تم نسخ النصتم نسخ العنوان
تتمة شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى ف... - ابن عثيمينالشيخ : سبق الكلام على الآية الأولى  وادع إلى ربك  وبينا أنه لا بد فيمن يدعو إلى الله أن يكون على علم، على علم بما يدعو إليه وأنه لا يجوز أن يدعو على جه...
العالم
طريقة البحث
تتمة شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... باب الدلالة على خير والدعاء إلى هدى أو ضلالة . قال تعالى (( وادع إلى ربك )) وقال تعالى (( ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة )) وقال تعالى (( وتعاونوا على البر والتقوى )) ..." .
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
الشيخ : سبق الكلام على الآية الأولى وادع إلى ربك وبينا أنه لا بد فيمن يدعو إلى الله أن يكون على علم، على علم بما يدعو إليه وأنه لا يجوز أن يدعو على جهل، لأنه قد يدعو إلى باطل يظنه حقًّا أو ينهى عن حق يظنه باطلًا، وبينا أيضًا أنه لا بد أن يكون الإنسان على علم بحال من يدعوه، لأن المدعو له حالات: إما أن يكون جاهلًا أو معاندًا مستكبرًا، أو يكون قابلًا للحق ولكنه قد خفي عليه مجتهدًا متأولًا فلكل إنسان ما يليق به، ثم ذكر المؤلف قول الله تعالى: ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ سبيل الله هي دينه وشريعته التي شرعها الله لعباده وأضافها إلى نفسه لسببين: السبب الأول: أنه هو الذي وضعها عز وجل للعباد ودلهم عليها، والثاني: أنها موصلة إليه فلا شيء يوصل إلى الله إلا سبيل الله التي شرعها لعباده على ألسنة رسله صلوات الله وسلامه عليهم، وقوله: بحكمة الحكمة قال العلماء: إنها من الإحكام وهو الإتقان، وإتقان الشيء أن يضعه الإنسان في موضعه، فهي وضع الأشياء في مواضعها، وأما الموعظة فإنها التذكير المقرون بالترغيب أو الترهيب، فإذا كان الإنسان معه شيء من الإعراض فإنه يوعظ وينصح فإن لم يفد به فيقول: جَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إذا كان الإنسان عنده شيء من المجادلة يجادل فجادله بالتي هي أحسن، بالتي هي أحسن من حيث المشافهة لا تشدد عليه ولا تخفف عنه، انظر ما هو أحسن، بالتي هي الأحسن أيضًا من حيث الأسلوب والإقناع وذكر الأدلة التي يمكن أن يقتنع بها، لأن من الناس من يقتنع بالأدلة الشرعية أكثر مما يقتنع بالأدلة العقلية، وهذا هو الذي عنده إيمان قوي يقتنع بالأدلة الشرعية أكثر مما يقتنع بالأدلة العقلية، ومن الناس من يكون بالعكس لا يقتنع بالأدلة الشرعية إلا إذا ثبت ذلك عنده بالأدلة العقلية فتجده يعتمد على الأدلة العقلية أكثر مما يعتمد على الأدلة الشرعية، بل ولا يقتنع بالأدلة الشرعية إلا حيث تؤيدها عنده الأدلة العقلية، وهذا النوع من الناس يخشى عليه من الزيغ والعياذ بالله، إذا كان لا يقبل الحق إلا ما عقله بعقله الفاسد فهذا خطر عليه، ولهذا كان أقوى الناس إيمانًا أعظمهم إذعانًا للشرع للكتاب والسنة، فإذا رأيت من نفسك الإذعان للكتاب والسنة والقبول والانقياد فهذا يبشر بخير، وإذا رأيت من نفسك القلق على الأحكام الشرعية إلا حيث تكون مؤيدة عنك بالأدلة العقلية فاعلم أن في قلبك مرضًا لقوله تعالى: وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ يعني لا يمكن أن يختاروا شيئا سوى ما قضاه الله ورسوله وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً وقوله: وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ جاء في آية العنكبوت وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ فهؤلاء لا تلينوا معهم إذا كانوا ظالمين فقاتلوهم بالسيف حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون، وعلى هذا فتكون المراتب أربعة: الحكمة، الموعظة، المجادلة بالتي هي أحسن، المجالدة بالسيوف لمن كان ظالمًا، والله الموفق.

Webiste