تم نسخ النصتم نسخ العنوان
التعليق على تفسير الجلالين : (( ولقد جاءكم ي... - ابن عثيمينثم قال تعالى : { ولقد جاءكم يوسف من قبل بالبينات فما زلتم في شك مما جاءكم به } هذا من كلام من؟ من كلام الرجل المؤمن المحذر، قال: { لقد جاءكم } الجملة هن...
العالم
طريقة البحث
التعليق على تفسير الجلالين : (( ولقد جاءكم يوسف من قبل )) أي من قبل موسى وهو يوسف بن يعقوب في قول عمر إلى زمن موسى ، أو يوسف بن إبراهيم بن يعقوب في قول (( بالبينات )) بالمعجزات الظاهرات (( فما زلتم فى شك مما جاءكم به حتى إذا هلك قلتم )) من غير برهان (( لن يبعث الله من بعده رسولا )) أي فلن تزالوا كافرين بيوسف وغيره.
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
ثم قال تعالى : { ولقد جاءكم يوسف من قبل بالبينات فما زلتم في شك مما جاءكم به } هذا من كلام من؟ من كلام الرجل المؤمن المحذر، قال: { لقد جاءكم } الجملة هنا مؤكدة بثلاثة مؤكدات:
باللام وقد والقسم وكلما جاءتك صيغة كهذه فإنها مؤكدة بثلاثة مؤكدات: اللام وقد والقسم، لأن تقدير الكلام: والله لقد جاءكم.
وقوله: { يوسف } المراد به يوسف بن يعقوب، فإن قال إنسان: كيف يخاطبهم فيقول: جاءكم، ويوسف بن يعقوب قبلهم بأزمان كثيرة ؟
فيقال: إن ما حصل للأسلاف فهو للأخلاف، يعني أن من جاء أسلافهم فهو كالذي جاءهم، ودليل ذلك أن الله يخاطب بني إسرائيل في عهد النبي صلى الله عليه وسلم بما حصل لأسلافهم في عهد موسى، وبينهم قرون كثيرة: { وإذ قلتم يا موسى لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة فأخذتكم الصاعقة وأنتم تنظرون ثم بعثناكم من بعد موتكم لعلكم تشكرون وظللنا عليكم الغمام } معلوم أن هذا كله لم يحصل لليهود في عهد النبي صلى الله عليه وسلم لكنه حصل لأسلافهم، فما كان من الأمة من أولها فإنه ثابت للأمة في آخرها. إذن لا إشكال في هذه الآية ما دمنا نقول أنه قد جاء أسلافهم، وأن ما يحصل من أسلافهم فيما سبق يكون منسوبا إلى الجميع إذا لم يخرجوا عن هذا المنهاج.
" { ولقد جاءكم يوسف من قبل بالبينات } أي من قبل موسى، وهو يوسف بن يعقوب " إلى آخره.
قوله: { من قبل } لماذا جرها بالضم والمعروف أن من حرف جر إذا دخلت على كلمة جرتها كسرتها، تقول: من زيد، فهنا قال: من قبل ؟ طيب أحيانا تبنى وأحيانا تعرب، متى تبنى ومتى تعرب ؟ إذا لم تضف بنيت، طيب وإذا أضيفت ؟ مطلقا.
حذف المضاف إليه ونوي معناه، لأنه إما أن يوجد المضاف أو يحذف وينوى معناه، أو يحذف وينوى لفظه، أو يحذف ولا ينوى لا لفظه ولا معناه، فالأقسام أربعة، تبنى في واحد منها والباقي معربة، تبنى إذا حذف المضاف إليه ونوي معناه.
فإن قال قائل: ما هو الدليل ؟ قلنا: الدليل أنها تكون مضمونة لأنها تبنى على الضم، فإذا كلمنا من هو عالم بالعربية وبناها على الضم عرفنا أنه حذف المضاف ونوى معناه.
