تم نسخ النصتم نسخ العنوان
تتمة شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى ف... - ابن عثيمينالشيخ : وفي هذا الحديث دليل على استعمال الشدة في تغيير المنكر إذا دعت الحاجة لذلك، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقل له: إن الذهب حرام فلا تلبسه أو فا...
العالم
طريقة البحث
تتمة شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى خاتما من ذهب في يد رجل فنزعه فطرحه وقال ( يعمد أحدكم إلى جمرة من نار فيجعلها في يده ) فقيل للرجل بعد ما ذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم خذ خاتمك انتفع به قال لا والله لا آخذه أبدا وقد طرحه رسول الله صلى الله عليه وسلم . رواه مسلم ... " .
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
الشيخ : وفي هذا الحديث دليل على استعمال الشدة في تغيير المنكر إذا دعت الحاجة لذلك، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقل له: إن الذهب حرام فلا تلبسه أو فاخلعه، بل هو بنفسه خلعه وطرحه بالأرض، وفيه أيضًا دليل على جواز إتلاف ما يكون به المنكر، لأن الرسول عليه الصلاة والسلام طرحه، لما نزعه من يده ما قال خذه أعطه أهلك طرحه، ولهذا كان من فقه الرجل أنه لما قيل له: خذ خاتمك قال: لا آخذ خاتمًا طرحه النبي صلى الله عليه وسلم لأنه فهم أن هذا من باب التعزير وإتلاقه عليه لأنه حصلت به المعصية، والشيء الذي تحصل به المعصية أو ترك الواجب لا حرج على الإنسان أن يتلفه انتقامًا من نفسه لنفسه، كما فعل سليمان عليه الصلاة والسلام حين عرضت عليه الخيل الجياد ولهى بها حتى غربت الشمس فلهى بها عن صلاة العصر ثم دعا بها عليه الصلاة والسلام وجعل يضربها يعقرها ويقطع أعناقها طفق مسحًا بالسوق السوق جمع ساق والأعناق أتلفها انتقامًا من نفسه لرضا الله عز وجل، فإذا رأى الإنسان أن شيئًا من ماله ألهاه عن طاعة الله وأراد أن يتلفه انتقامًا لنفسه وتعزيرًا لها فإن ذلك لا بأس به، وفي هذا الحديث دليل على أن لبس الذهب موجب للعذاب بالنار والعياذ بالله لقوله عليه الصلاة والسلام: يعمد أحدكم على جمرة من نار فيضعها في يده فإن الرسول جعل هذا جمرة من نار يعني يعذب بها يوم القيامة، وهو عذاب جزئي أي على بعض البدن، على الجزء الذي حصلت به المخالفة، ونظيره قوله صلى الله عليه وسلم فيمن جر ثوبه أسفل من الكعبين قال: ما أسفل من الكعبين ففي النار ونظيره أيضًا قوله حين قصر الصحابة في غسل أرجلهم: ويل للأعقاب من النار فهذه ثلاثة نصوص احفظوها، ثلاثة نصوص يمكن يوجد غيرها ثلاثة نصوص كلها فيها إثبات أن العذاب بالنار قد يكون على جزء من البدن، وفيه أيضًا في القرآن يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ مواضع معينة، فالعذاب كما يكون عامًّا على جميع البدن قد يكون خاصًا ببعض أجزائه وهو ما حصلت به المخالفة، وفي هذا الحديث ومن فوائد هذا الحديث بيان كمال صدق الصحابة رضي الله عنهم في إيمانهم فإن هذا الرجل لما قيل له: خذ خاتمك انتفع به، قال: لا آخذ خاتمًا طرحه النبي عليه الصلاة والسلام من كمال إيمانه رضي الله عنه، ولو كان ضعيف الإيمان لأخذه وانتفع به ببيع أو بإعطائه أهله أو ما أشبه ذلك، ومن فوائد هذا الحديث أيضًا أن الإنسان يستعمل الحكمة في تغيير المنكر، فهذا الرجل كما ترون استعمل معه النبي عليه الصلاة والسلام شيئًا من الشدة لكن الأعرابي الذي بال في المسجد لم يستعمل معه النبي صلى الله عليه وسلم الشدة، ولعل ذلك لأن هذا علم النبي عليه الصلاة والسلام منه أن أنه عالم بالحكم ولكنه متساهل، بخلاف الأعرابي فإنه جاهل لا يعرف جاء ووجد هذه الفسحة في المسجد فجعل يبول يحسب أنه في البر، ولما قام إليه الناس يزجرونه نهاهم النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فعليك يا أخي المسلم أن تستعمل الحكمة في كل ما تفعل، في كل ما تقول فإن الله تعالى يقول في كتابه: يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ نسأل الله أن يجعلنا ممن أوتي الحكمة ونال بها خيرًا كثيرًا، اللهم صل على محمد.
القارئ : بسم الله الرحمن الرحيم .
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

Webiste