تم نسخ النصتم نسخ العنوان
الكلام على مسألة قضاء الصلاة لمن تركها متعمد... - ابن عثيمينالشيخ : وقوله " يجب قضاء الفوائت " ظاهر كلام المؤلف أنه لا فرق بين أن يدعها عمدا بلا عذر أو يدعها لعذر وهذا هو الذي عليه جمهور أهل العلم أن قضاء الفوائت...
العالم
طريقة البحث
الكلام على مسألة قضاء الصلاة لمن تركها متعمدا مع بيان أدلة كلا الفريقين ومناقشتها وترجيح ما وافق الصواب منها.
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
الشيخ : وقوله " يجب قضاء الفوائت " ظاهر كلام المؤلف أنه لا فرق بين أن يدعها عمدا بلا عذر أو يدعها لعذر وهذا هو الذي عليه جمهور أهل العلم أن قضاء الفوائت واجب سواء تركها لعذر أم لغير عذر يعني حتى المتعمّد الذي تعمّد إخراج الصلاة عن وقتها يقال إنك آثم وعليك القضاء واضح؟ وهذا مذهب الأئمة الأربعة وقول جمهور أهل العلم.
والقول الثاني في المسألة أنه إذا فاتت العبادة الموقّتة عن وقتها لعذر قُضِيَت وإن فاتت لغير عذر فلا قضاء، لا تخفيفا عن المؤخِّر ولكن تنكيلا به وسُخْطا لفعله وهناك فرق بين التخفيف وبين التنكيل والسَخَط.
فنحن نقول لمن تركها عمدا لا تقضي لأنك لو تقضي ألف مرة ما قبِل الله منك، ما قبِل الله منك حتى ولو تبت، إذا تبت فأحسن العمل.
طيب حُجّة القائلين بأنه يقضي ولو كان لغير عذر قالوا لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها فإذا كان المعذور بنوم أو نسيان يلزمه القضاء فغير المعذور من باب أولى.
وقالوا أيضا إنه لما ترك الصلاة حتى خرج وقتها كانت ديْنا له والديْن لا وقت عليه يجب على الإنسان أن يقضيَه فورا ولو خرج الوقت، أرأيت لو كان بينك وبين شخص معاملة يحِل الدين فيها في أول ليلة من شهر ربيع الأول ثم جاءت الليلة ولم توفي هل يسقط؟ لا، يبقى في ذمتك حتى توفيه ولو بعد حين وقد سمى النبي صلى الله عليه وسلم العبادات دينا فإذا كان سماها دينا فإنه يجب قضاءها ولو تركها بغير عذر.
أما الذين قالوا بعدم الوجوب إذا كان لغير عذر فقالوا لأن هذه الصلاة الموقتة محدودة أولا وأخرا، والمحدود موصوف بهذا الوقت، موصوف بهذا الوقت يعني صلاة في هذا الوقت فإذا أخرجها عنه بلا عذر فقد صلاها على غير الوصف الذي فرِضت عليه أليس كذلك؟ فترك واجبا من واجباتها عمدا فلا تصح، كما لو صلى بغير وضوء عمدا بلا عذر فإنه لا يصح، هذا أيضا إذا أخرجها عن وقتها عمدا بلا عذر فإنها لا تصح لأنها صلاة موصوفة، بماذا؟ بالوقت بأنها من كذا إلى كذا إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا .
ثانيا إذا أخرجها عن وقتها لغير عذر فقد فعلها على وجه لم يؤمر به وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد وهذا نص صريح عام من عمل عملا عملا أي عمل يكون لأنه نكرة في سياق الشرط فكان للعموم فهو رد أي مردود.
ثالثا أنه لو صلى قبل الوقت متعمدا فصلاته باطلة بالاتفاق حتى أنتم تقولون صلاته باطلة، فأي فرق بين ما إذا فعلها قبل الوقت أو فعلها بعده فإن كل واحد منهما قد تعدى حدود الله عز وجل، تعدى الحدود وأخرج العبادة عن وقتها ومن يتعدى حدود الله فأولئك هم الظالمون .
رابعا أن هذا الرجل إذا أخّرها عن وقتها فإنه ظالم معتد وإذا كان ظالما معتديا فالله لا يحب المعتدين ولا يحب الظالمين، فكيف يوصف هذا الرجل الذي لا يحبه الله لعدوانه وظلمه بأنه قريب من الله متقرّب إليه هذا خلاف ما تقتضيه العقول والفطر السليمة.
وهذا القول كما ترى قول قوي جدا أما قولهم إنه إذا كان وقتا للمعذور فغير معذور أو من باب أولى فممنوع لأن المعذور معذور ولا يتمكن من الفعل في الوقت فلما لم يتمكن لم يُكلّف إلا ما يستطيع، أما هذا الرجل اللي غير معذور فهو إيش؟ قادر على الفعل مُكلّف به فخالف واستكبر ولم يفعل فقياس هذا على هذا من أبعد القياس.
والمسألة ليست مسألة عذر أو ما هو عذر نقول نعم، المعذور وقت الصلاة في حقه عند زوال عذره كما سيأتي إن شاء الله قريبا.
إذًا نقول هذا قياس فاسد غير صحيح مع مخالفته لعموم النصوص ك من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد ومع أنه مُخالف للقياس فيما إذا صلى قبل دخول الوقت فالصواب أن من ترك الصلاة عمدا حتى على القول بأنه لا يكفر كما لو كان يُصلّي ويُخلّي فإنه لا يقضيها ولكن يجب عليه أن يكون هذا الفعل دائما نَصْب عينيه وأن يُكثر من الطاعات والأعمال الصالحة لعلها تُكفِّر ما حصل منه من إضاعة الوقت.

Webiste