شرح قول المصنف : وله أيضاً عن ابن عباس - رضي الله عنهما - : ( أن رجلاً قال للنبي صلى الله عليه وسلم . ما شاء الله وشئت ، فقال : أجعلتني لله نداً ؟ بل ما شاء الله وحده ) .
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
الشيخ : " وله أيضا عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم ما شاء الله وشئت ".
هذا الرجل يظهر لي أنه قال ذلك تعظيما لرسول الله صلى الله عليه وسلم، قال ما شاء الله وشئت تعظيما له، وأنه أي هذا الرجل جعل الأمر مفوضا إلى مشيئة الرسول عليه الصلاة والسلام ومشيئة الله، ولكن النبي صلى الله عليه وسلم المبعوث بتحقيق التوحيد أنكر عليه ذلك، وش قال؟ قال: أجعلتني لله ندا ؟ والاستفهام هنا للإنكار وقد يكون مضمنا معنى التعجب، يعني كيف تجعلني لله ندا؟ فهو جامع بين الإنكار والتعجب، لأن أي إنسان يجعل المخلوق مثل الخالق فلا شك أنه أتى شيئا عجابا.
وقوله: ندا أيش معنى الند؟ الند النظير والمساوي، يعني أجعلتني لله تعالى مساويا في هذا الأمر. بل ما شاء الله وحده يعني: أرشده إلى أن يقول ما شاء الله وحده، لأجل أن يقطع ما يمكن أن يجعله شركا، ما أرشده إلى ما شاء الله ثم شئت، بل إلى ما شاء الله وحده، حتى يقطع عنه كل ذريعة وإن بعدت إلى الشرك.
فيستفاد من هذا الحديث: أن تعظيم النبي عليه الصلاة والسلام تعظيما يساوي الخالق شرك، فإن كان يعتقد المساواة فهو شرك أكبر، وإن كان يعتقد دون ذلك فهو شرك أصغر، إذا كان هذا الأمر شركا فكيف بمن يجعلون حق الخالق للرسول عليه الصلاة والسلام؟! يكون هذا أشد وأعظم، إنهم يرددون قول القائل:
" يا أكرم الخلق ما لي من ألوذ به *** سواك عند حلول الحادث العمم "
يرددون هذه في ليال يعتقدون أنها من أشرف الليالي وأشدها قربة إلى الله عز وجل، وكأنما يتقربون إلى الله بالإشراك به، نعم، والعياذ بالله، وهذا من أعظم، بل في الحقيقة ما هو إشراك به، أشد من الإشراك به.
" ما لي من ألوذ به سواك " يعني: ولا رب العالمين،
" عند حلول الحادث العمم "، وهذا البيت من أكذب ما يكون، لماذا؟ أعتقد أن أي واحد يصاب بحادث عمم أو خاص لو التجأ للرسول صلى الله عليه وسلم ينفعه الرسول؟ أبدا، لا ينفعه، لو يدعو إلى يوم القيامة ما نفعه الرسول عليه الصلاة والسلام، إذا كان الله يقول له قل لا أملك لنفسي نفعا ولا ضرا إلا ما شاء الله ، قل إني لا أملك لكم ضرا ولا رشدا ، قل لا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب ولا أقول لكم إني ملك فكيف يكون المصاب بالحادث العمم أو الخاص لا يجيره إلا الرسول عليه الصلاة والسلام وهو ميت في قبره صلى الله عليه وسلم، وإن كان حيا حياة برزخية، فهذا البيت من أكذب الحقائق، أو من أكذب الأقوال، ومن أبطل المعاني، ومن أظلم الظلم والعياذ بالله، ومع ذلك يُتغنى به في ليلة يعتقدون أنهم يتقربون إلى الله بإحيائها، وهي ليلة المولد، ويقول :
" إن لم تكن آخذا يوم المعاد يدي *** فضلا وإلا فقل يا زلة القدم "
نسأل الله العافية، ثم قال :
" فإن من جودك الدنيا وضرتها *** ومن علومك علم اللوح والقلم "
