، ومن ليس على وضوء لا تجب عليه الصّلاة فكيف يمكن أن نقول بوجوب الصّلاة وهو على غير وضوء؟ فإن قال قائل إنّ كعب بن مالك يحكي عن نفسه أنّه جاءته البشرى بعد صلاة الفجر والأصل بقاء وضوئه فقد دخل المسجد وهو على وضوء قلنا هذا ليس متعيّنا ليس متعيّنا وإذا كان الاحتمال في الاستدلال بطل الاستدلال به
استدلّوا أيضا بقصّة الثّلاثة الذين دخلوا المسجد فأحدهم جلس في الحلقة والثاني وراء الحلقة والثالث ولّى ولم يذكر أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم أمرهم بالصّلاة والجواب عنه أن يقال عن هذا الاستدلال أن يقال هذه قضيّة عين فلعلّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم شاهدهم حين دخلوا فصلّوا وليس في الحديث أنّهم لم يصلّوا ركعتين، على كلّ حال فالإنسان إذا أراد أن يبرئ ذمّته فلا يجلس إذا دخل المسجد وهو على طهارة حتّى يصلّي ركعتين.
من فوائد هذا الحديث أنّ الرّكعتين تصلّيان كلّ وقت لعموم قوله: إذا دخل أحدكم المسجد فإنّ إذا ظرف زمان مطلق غير مقيّد فيصلّي تحيّة المسجد في أيّ وقت دخل حتّى بعد صلاة الفجر، حتّى بعد صلاة الفجر، حتى بعد صلاة العصر، حتى عند قيام الشّمس عند الزّوال فيصلّي تحيّة المسجد متى دخل، وقيل لا يصلّي تحيّة المسجد لأنّ النّبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم قال: لا صلاة بعد صلاة الصبح حتى تطلع الشّمس ولا صلاة بعد العصر تغرب الشّمس وهذا نهي عن الصّلاة عن أيّ صلاة لأنّ " لا " نافية للجنس فيكون نفيها نصّا في التّعميم فلا يصلّي، ولكن الجواب عن هذا أن يقال هذا الحديث لا صلاة بعد صلاة الصّبح، ولا صلاة بعد صلاة العصر خاصّ في الوقت عامّ في الصّلاة، خاصّ في الوقت عامّ في الصّلاة كيف؟ خاصّ في الوقت من صلاة الفجر إلى طلوع الشّمس، من صلاة العصر إلى الغروب، عامّ في إيش؟
الطالب : في الصّلاة.

