تم نسخ النصتم نسخ العنوان
التعليق على تفسير الجلالبين : (( رفيع الدرجا... - ابن عثيمينثم قال: "  رفيع الدرجات  أي الله عظيم الصفات، أو رافع درجات المؤمنين في الجنة " قوله:  رفيع  من الرفعة وهي العلو، فسرها المؤلف رحمه الله وعفا عنه بأحد م...
العالم
طريقة البحث
التعليق على تفسير الجلالبين : (( رفيع الدرجات )) أي الله عظيم الصفات ، أو رافع درجات المؤمنين في الجنة (( ذو العرش )) خالقه (( يلقي الروح )) الوحي (( من أمره )) أي قوله (( على من يشاء من عباده لينذر )) يخوف الملقى عليه الناس (( يوم التلاق )) بحذف الياء وإثباتها يوم القيامة لتلاقي أهل السماء والأرض ، والعابد والمعبود ، والظالم والمظلوم فيه .
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
ثم قال: " رفيع الدرجات أي الله عظيم الصفات، أو رافع درجات المؤمنين في الجنة " قوله: رفيع من الرفعة وهي العلو، فسرها المؤلف رحمه الله وعفا عنه بأحد معنيين، أن المراد بالرفعة العظمة والمراد بالدرجات الصفات، أي أن الله تعالى عظيم الصفات، والمعنى الثاني رفيع الدرجات أي رافع درجات غيره وهم المؤمنون في الجنة، وكلا المعنيين تحريف للكلم عن مواضعه، لأن رفيع اسم فاعل أو صفة مشبه فاعلها يعود على الله عز وجل المذكور في قوله: فادعوا الله مخلصين له الدين وعلى هذا فلا يصح أن تفسر بأن المراد رافع درجات المؤمنين لأنه على هذا التفسير تكون الدرجات درجات غيره، درجات المؤمنين، ولا يصح أن تفسر رفيع الدرجات بعظيم الصفات لما بينهما من الفرق العظيم، لكن المؤلف عفا الله عنه فسرها بهذا التفسير فرارا من إثبات العلو الذاتي لأنه ممن لا يرون ذلك أنه عال بذاته، فلهذا حرف القرآن إلى أحد هذين المعنيين وكلاهما باطل، والصواب أنه سبحان هو رفيع الدرجات، ويدل لهذا ويعينه قوله: ذو العرش أي صاحب العرش والعرش هو أعلى المخلوقات، فكأنه قال رفيع الدرجات فوق العرش، وهذا هو المتعين.
وقول المؤلف: " خالقه " فيه أيضا إشارة إلى إنكار الاستواء، لأن معنى ذو العرش أي صاحبه المستوي عليه، هذا هو المعنى، ولهذا لا يقال: ذو الأرض ولا ذو السماء ولا ذو الجبال ولا ذو السحاب مع أنه خالقها، فتفسيره ذو العرش بخالقه لا شك أنه تحريف للكلم عن مواضعه فرارا من إثبات الاستواء على العرش، وتفسير الآية المتعين أن نقول: إنه رفيع الدرجات أي هو نفسه عز وجل مرتفع، بل رفيع الدرجات أتى بالصفة المشبهة الدالة على الثبوت والدوام، والدرجات من الدرجات المعروفة أي ما كان بعضه فوق بعض حتى يصل إلى الغاية، وأما ذو العرش فمعناه صاحب العرش المختص بالاستواء عليه، هذا هو المتعين من الآية.
" يلقي الروح الوحي من أمره أي من قوله على من يشاء من عباده إلى آخره " يلقي الروح الروح الوحي لقوله تعالى: وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا وسمى الله تعالى الوحي روحا لأن به حياة القلوب، وقوله: " من أمره أي قوله " وهذا جيد، هذا التفسير، يعني أن الوحي من قول الله عز وجل يقول فيسمع جبريل ثم ينزل به إلى من شاء الله سبحانه وتعالى، وقوله: على من يشاء من عباده ولم يبين من هؤلاء، ولكننا نعلم أنهم الأنبياء لأنهم هم الذين يلقى إليهم الوحي سواء كانوا رسلا أم غير رسل، ثم إن قوله: على من يشاء إطلاق المشيئة في كل موضع جاءت في القرآن مقيد بالحكمة، كلما رأيت الله يقول يشاء فإنه مشيئة مقرونة بالحكمة لقوله تعالى : لمن شاء منكم أن يستقيم وما تشاءون إلا أن يشاء الله رب العالمين ولقوله تعالى : وما تشاءون إلا أن يشاء الله إن الله كان عليما حكيما ومن هؤلاء الذين يشاء الله تعالى أن يلقي عليهم الروح ؟ بينهم الله في قوله : الله أعلم حيث يجعل رسالته وقوله: من عباده المراد بالعباد هنا العبودية الخاصة، وهم الذين آمنوا بالله عز وجل بل ما هو أخص وهم الرسل.
لينذر يوم التلاق قال: " لينذر يخوف " واللام هنا للتعليل، والإنذار هو الإعلام المقرون بالتخويف ولهذا قال المؤلف: " ليخوف " تفسيرا بلازمه وإلا فإن الإنذار إعلام مقرون بتخويف، وقوله: " الملقى عليه الناس " أفادنا المفسر رحمه الله أن فاعل ينذر هو الملقى عليه وهو الرسول، ولا شك أنه هو المنذر مباشرة، ويحتمل أن الفاعل يعود على فاعل يلقي الروح وهو الله عز وجل، أي لينذر الله، والحكمة من عدم ذكر الفاعل والله أعلم ليصلح الفعل للأمرين، أي ليكون صالحا لأن يعود الإنذار إلى الله وأن يعود إلى الرسول، فإن عاد إلى الله فلأنه الأصل، وإن عاد إلى الرسول فلأنه المبلغ المباشر للإنذار.
وقوله: " الناس " هذا تقدير للمفعول الأول الذي هو مفعول ينذر، لأن ينذر تنصب مفعولين ليس أصلهما المبتدأ والخبر، المفعول الأول يكون محذوفا أو المفعول الثاني يكون محذوفا قال الله تعالى : وأنذرهم يوم الآزفة هذا موجود فيه المفعولين جميعا وأنذر الناس يوم يأتيهم كذلك المفعولان جميعا، وقد يحذف أحدهما إما الأول وإما الثاني لدلالة السياق عليه.
" لينذر يوم التلاق بحذف الياء وإثباتها " أي أن فيها قراءتين التلاقي بالياء، والتلاق بحذف الياء، أما إثبات الياء فلأنه الأصل، وأما حذف الياء فللتخفيف، مثل قوله تعالى: الكبير المتعال أصلها المتعالي لكن حذفت الياء للتخفيف، فهنا التلاق أصلها التلاقي وحذفت الياء للتخفيف، ويوم التلاق هو يوم القيامة وعلل المفسر ذلك بقوله: " لتلاقي أهل السماء والأرض، والعابد والمعبود، والظالم والمظلوم فيه " أي في ذلك اليوم، ولو قلنا بمعنى أعم: لتلاقي الخلائق في ذلك اليوم، لأن كل شيء يلاقيه الآخر حتى الوحوش وإذا الوحوش حشرت فسمي يوم التلاقي لتلاقي الخلق فيه، يحشر الله عز وجل الخلائق كلها في ذلك اليوم فيتلاقون.

Webiste