قال بعض أهل العلم: إنه لم يبق لله شيئا، وهذا حق، إذا كانت الدنيا وضرتها وهي الآخرة من جوده، وليست كل جوده أيضا، من جوده، وعلم اللوح والقلم من علمه، وش بقي لله عز وجل؟ ما بقي لله شيء، وإني لأعجب كيف .. وكوّن في رحم أمه وخرج عليه الصلاة والسلام كما يخرج الناس، وارتضع كما يرتضع الناس، ويجوع كما يجوع الناس، ويعطش كما يعطش الناس، ويتألم كما يتألمون، ويمرض أكثر مما يمرضون، ويوعك كما يوعك الرجلان منا، وينسى كما ننسى، كل الأحوال البشرية منطبقة عليه، ويستعد للدفاع عن نفسه، لو كان له شيء من خصائص الربوبية لقال للشيء كن فيكون، لكنه يستعد يلبس الدرع، وفي أُحد ظاهر بين درعين عليه الصلاة والسلام، ويحمل السلاح ويلبس اللأمة، هل بالله عليكم هل هذا مما يقتضي أن يكون له حق في الربوبية؟ أبدا، بل إن هذا مما يحقق الخصائص البشرية للرسول عليه الصلاة والسلام، ولكنه صلى الله عليه وسلم أعطاه الله سبحانه الفضل على البشر بما أوحى إليه من هذا الشرع العظيم الذي ما شرُع للعالم مثله ولن يشرع، هذا هو الذي تميز به قل إنما أنا بشر مثلكم شوف البشرية مثلنا، بشر وأكدت البشرية بقوله: مثلكم ثم جاء التمييز بينه وبين الخلق بقوله: يوحى إليّ أنما إلهكم إله واحد ولا شك أن الله أعطاه من الأخلاق الفاضلة التي بها الكمالات من كل وجه أعطاه ذلك، أعطاه الصبر العظيم، وأعطاه الكرم، وأعطاه الجود، لكنها كلها في حدود البشرية، أما أن تصل إلى الخصائص الربانية فهذا أمر لا يمكن، إلى خصائص الربوبية هذا أمر لا يمكن، ومن ادعى ذلك فقد كفر بمحمد صلى الله عليه وسلم، وكفر بمن أرسله. فالمهم أننا لا نغلو في الرسول عليه الصلاة والسلام فننزله في منزلة هو ينكرها، ولا نهضم حقه الذي يجب أن يكون، بل الذي كان له علينا، فنعطيه ما يجب له، ونسأل الله أن يعيننا على القيام بحقه، ولكننا لا ننزله منزلة الرب عز وجل، والله تعالى هو الذي يأمره أن يقول كما ذكرنا آنفا: قل إني لا أملك لكم ضرا ولا رشدا ، قل لا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب ولا أقول لكم إني ملك قل لا أملك لنفسي نفعا ولا ضرا إلا ما شاء الله ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسني السوء إن أنا إلا نذير وبشير لقوم يؤمنون . نعم، قال: بل ما شاء الله وحده .
وفي هذا الحديث من الفوائد: إنكار المنكر ولو كان في أمر يتعلق بك، من أين يؤخذ؟ من أن النبي صلى الله عليه وسلم أنكر على هذا، قال: أجعلتني لله ندا مع أنه فعل هذا تعظيما له، وعلى هذا فإذا قابلك شخص وانحنى لك عند التسليم فالواجب عليك أن تنكر عليه، لا تقول والله أستحي هذا إنسان أكرمني أستحي أن أقول له هذا حرام، لا، قل هذا حرام، ولا تأخذك في الله لومة لائم، ولا يضرك ذلك شيئا.
وفي هذا الحديث دليل على أنه من حسن الدعوة إلى الله عز وجل أنك إذا ذكرت ما يمنع فاذكر ما يباح، حتى لا تسد الباب أمام على الناس، لأنه لما منعه من ما شاء الله وشئت أرشده إلى الجائز، وهذا دليل من عدة أدلة من القرآن والسنة على أنه إذا ذُكر الممنوع للناس فإن من تمام الدعوة أن يذكر لهم ما يكون بدله من الحلال، فمن القرآن عيسى؟
الطالب : يا أيها الذين آمنوا لا تقولوا راعنا وقولوا انظرنا
الشيخ : نعم، يا أيها الذين آمنوا لا تقولوا راعنا هذا منع من هذا اللفظ، بعده؟ وقولوا انظرنا هذا المباح بدله واسمعوا ، وفي السنة؟
الطالب : هذا الحديث.
الشيخ : هذا الحديث وحديث بلال في التمر البرني، قال: بع الجمع بالدراهم ثم اشتر بالدراهم جنيبا ، نعم.