الشيخ : في الصّلاة، وحديث أبي قتادة عامّ في الوقت خاصّ في الصّلاة فبينهما عموم وخصوص من وجه، كلّ واحد منهما أعمّ من الآخر من وجه، وحينئذ ننظر أيهما أقوى عموما، فإذا نظرنا أيّهما أقوى عموما تبيّن أنّ الأقوى عموما حديث أبي قتادة إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلّي ركعتين فيؤخذ بعمومه ويقال في أيّ وقت تدخل المسجد فلا تجلس حتى تصلّي ركعتين، وهذا القول هو الرّاجح أنّ تحيّة المسجد ليس عنها وقت نهي
فإن قال قائل هل يمكن أن يقاس عليها بقيّة النّوافل التي لها سبب كسنّة الوضوء وصلاة الاستخارة فيما يفوت وما أشبه هذا؟ فالجواب نعم يقاس عليها لأنّ العلّة واحدة وهي وجود السّبب فلقوّة هذا السّبب ارتفع النّهي، وأيضا في بعض ألفاظ الحديث حديث النّهي: لا تتحرّوا الصّلاة وهذا يدلّ على أنّ المقصود بذلك من يتحرّى الصّلاة ويصلّي في وقت النّهي وهو الذي يصلّي صلاة تطوّع ليس لها سبب فالصّواب إذن الرّواية الأخرى عن الإمام أحمد وهي مذهب الشّافعي واختيار شيخ الإسلام ابن تيميّة أنّه لا نهي عن كلّ صلاة ذات سبب، كلّ صلاة لها سبب لا نهي عنها من ذلك مثلا ركعتا الوضوء وركعتا الطّواف وركعتا الاستخارة فيما يفوت وغير ذلك.
ومن فوائد هذا الحديث أنّه لو صلّى فريضة عند دخول المسجد لكفى، وجه الدّلالة أنّ الفريضة يصدق عليها أنّها ركعتان فإذا دخل المسجد وصلّى صلاة الفجر وجلس فقد أدّى ما عليه لأنّ الحديث عامّ فلا يجلس حتى يصلّي ركعتين والمقصود هو افتتاح المسجد بصلاة ركعتين وهذا يحصل بالفريضة كما يحصل بالنافلة.
ومن فوائد هذا الحديث أنّه لو صلّى ركعة واحدة لم تجزئه كما لو كان الإنسان لم يوتر فدخل المسجد فأوتر بركعة واحدة فإنّه لا يجزئ لظاهر الحديث لأنّه قال: حتى يصلّي ركعتين ولم يطلق يعني لم يقل حتى يصلّي فلو قال حتى يصلي فلا إشكال قال ركعتين، وكذلك لو دخل فصلّى صلاة المغرب فإنّه لم يصلّ ركعتين بل صلّى ثلاثا، لكن يقال إنّ النّبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم قال هذا في الشّيء الدّائم أمّا الشّيء النادر فإذا سمّي صلاة شرعا أجزأ عن ركعتين وعلى هذا فإذا دخل المسجد في آخر الليل ولم يوتر فأوتر بركعة ثمّ جلس فقد أدّى ما عليه ويكون قول الرّسول صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم حتى يصلّي ركعتين بناء على الغالب وإلاّ فلو صلّى ركعة واحدة أو ثلاث ركعات لأدّى ما عليه.
ومن فوائد هذا الحديث أنّه إذا دخل المصلّى فلا تحيّة عليه، المصلّى الذي أعدّه الإنسان مكانا للصّلاة في بيته أو في مزرعته أو ما أشبه ذلك لأنّ هذا المصلّى لا يسمّى مسجدا.
ومن فوائد هذا الحديث أنّه إذا دخل مصلّى العيد فلا يجلس حتى يصلّي ركعتين لأنّ مصلّى العيد مسجد
فإن قال قائل ما هو الدّليل على أنّ مصلّى العيد مسجد؟ فالجواب الدّليل على هذا أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم أمر النّساء أن يخرجن لصلاة العيد ليشهدن الخير ودعوة المسلمين وأمر الحيّض أن يعتزلن المصلّى وهذا الحكم خاصّ بالمساجد أعني أنّ الحائض لا تدخل المسجد خاص بالمساجد فلمّا ذكر النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم حكما خاصّا بالمساجد ثابتا لمصلّى العيد دلّ ذلك على أنّ مصلّى العيد مسجد، ولهذا قال فقهاؤنا رحمهم الله أعني الحنابلة قالوا مصلّى العيد مسجد لا مصلّى الجنائز مصلّى العيد مسجد لا مصلّى الجنائز، كيف مصلّى الجنائز؟ لأنّهم كانوا يجعلون للجنائز مصلّى خاصّا خارجا عن المسجد فلا يكون هذا المسجد الذي ترك للصّلاة على الأموات ليس له حكم المساجد بخلاف مصلّى العيد
فإن قال قائل أليس النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم في صلاة العيد لمّا دخل لم يصلّ ركعتين؟ فالجواب بل صلاّهما لأنّ صلاة العيد من حين يأتي الإمام يشرع فيها
فإن قال قائل النّاس يخرجون إلى مصلّى العيد مبكّرين وهو وقت نهي فما الجواب؟ الجواب أمّا على قول من يرى أنّه لا تصلّى تحيّة المسجد وقت النّهي فإنّه لا يصلّي، وأمّا على القول الرّاجح أنّه يصلّي تحيّة المسجد ولو وقت النّهي فليصلّ، يعني لا فرق بين مصلّى العيد والمساجد الأخرى.
ومن فوائد هذا الحديث تعظيم المساجد وهذا هو الشّاهد في سياق هذا الحديث في باب المساجد، تعظيم المساجد بحيث لا يجلس الإنسان فيها حتى يؤدّي التّحيّة لله عزّ وجلّ. العقيلي هل المصلّي يؤدّي التّحيّة لله؟
الطالب : أي نعم.

الشيخ : بإيش؟
الطالب : ركعتين.

الشيخ : لا، غير الرّكعتين؟ ألست تقول في الصّلاة التّحيّات لله؟ نحيّي الله عزّ وجلّ في صلاتنا " التّحيّات لله والصلوات والطّيّبات ".

Webiste