تم نسخ النصتم نسخ العنوان
تتمة شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى ف... - ابن عثيمينالشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم.سبق الكلام على أول هذا الحديث على قوله صلى الله عليه وسلم:  دعوني ما تركتكم فإنما أهلك الذين من قبلكم كثرة سؤالهم واختلاف...
العالم
طريقة البحث
تتمة شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( دعوني ما تركتكم إنما أهلك من كان قبلكم كثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم فإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه وإذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم ) متفق عليه ... " .
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم.
سبق الكلام على أول هذا الحديث على قوله صلى الله عليه وسلم: دعوني ما تركتكم فإنما أهلك الذين من قبلكم كثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم ثم قال صلى الله عليه وسلم: وإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه فإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه وإذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم فعمم في النهي وخص في الأمر، أما النهي فقال: ما نهيتكم عن شيء فاجتنبوه أي شيء ينهانا عنه الرسول عليه الصلاة والسلام فإننا نتجنبه، وذلك لأن المنهي عنه متروك، فالنهي أمر بالترك، والترك ليس فيه مشقة، كل إنسان يستطيع أن يترك وليس عليه مشقة ولا ضرر، فما نهانا عنه فإننا نتجنبه، إلا أن هذا مقيد، مقيد بالضرورة فإذا اضطر الإنسان إلى شيء محرم وكان لا يجد سواه وتندفع به ضرورته فإنه حلال، لقول الله تعالى: وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْه ولقوله تعالى: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ إلى قوله: فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ فيكون قول الرسول صلى الله عليه وسلم : فاجتنبوه يكون مقيدًا بحال الضرورة يعني أنه إذا وجدت ضرورة إلى شيء محرم صار هذا المحرم حلالًا بشرطين: الشرط الأول: ألا تندفع ضرورته بسواه، والشرط الثاني: أن يكون مزيلًا للضرورة، وبهذين القيدين نعرف أنه لا ضرورة إلى دواء محرم، يعني لو كان هناك دواء ولكنه حرام فإنه لا ضرورة إليه، فلو قال قائل: أنا أريد أن أشرب دما أستشفي به يشفيني، كما يدعي بعض الناس أنه إذا شرب من دم الذئب شفي من المرض الفلاني أو المرض الفلاني، نقول: لا هذا لا يجوز، أولًا: لأن الإنسان ربما يشفى بغير هذا المحرم إما من الله وإما بدعاء وإما بقراءة وإما بدواء آخر مباح، وثانيًا: أنه ليس يقينا أنه إذا تداوى بالدواء يشفى، فما أكثر الذين يتداوون ولا يشفون، بخلاف من كان جائعًا وليس عنده إلا ميتة أو لحم خنزير أو لحم حمار فإنه يجوز أن يأكل في هذه الحال، لأننا نعلم أن ضرورته تندفع بذلك بخلاف الدواء، وأما قوله عليه الصلاة والسلام: وإذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم فهذا يوافق قول الله عز وجل: فاتقوا الله ما استطعتم يعني إذا أمرنا بأمر فإننا نأتي منه ما استطعنا وما لا نستطيعه يسقط عنا مثلًا: أمرنا بأن نصلي الفرض قيامًا، فإذا لم يستطع صلينا جلوسًا، فإذا لم نستطع صلينا على جنب كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لعمران بن حصين: صلِّ قائمًا فإن لم تستطع فقاعدًا، فإن لم تستطع فعلى جنب وتأمل قوله: إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم بخلاف النهي، لأن الأمر فعل وإيجاد، قد يكون شاقًّا على النفس ولا يستطيع الإنسان أن يقوم به فلهذا قيده قال: فأتوا منه ما استطعتم ومع ذلك فإن هذا الأمر مقيد بقيد آخر، وهو ألا يوجد مانع يمنع، فإذا وجد مانع يمنع فهذا يدخل في قوله: فأتوا منه ما استطعتم ولهذا قال العلماء: " لا واجب مع عجز ولا محرم مع الضرورة " والشاهد من هذا الحديث قول النبي صلى الله عليه وسلم: ما نهيتكم عنه فاجتنبوه وما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم فإن هذا يدخل في المحافظة على السنة وآدابها، وأما ما سكت عنه النبي صلى الله عليه وسلم فهو عفو، المسكوت عنه معفو عنه، وهذا من رحمة الله، فالأشياء إما مأمور بها أو منهي عنها أو مسكوت عنها، فما سكت الله عنه ورسوله فإنه عفو لا يلزمنا فعله ولا تركه، والله الموفق.
القارئ : بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

Webiste