تم نسخ النصتم نسخ العنوان
شرح قول المصنف : وأنه سبحانه على كل شيء قدير... - ابن عثيمينالشيخ : قال المؤلف رحمه الله : " وأنه على كل شيء قدير من الموجودات والمعدومات، فما من مخلوق في السماء والأرض إلا الله خالقه ".قدم المؤلف القدرة ثم بدأ ب...
العالم
طريقة البحث
شرح قول المصنف : وأنه سبحانه على كل شيء قدير من الموجودات والمعدومات فما من مخلوق في الأرض ولا في السماء إلا الله خالقه سبحانه
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
الشيخ : قال المؤلف رحمه الله : " وأنه على كل شيء قدير من الموجودات والمعدومات، فما من مخلوق في السماء والأرض إلا الله خالقه ".
قدم المؤلف القدرة ثم بدأ بالخلق، وهذه هي الشيء الثاني في الدرجة الثانية، وهو الإيمان بعموم خلق الله عز وجل، وأن الله تعالى خالق كل شيء حتى أعمال العباد؟ الأكل والشرب والنوم والذهاب والمجيء والحركة والسكون مخلوقة لله؟ اه؟ مخلوقة لله، الدليل؟ الدليل قوله تبارك وتعالى : الله خالق كل شيء ، وفعل الإنسان من الشيء، وقال تعالى : وخلق كل شيء فقدره تقديرا ، وقال تعالى : إنا كل شيء خلقناه بقدر ، والآيات في هذا كثيرة.
وجاءت الآية نصا في الموضوع وهو خلق أفعال العباد.
فقال إبراهيم لقومه : وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ . خلقكم وما تعملون طيب. خلقكم وما تعملون "ما" هذه اسم موصول يعني خلقم وخلق الذي تعملونه وتنحتونه من الأصنام.
فإذا قال قائل : كيف يمكن أن نقول إن في الآية دليلا على خلق أفعال العباد على هذا التقدير أي على تقدير أن "ما" موصولة؟
الجواب : أنه إذا كان المعمول مخلوقاً لله، والذي عمله من؟ الإنسان، الذي عمله الإنسان، الذي نحت الأصنام هذه الإنسان، فإذا كانت هذه الأصنام منحوتة مخلوقة لله لزم أن يكون عمل الإنسان مخلوقاً، لأنها كانت بماذا؟ بعمل الإنسان. فإذا كان هذا المعمول مخلوقا وهو مصنوع بعمل الإنسان لزم من ذلك أن يكون عمل الإنسان ايش؟ مخلوقا. هذا على تقدير ما اسما موصولا.
أما على تقدير "ما" مصدرية فالأمر فيها ظاهر جدا، لأن تقدير الكلام على كونها مصدرية: والله خلقكم وعملكم وعملكم، وحينئذ تكون نصا في أن عمل الإنسان مخلوق لله عز وجل، فهمتم الآن ولا لا؟
طيب، إذن ما الدليل على عموم خلق الله لأفعال العباد؟ قلنا لدينا آيات عامة وآية خاصة في الموضوع، الآيات العامة الله خالق كل شيء وخلق كل شيء ، الخاصة والله خلقكم وما تعملون .
فإذا قال قائل : أنا أعارض في دلالة هذه الآية على خلق أعمال الإنسان، لأن الآية يحتمل أن تكون "ما" مصدرية ويحتمل أن تكون موصولة، فإذا كانت موصولة كان المعنى: والله خلقكم وخلق الذي تعملونه، ونحن نعلم أن هذه الأصنام أصلها خشب أو حجر مخلوق لله عز وجل، فما جوابه؟
جوابه أن نقول : ها، ما دام هذا العمل نخلوقا وهو ناتج عن فعل العبد كان فعل العبد الذي أنتج هذا الشيء مخلوقا ولا لا؟ أي نعم.
أما على تقدير "ما" مصدرية فالأمر فيها واضح جدا، يكون التقدير: والله خلقكم وعملكم، هذا دليل أثري على أن فعل العبد مخلوق لله عز وجل.
الدليل العقلي وهو النظري أن نقول : إن فعل العبد ناشئ عن أمرين : عزيمة صادقة وقدرة تامة.
فعل العبد ناشئ عن أمرين : عزيمة صادقة وقدرة تامة، توافقون على هذا؟ نعم؟ العزيمة تكون بعد المشيئة. طيب.
مثال ذلك : أنا أردت أن أعمل عملاً من الأعمال، لا يوجد هذا العمل حتى يكون مسبوقاً بأمرين هما :
العزيمة الصادقة على فعله، لأنني لو لم أعزم ما فعلته.
الثاني : القدرة التامة، لأنني لو لم أقدر ما فعلته.
فمن الذي خلق فيك هذه القدرة؟ الله عز وجل، والذي أودع فيك العزيمة هو الله عز وجل، قالوا : وخالق السبب التام - وهو هنا العزيمة والقدرة - خالق للمسبَّب، ما دام هذا الفعل الذي برز وشوهد ناتجا عن عزيمة عندي وقدرة، والعزيمة والقدرة عندي ايش؟ مخلوقة لله. لزم أن يكون المسبب الناشئ عنهما مخلوقا لله، لأن ما نشأ عن المخلوق فهو فهو مخلوق. طيب. أدلكم على أنه لا يمكن الفعل أو لا يمكن المفعول إلا بإرادة جازمة، بعزيمة صادقة جازمة وقدرة كاملة.
لو قيل لك مثلا : احمل هذا الحجر وأنت قوي نشيط تستطيع حمله بكل سهولة، قلت : لا، يقع حملك إياه؟ ليش؟ اه؟ لعدم العزيمة.
طيب قيل لك : احمل هذا الحجر، قلت أهلا وسهلا ما أستطيع أتخلف عن أمرك ثم تجي تزحزحه تبي تحمله عجزت اه؟ العزيمة الموجودة لكن القدرة غير موجودة، إذن ما يكون الفعل. الفعل لن يكون.
قيل لك : احمل هذا الحجر فقلت لبيك أهلا وسهلا أنا أحمله ثم أخذت الحجر كأنه حقيبة شلته حتى رفعته فوق رأسك حصل الفعل ولا لا؟ من أي شيء؟ من العزيمة والقدرة.
إذن العزيمة والقدرة مخلوقان لله عز وجل، فخالق السبب التام خالق للمسبَّب.
وجه ثان نظري عقلي على أن فعل الإنسان مخلوق لله عز وجل : أن نقول : الفعل وصف الفاعل، أليس كذلك؟ طيب، الفعل حركة الإنسان أو سكونه أو ما أشبه ذلك، هذا الفعل وصف الفاعل، والوصف تابع للموصوف، فكما أن الإنسان بذاته مخلوق فأفعاله مخلوقة، لأن الصفة تابعة للموصوف.
وهذا مفهوم من قاعدة مرت علينا في أسماء الله وصفاته وهي أن صفات الله غير مخلوقة، لأنها تابعة للموصوف.
طيب. إذن الدليل على أن عمل الإنسان مخلوق لله وداخل في عموم الخلق أثري ونظري.
الدليل الأثري قسمان عام وخاص، والدليل النظري أيضا قسمان، صح؟ طيب.
" فما من مخلوق " يقول المؤلف رحمه الله : " فما من مخلوق في الأرض ولا في السماء إلا الله خالقه ".

Webiste