تم نسخ النصتم نسخ العنوان
شرح قول المصنف : قوله تعالى : (( من كان يريد... - ابن عثيمينالشيخ : قال : وقوله تعالى { من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها } الحياة الدنيا وزينتها، الحياة الدنيا يعني البقاء فيها، وزينتها مثل ما قال الله { المال و...
العالم
طريقة البحث
شرح قول المصنف : قوله تعالى : (( من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها وهم فيها لا يبخسون ))
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
الشيخ : قال : وقوله تعالى { من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها } الحياة الدنيا وزينتها، الحياة الدنيا يعني البقاء فيها، وزينتها مثل ما قال الله { المال والبنون زينة الحياة الدنيا } يعني: يريد المال والبنين والنساء والحرث والخيل المسومة والأنعام وما أشبه ذلك، هذه كلها من زينة الدنيا كما قال الله عز وجل: { زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث ذلك متاع الحياة الدنيا } هذه زينة الدنيا ما ذكره الله في هذه الآية، من يريدها يقول الله عز وجل { نوفّ إليهم أعمالهم }، ومن الغرائب أن الفعل المضارع يأتي مكسورا في القرآن، والكسر من علامات الاسم، فما هو الجواب يا غانم؟ نوفِّ فعل مضارع مكسور، والكسر من علامات الأسماء؟
الطالب : ما أعرف

الشيخ : ما تدري؟ مع أن ...
الطالب : لأنه فعل معتل الآخر.

الشيخ : ويكون مكسور ؟
الطالب : مجزوم.

الشيخ : جزم بحذف؟
الطالب : بحذف حرف العلة.

الشيخ : أي، صح، أصل نوفّ نوفّي، لكنه جواب الشرط من كان، فجزم بحذف الياء، واضح ؟
طيب، { نوف إليهم أعمالهم فيها }، نوفّ يعني نُوْفي لهم الأعمال التي يريدون يعطون إياها، ومن ذلك الكفار يريدون الحياة الدنيا وزينتها ولا يسعون إلا للدنيا وزينتها، ولذلك عجلت لهم طيباتهم في حياتهم الدنيا، قال الله تعالى: { ويوم يعرض الذين كفروا على النار أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا واستمتعتم بها } ولما بكى عمر حين رأى النبي صلى الله عليه وسلم قد أثّر في جنبه الفراش، فقال: "ما يبكيك ؟ قال يا رسول الله كسرى وقيصر يعيشان فيما يعيشان فيه من نعيم وأنت على هذا الحال؟! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أولئك قوم عجل لهم طيباتهم" هؤلاء وفاهم الله أعمالهم، ولكنه في الحقيقة ضرر عليهم، لأنهم إذا ماتوا انتقلوا من هذا النعيم فجأة إلى دار الجحيم والعياذ بالله، فصار هذا أشد وأعظم في فقد ما متعوا به في الدنيا.
وقوله { وهم فيها لا يبخسون } ما معنى البخس؟ النقص، يعني لا يبخسون مما يجازون به، لأن الله عز وجل عدل لا يظلم، فيعطون ما أرادوا، ولكن هل هذه الآية على عمومها؟ لا، هذه الآية خصت بقوله تعالى: { من كان يريد العاجلة عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد ثم جعلنا له جهنم يصلاها مذموما مدحورا } شف من كان يريد العاجلة، ما هي العاجلة؟ الدنيا، { عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد } إذن الآية التي معنا على عمومها، ولا لأ؟
الطالب : على عمومها.

الشيخ : التي معنا في الأصل؟ في الكتاب؟ ليست على عمومها، بل هي مخصوصة بتلك الآية. فإذا قال قائل: لماذا لا تجعلون هذه الآية حاكمة على تلك، فيكون الله تعالى بالأول وعد من كان يريد العاجلة بأنه يعجل له فيها ما يشاء لمن يريد، ثم بعد ذلك وعده بأن يعطيه ما شاء؟ قلنا: هذا لا يستقيم لسببين، السبب الأول: أن القاعدة الشرعية، بل الجادة المستمرة في النصوص أن الأخص مقدم على الأعم، يخصصه، وهذه الآية عامة بلا شك، أن كل من أراد الحياة الدنيا أيش؟ وفّي إليه العمل وأعطي بدون نقص، وتلك آية الإسراء مقيدة ولا لأ؟
الطالب : مقيدة.

