وللحكيم معنى آخر غير الحكمة وهو الحاكم، لأن هذه المادة ح ك م تدل على المعنيين على الحكمة وعلى الحكم، فهو سبحانه وتعالى هو الحاكم يحكم في الناس ويحكم بين الناس، يحكم في الناس بما يلزمهم به من الأحكام الشرعية، ويحكم بين الناس فيما يختصمون فيه فهو الحاكم، وحكمه مبني على العدل التام، لا ظلم ولا جور لا بالنسبة لا يحكم به بين الناس ولا بالنسبة لما يحكم به في الناس، كله عدل كله خير، إذن الحكيم له معنى آخر وهو الحكم، الحكم ينقسم إلى حكم قدري وحكم شرعي، ولهذا إذا أصيب الإنسان بمصيبة قال: هذا حكم الله، هذا تعبير عامي، يعني القدري أو الشرعي ؟ القدري، لكن إذا قيل له: يجب عليك كذا وكذا قال: ليش يحب ؟ قال: هذا حكم الله الشرعي، وكلاهما في القرآن، فمن الأول أعني الحكم القدري قول الله تبارك وتعالى عن أخ يوسف: { فلن أبرح الأرض حتى يأذن الله أبي أو يحكم الله لي } أي يقدر لي، لم يقل: يحكم في قال: { أو يحكم الله لي } فالحكم هنا قدري، ومثال الثاني الحكم الشرعي قول الله تبارك وتعالى حينما ذكر أحكام الكافرات اللاتي يأتين من الكفار إلى المؤمنين قال: { ذلكم حكم الله يحكم بينكم } حكم الله الشرعي أو الكوني ؟ الشرعي، طيب ما الفرق بين الحكم الشرعي والحكم القدري ؟ الفرق بينهما أن الحكم القدري يكون فيما يرضاه الله وفيما لا يرضاه الله، يسرق الرجل يزني يشرب الخمر، هذا من حكم الله القدري أو الشرعي ؟ القدري، وهذا لا يرضاه الله، يصلي الإنسان يتصدق يصوم يحج هذا حكم الله كوني أو شرعي ؟ هو قدري لكن يرضاه الله أو لا يرضاه الله ؟ يرضاه الله، إذن الحكم الكوني أو القدري إن شئت يكون فيما يرضاه الله ومالا يرضاه الله، أما الحكم الشرعي فلا يكون إلا فيما يرضاه الله، فلا يحرم الله شيئا إلا وهو يرضى ألا يكون، ولا يوجب شيئا إلا وهو يرضى أن يكون،
كذلك أيضا فرق آخر الحكم الكوني أو القدري والمعنى واحد لا بد من وقوعه، إذا حكم الله بشيء كونا لابد أن يقع، الحكم الشرعي قد يقع وقد لا يقع، هل كل الناس ملتزمون بأحكام الله الشرعية ؟ لا، فهذان فرقان بين الحكم الكوني والحكم الشرعي وكلاهما يتضمنه قوله تعالى: { الحكيم } .