يقول: { من قبل } أي من قبل مجيء موسى عليه الصلاة والسلام " وهو يوسف بن يعقوب في قول عمِّر إلى زمن يوسف أو يوسف بن إبراهيم بن يوسف بن يعقوب في قول " يعني حكى المؤلف رحمه الله قولين في المراد بيوسف، فقيل أنه يوسف بن يعقوب وأنه عمر إلى زمن موسى، وهذا قول باطل لا إشكال فيه، ليس بصحيح بل هو باطل، لأنه لو كان الأمر كذلك لكان يأتي موسى ويتصل به لأنهم كلاهما رسول.
القول الثاني: أنه يوسف وجده يوسف بن يعقوب، يوسف بن إبراهيم بن يوسف وهذا أيضا لا دليل عليه، والصواب أن المراد به يوسف بن يعقوب وأنه لم يعمر إلى زمن موسى، وأنه مات في زمنه، لكنه جاء أسلافهم لأنه كما تعرفون يوسف عليه الصلاة والسلام هاجر من الشام إلى مصر، بل لم يهاجر أخذه المارة الذين مروا بالبئر الذي ألقي فيها وذهبوا به إلى مصر، والقصة معروفة في سورة كاملة.
وقوله: { بالبينات } البينات من بان يبين إذا ظهر، ومعلوم أنها وصف لموصوف محذوف، وذلك لأنه يجوز أن يحذف النعت وأن يحذف المنعوت إذا دل عليه دليل، فما هو الموصوف هنا المحذوف ؟ المحذوف تقديره الآيات، كما يعبر به في القرآن كثيرا، بآيات بينات وما أشبهها.
وأما قوله: " بالمعجزات " فإن هذا تعبير متأخر لم يعرف في عهد السلف، وهو تعبير ناقص، لأن كلمة معجزة تشمل ما يفعله السحرة والمشعوذون من الأمور الخارقة للعادة، فإنها تعجز من ليس منهم، ولكنه إذا قيل آية بمعنى علامة صارت أبين وأوضح وأوفق لموافقتها للتعبير القرآني، على أنه لا يمكن أن تكون آية لرسول إلا والناس يعجزون عنها، لماذا ؟ لأنهم لو كانوا يستطيعون أن يأتوا بمثلها لم تكن آية للنبي، إذ كل واحد يأتي بها، طيب إذن تقدير الكلام بالآيات البينات، ولكن حذف الموصوف لدلالة السياق عليه، ومنه قوله تعالى : { أن اعمل سابغات وقدر في السرد } يعني أن اعمل دروعا سابغات، طيب.
{ بالبينات فما زلتم في شك مما جاءكم به } يعني من وقت يوسف إلى وقت موسى وآل فرعون، وإن شئت فعبر بالقبط، في شك مما جاء به يوسف، فلم يؤمنوا به الإيمان الواجب الخالي من الشك.
" { حتى إذا هلك قلتم } من غير برهان { لن يبعث الله من بعده رسولا } " يعني أنهم كانوا في شك مما جاء به يوسف ولم يصدقوه، ولما هلك قالت لهم نفوسهم: الآن استرحتم فلن يبعث الله من بعده رسولا، كفيتم، هلك من أرسل فكذبتموه فاطمئنوا لن يبعث الله من بعده رسولا، فكانوا قالوا ذلك بناء على أمنية كاذبة، لأنهم قالوا: هذا الرسول الذي جاءنا وتوعدنا إن خالفناه مات هلك، فلن يأتي من بعده رسول، وحينئذ نكون قد استرحنا من الرسل ومشاكلهم على زعمهم.
" { قلتم لن يبعث الله من بعده رسولا } أي: فلن تزال كافرين بيوسف وغيره " لأنهم إذا قرروا في أنفسهم أن الله لن يبعث رسولا فسوف يكذبون كل من جاء من الرسل من بعد يوسف بناء على هذه العقيدة الفاسدة التي أصلوها.

Webiste