الشيخ : نعم، عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد، ولا يمكن أن يحكم بالأعم على الأخص. السبب الثاني: أن الواقع يشهد لما تدل عليه آية الإسراء، توافقونني؟
الطالب : نعم.

الشيخ : كيف؟
الطالب : لأن الكفار بعضهم.

الشيخ : لأن الكفار فيهم أفقر من أفقر المسلمين، ولا لأ؟ ولهذا يقولون في الرجل الفقير المسلم اللي ما يصلي مثلا يقولون هذا مثل فقر النصارى، لا دين ولا دنيا، فقر النصارى الفقير، هذه عبارة العامة فقر يعني فقير النصارى، لا دين ولا دنيا، فإذن يكون عموم هذه الآية مخصوصا بآية الإسراء، أن الأمر موكول إلى مشيئة الله سبحانه وتعالى حين يريده.
{ أولئك الذين ليس لهم في الآخرة إلا النار } { أولئك } المشار إليه من ؟ الذين يريدون الحياة الدنيا وزينتها، ليس لهم في الآخرة إلا النار، شف هذه فيها حصر، أيش طريقه ؟ النفي والإثبات، { ليس لهم } نفي { إلا النار } إثبات، ومعنى ذلك أنهم لن يدخلوا الجنة، لأن الذي ليس له إلا النار محروم من الجنة والعياذ بالله.
{ وحبط ما صنعوا فيها } حبط أيش معنى الحبوط؟ الحبوط بمعنى الزوال والترك، يعني: أنه زال عنهم ما صنعوا في الدنيا { وباطل ما كانوا يعملون } وباطل وش تعربون باطل؟
الطالب : ...

الشيخ : أو خبر مقدم؟ خبر مقدم، يعني: وما كانوا يعملون باطل، وتقديم الخبر هنا واضح، لأجل مراعاة الفواصل في الآيات. إذن بين الله عز وجل أن هؤلاء ليس لهم في الآخرة إلا النار، وأن ما صنعوا في الدنيا حبط، وأن أعمالهم باطلة، كل ما صنعوه في الدنيا من زينتها من قصور وغيرها كله حبط وزال، ولم ينتفعوا به، وأعمالهم ما لها نتيجة ولا ثمرة باقية
بعد هذا التقرير فيمن نزلت هذه الآيات؟ قولوا فيمن نزلت؟ في المؤمنين؟ في الكافرين؟
الطالب : في الكفار.

الشيخ : إذا تأملت الآيات وجدت أنها نازلة في الكفار، أهل مكة وغيرهم، في كل كافر، لأن الكافر والعياذ بالله ما يريد إلا الحياة الدنيا، الكافر لا يريد إلا الحياة الدنيا، فإذا قلنا إنها نازلة في الكفار كما يدل عليه سياق الآية والجزاء المرتب على هذا، فما هو مناسبتها للترجمة؟ مناسبتها أنه إذا كان هذا عمل الكافرين، إذا كان عمل الكافرين يراد به الدنيا، فكل من شاركهم في ذلك ففيه شيء من شركهم وكفرهم، كل من شاركهم في شيء من ذلك ففيه شيء من شركهم وكفرهم، فيكون هذا وجه مناسبتها. وقال بعض المفسرين: إنها نزلت في المرائين الذين يعملون الرياء، لأنهم لا يعملونه إلا للدنيا، فلا ينفعهم يوم القيامة، وقيل: نزلت فيمن يريد مالا بعمله الصالح، ولكن سياق الآية يدل على القول الأول أنها نزلت في الكافرين، ولكن من شاركهم في شيء من إراداتهم كان له نصيب من وصفهم من الشرك الذي كانوا عليه.
وفي الصحيح عن أبي هريرة، نعم.

السائل : ... أنها آية الإسراء ...

الشيخ : أي، النسخ هنا المراد به التخصيص، هذا تعبير الأولين يسمون التخصيص نسخا، لأنها نسخت العموم.

السائل : ...

الشيخ : أي نعم، ما فيها شك، هاه؟

السائل : الحبوط يا شيخ يأتي بمعنى الفساد هنا؟

الشيخ : الأقرب أنه الزوال وعدم الانتفاع به، لأن باطل هو اللي بمعنى الفاسد الذي لا ينفعه.

Webiste