تم نسخ النصتم نسخ العنوان
التعليق على تفسير الجلالين : (( ولا تستوي ال... - ابن عثيمينقال الله تبارك وتعالى:  ولا تستوي الحسنة ولا السيئة  " ولا تستوي الحسنة ولا السيئة في جزئياتهما، لأنَّ بعضَهما فوق بعض " قوله: ولا تستوي الحسنة ولا السي...
العالم
طريقة البحث
التعليق على تفسير الجلالين : (( ولا تستوي الحسنة ولا السيئة )) في جزاءاتهما ، لأن بعضهما فوق بعض (( ادفع )) السيئة (( بالتي )) أي بالخصلة التي (( هي أحسن )) كالغضب بالصبر والجهل بالحلم والإساءة بالعفو (( فإذا الذى بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم )) أي فيصير عدوك كالصديق القريب في محبته إذا فعلت ذلك ، فالذي مبتدأ ، و كأنه الخبر ، و إذا ظرف لمعنى التشبيه .
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
قال الله تبارك وتعالى: ولا تستوي الحسنة ولا السيئة " ولا تستوي الحسنة ولا السيئة في جزئياتهما، لأنَّ بعضَهما فوق بعض " قوله: ولا تستوي الحسنة ولا السيئة فسَّرها المؤلف بأنَّ المعنى: لا تستوي الحسنات بعضُها مع بعض ولا السيئات بعضُها مع بعض، وعلى هذا التفسير تكون لا غير زائدة، تكون أصلية، ويكون المراد بالآية: انتفاء تساوي الحسنات وانتفاء تساوي السيئات وهذا أمْرٌ لا إشكال فيه أنَّ الحسنات بعضها أحسن من بعض وأفضَل من بعض وأوكد من بعض، وكذلك السيئات بعضها أسْوأ من بعض وأشَدّ، لكنَّ هناك تفسيرًا آخر وهو: أنَّ المعنى أنَّ الحسنات والسيئات لا تتساوى بدليل قوله: ادفع بالتي هي أحسن إلى آخره وبناءً على ذلك تكون لا زائدةً للتوكيد كما هي في قوله تعالى: غير المغضوب عليهم ولا الضالين فإن لا هنا زائدةٌ للتوكيد ولهذا لو قلت في غير القرآن العزيز لو قلت: غير المغضوب عليهم والضالين لاستقام الكلام، فإذا قال قائل: هل هناك ترجيح؟ قلنا: المؤلف رجَّح المعنى الأول وهو أنَّ الحسنات لا تتساوى والسيئات لا تتساوى، وبعضُهم رجَح الثاني لأنه قال: فإذا الذي بينك وبينه عداوة إلى آخره، ولو قيل بالمعنيين جميعًا لم يكن هناك بأس، وذلك لأن الآية إذا كانت تحتمل معنَيين على السواء وهما لا يتنَافيان فإنها تُحمَل عليهما جميعًا هذه القاعدة في أصول التفسير، الحسنة ما يحسن ذكرُه والسيئة ما يسوء ذكرُه هذا التفسير العام للحسنة وللسيئة. قال:" ادفع السيئة بالتي أي بالخصلة التي هي أحسن " إلى آخرِه الغريب أنَّ كلام المؤلف في ادفع بالتي هي أحسن يقتضي أنَّ معنى الجملة قبلَها: لا تستوي الحسنة مع السيئة، " ادفع السيئة بالتي أي بالخصلة التي هي أحسن " أفادنا رحمه الله أنَّ التي صفةٌ لموصوف محذوف أي: بالخصلة التي هي أحسَن، أحسن من أين؟ من السيئة، فإذا قال قائل: السيئة ليس فيها حُسن فكيف يقول: أحسن مِن السيئة؟ قلنا: إنَّ اسم التفضيل قد يأتي وليس في الطرف الآخر منه شيء كما في قوله تعالى: أصحاب الجنة يومئذ خيرٌ مستقرًّا وأحسن مقيلًا مع أنَّ أصحاب النار ليس في مستقَرِّهم خير ولا في مقيلِهم خير، ويكون معنى الآية أنَّه لما كان مِن المعتاد أنَّ الإنسان لا يدفَعُ السيئة بالتي هي أحسن أمرَه الله أن يدفع بالتي هي أحسن، وذلك لأن مُدافعة السيئة تكون على ثلاثة وجوه: الوجه الأول: أن يدفَع سيئةً بمثلها وهذا جائِز، والثانية: أن يدفَع السيئة بحسنة لكن هناك شيءٌ أحسَن منها وهذا أيضًا جائز وهو أعلى من الأول، الثالث: أن يدفَع السيئة بالتي هي أحسن يعني بأحسَن ما يدفَعُها به وهذا أفضَل وأطيب وهو الذي أمر الله به، فصارت مقابلة السيئة على ثلاثة وجوه: الأول السيئة بمثلها وجزاءُ سيئةٍ سيئةٌ مثلُها ، الثانية: بحسنة لكن غيرَها أحسن، الثالث: بالتي هي أحسن، يعني إذا أساء إليك إنسان فلا تقابِلْه بإساءة ولا تقابِلْه بحسنة أيضًا قابِلْه بما هو أحسن، يقول المؤلف ممثِّلًا: " كالغضب بالصبر والجهل بالحلم والإساءة بالعفو " هذه أمثلة: الغضب بالصبر يعني إذا غضِب عليك إنسان فاصبِر وتحمَّل، الجهل بالحلم إذا جهل عليك إنسان بالإساءة فقابِلْه بالحِلْم، فإذا قال إنسان: الجهل هل هو يُقابِل الحلم أو يقابِل العِلْم؟ قلنا: أما الجهل الذي هو عدم العلم فيُقابَل بالعلم، وأما الجهل الذي هو ضِدُّ الحِلْم بمعنى أن يكون الإنسان ذا عدوان على الغير فهذا يُقابَل بالحلم، قال الشاعر العربي:
ألا لا يجهلن أحَدٌ علينا فنجهَلَ فوقَ جهْلِ الجاهِلين
وكذلك الإساءة بالعفو إذا أساء إليك إنسان فاعْفُ عنه، وقد سبق مرارًا ونكَرِّرُه تَكْرارًا أنَّ العفوَ إنما يُندَب إليه إذا كان فيه إصلاح، لقوله تعالى: فمن عفا وأصلح فأجرُه على الله .
فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنَّه ولِيٌّ حميم فإذا إذا فجائية والفاء عاطفة أي: فإذا دفعْتَ بالتي هي أحسَن فاجَأَتْك هذه الحالة وهي: أن تنْقَلِب عداوة الشخص الذي أساء إليك فيصيرَ كأنَّه وليٌّ حميم يعني صديقًا قريبًا، واضح؟ وتأمَّل كون الجواب بـإذا الفجائية ليتَبَيَّنَ لك أنَّ انقلابَ عداوتِه إلى ولاية حميمة لا يتأخر كثيرًا، لأنَّ إذا الفجائية تدل على الفورِيَّة، فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم لو كان المخبِر بذلك غيرَ الله عز وجل لكان الإنسان يترَدَّد وكيف ينقلِب العدو صديقًا حميمًا بهذه السرعة؟ نقول: إنَّ الذي أخبر بذلك هو الله عز وجل ومَن أصدق مِن الله قيلًا، ثم إنَّ الذي أخبر بذلك هو الذي قلوبُ بني آدم بين أصبعين من أصابعِه يقلِّبها حيث يشاء، لا تستبْعِد هذا الأمور بيد الله وكم من عَدُوٍّ انقلَبَ صديقًا وصديقٍ انقلَبَ عدُوًّا، " فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم أي فيصير عدوك كالصديق القريب بمحبته إذا فعلت ذلك، فـالذي مبتدأ وكأنه الخبر وإذا ظرفٌ لمعنى التشبيه " فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه أعرَبَها المؤلف يقول: الذي مبتدأ وبينك وبينه عداوة هذا صفة الموصوف، وكأنه الخبر خبر ايش؟ خبر المبتدأ الذي، وإذا ظرف لمعنى التشبيه إذا في قوله: فإذا الذي ظرف لمعنى التشبيه الذي هو كأنه، لأنَّ التشبيه مُضَمَّنٌ معنى الفعل فلذلك صَحَّ أن يتعَلَّق به الظرف، هذا ما ذهب إليه المؤلف بالنسبة لـإذا والصحيح أنَّ إذا فُجائية لا تحتاج إلى متعَلَّق

Webiste