هذا الرجل يظهر لي أنه قال ذلك تعظيما لرسول الله صلى الله عليه وسلم، قال ما شاء الله وشئت تعظيما له، وأنه أي هذا الرجل جعل الأمر مفوضا إلى مشيئة الرسول عليه الصلاة والسلام ومشيئة الله، ولكن النبي صلى الله عليه وسلم المبعوث بتحقيق التوحيد أنكر عليه ذلك، وش قال؟ قال: أجعلتني لله ندا ؟ والاستفهام هنا للإنكار وقد يكون مضمنا معنى التعجب، يعني كيف تجعلني لله ندا؟ فهو جامع بين الإنكار والتعجب، لأن أي إنسان يجعل المخلوق مثل الخالق فلا شك أنه أتى شيئا عجابا.
وقوله: ندا أيش معنى الند؟ الند النظير والمساوي، يعني أجعلتني لله تعالى مساويا في هذا الأمر. بل ما شاء الله وحده يعني: أرشده إلى أن يقول ما شاء الله وحده، لأجل أن يقطع ما يمكن أن يجعله شركا، ما أرشده إلى ما شاء الله ثم شئت، بل إلى ما شاء الله وحده، حتى يقطع عنه كل ذريعة وإن بعدت إلى الشرك.
فيستفاد من هذا الحديث: أن تعظيم النبي عليه الصلاة والسلام تعظيما يساوي الخالق شرك، فإن كان يعتقد المساواة فهو شرك أكبر، وإن كان يعتقد دون ذلك فهو شرك أصغر، إذا كان هذا الأمر شركا فكيف بمن يجعلون حق الخالق للرسول عليه الصلاة والسلام؟! يكون هذا أشد وأعظم، إنهم يرددون قول القائل:
" يا أكرم الخلق ما لي من ألوذ به *** سواك عند حلول الحادث العمم "
يرددون هذه في ليال يعتقدون أنها من أشرف الليالي وأشدها قربة إلى الله عز وجل، وكأنما يتقربون إلى الله بالإشراك به، نعم، والعياذ بالله، وهذا من أعظم، بل في الحقيقة ما هو إشراك به، أشد من الإشراك به.
" ما لي من ألوذ به سواك " يعني: ولا رب العالمين،
" عند حلول الحادث العمم "، وهذا البيت من أكذب ما يكون، لماذا؟ أعتقد أن أي واحد يصاب بحادث عمم أو خاص لو التجأ للرسول صلى الله عليه وسلم ينفعه الرسول؟ أبدا، لا ينفعه، لو يدعو إلى يوم القيامة ما نفعه الرسول عليه الصلاة والسلام، إذا كان الله يقول له قل لا أملك لنفسي نفعا ولا ضرا إلا ما شاء الله ، قل إني لا أملك لكم ضرا ولا رشدا ، قل لا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب ولا أقول لكم إني ملك فكيف يكون المصاب بالحادث العمم أو الخاص لا يجيره إلا الرسول عليه الصلاة والسلام وهو ميت في قبره صلى الله عليه وسلم، وإن كان حيا حياة برزخية، فهذا البيت من أكذب الحقائق، أو من أكذب الأقوال، ومن أبطل المعاني، ومن أظلم الظلم والعياذ بالله، ومع ذلك يُتغنى به في ليلة يعتقدون أنهم يتقربون إلى الله بإحيائها، وهي ليلة المولد، ويقول :
" إن لم تكن آخذا يوم المعاد يدي *** فضلا وإلا فقل يا زلة القدم "
نسأل الله العافية، ثم قال :
" فإن من جودك الدنيا وضرتها *** ومن علومك علم اللوح والقلم "
قال بعض أهل العلم: إنه لم يبق لله شيئا، وهذا حق، إذا كانت الدنيا وضرتها وهي الآخرة من جوده، وليست كل جوده أيضا، من جوده، وعلم اللوح والقلم من علمه، وش بقي لله عز وجل؟ ما بقي لله شيء، وإني لأعجب كيف .. وكوّن في رحم أمه وخرج عليه الصلاة والسلام كما يخرج الناس، وارتضع كما يرتضع الناس، ويجوع كما يجوع الناس، ويعطش كما يعطش الناس، ويتألم كما يتألمون، ويمرض أكثر مما يمرضون، ويوعك كما يوعك الرجلان منا، وينسى كما ننسى، كل الأحوال البشرية منطبقة عليه، ويستعد للدفاع عن نفسه، لو كان له شيء من خصائص الربوبية لقال للشيء كن فيكون، لكنه يستعد يلبس الدرع، وفي أُحد ظاهر بين درعين عليه الصلاة والسلام، ويحمل السلاح ويلبس اللأمة، هل بالله عليكم هل هذا مما يقتضي أن يكون له حق في الربوبية؟ أبدا، بل إن هذا مما يحقق الخصائص البشرية للرسول عليه الصلاة والسلام، ولكنه صلى الله عليه وسلم أعطاه الله سبحانه الفضل على البشر بما أوحى إليه من هذا الشرع العظيم الذي ما شرُع للعالم مثله ولن يشرع، هذا هو الذي تميز به قل إنما أنا بشر مثلكم شوف البشرية مثلنا، بشر وأكدت البشرية بقوله: مثلكم ثم جاء التمييز بينه وبين الخلق بقوله: يوحى إليّ أنما إلهكم إله واحد ولا شك أن الله أعطاه من الأخلاق الفاضلة التي بها الكمالات من كل وجه أعطاه ذلك، أعطاه الصبر العظيم، وأعطاه الكرم، وأعطاه الجود، لكنها كلها في حدود البشرية، أما أن تصل إلى الخصائص الربانية فهذا أمر لا يمكن، إلى خصائص الربوبية هذا أمر لا يمكن، ومن ادعى ذلك فقد كفر بمحمد صلى الله عليه وسلم، وكفر بمن أرسله. فالمهم أننا لا نغلو في الرسول عليه الصلاة والسلام فننزله في منزلة هو ينكرها، ولا نهضم حقه الذي يجب أن يكون، بل الذي كان له علينا، فنعطيه ما يجب له، ونسأل الله أن يعيننا على القيام بحقه، ولكننا لا ننزله منزلة الرب عز وجل، والله تعالى هو الذي يأمره أن يقول كما ذكرنا آنفا: قل إني لا أملك لكم ضرا ولا رشدا ، قل لا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب ولا أقول لكم إني ملك قل لا أملك لنفسي نفعا ولا ضرا إلا ما شاء الله ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسني السوء إن أنا إلا نذير وبشير لقوم يؤمنون . نعم، قال: بل ما شاء الله وحده .
وفي هذا الحديث من الفوائد: إنكار المنكر ولو كان في أمر يتعلق بك، من أين يؤخذ؟ من أن النبي صلى الله عليه وسلم أنكر على هذا، قال: أجعلتني لله ندا مع أنه فعل هذا تعظيما له، وعلى هذا فإذا قابلك شخص وانحنى لك عند التسليم فالواجب عليك أن تنكر عليه، لا تقول والله أستحي هذا إنسان أكرمني أستحي أن أقول له هذا حرام، لا، قل هذا حرام، ولا تأخذك في الله لومة لائم، ولا يضرك ذلك شيئا.
وفي هذا الحديث دليل على أنه من حسن الدعوة إلى الله عز وجل أنك إذا ذكرت ما يمنع فاذكر ما يباح، حتى لا تسد الباب أمام على الناس، لأنه لما منعه من ما شاء الله وشئت أرشده إلى الجائز، وهذا دليل من عدة أدلة من القرآن والسنة على أنه إذا ذُكر الممنوع للناس فإن من تمام الدعوة أن يذكر لهم ما يكون بدله من الحلال، فمن القرآن عيسى؟
الطالب : يا أيها الذين آمنوا لا تقولوا راعنا وقولوا انظرنا
الشيخ : نعم، يا أيها الذين آمنوا لا تقولوا راعنا هذا منع من هذا اللفظ، بعده؟ وقولوا انظرنا هذا المباح بدله واسمعوا ، وفي السنة؟
الطالب : هذا الحديث.
الشيخ : هذا الحديث وحديث بلال في التمر البرني، قال: بع الجمع بالدراهم ثم اشتر بالدراهم جنيبا ، نعم.
الفتاوى المشابهة
- ما حكم قول: ما شاء الله؟ - الفوزان
- شرح قول المصنف : وقوله : وحده لا شريك له. وأ... - ابن عثيمين
- باب كراهة قول ما شاء الله وشاء فلان. عن حذيف... - ابن عثيمين
- تتمة شرح قول المصنف :عن ابن مسعود ..... :"من... - ابن عثيمين
- قوله:( أن تجعل لله ندا وهو خلقك ) هل تشمل قو... - ابن عثيمين
- ما حكم الدعاء بقول: جزاك الله إن شاء الله أو... - ابن عثيمين
- شرح قول المصنف : وعن ابن مسعود رضي الله عنه... - ابن عثيمين
- شرح قول المصنف : وعن حذيفة - رضي الله عنه -... - ابن عثيمين
- معنى قوله تعالى : ( و ما تشاؤون إلا أن يشاء... - ابن عثيمين
- شرح قول المصنف : باب قول ما شاء الله وشئت عن... - ابن عثيمين
- شرح قول المصنف : وله أيضاً عن ابن عباس - رضي... - ابن عثيمين