شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... وقال تعالى (( إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا )) ... " .
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم .
سبق الكلام على أن الأمانات شاملة لحقوق الله وحقوق العباد وأنها أنواع كثيرة، وذكرنا ما تيسر في الدرس الماضي وبدأنا في تفسير قوله تعالى: إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وذكرنا أن هذه الأمانات تنقسم إلى ثلاثة أقسام، الأول: ما كان بيد الإنسان لمصلحته، والثاني: ما كان بيد الإنسان لمصلحة مالكه، والثالث: ما كان بيد الإنسان لمصلحته ومصلحة مالكه، فقوله عز وجل: إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها يستلزم حفظ الأمانات ومراعاتها ومراعاتَها وأن يحفظها الإنسان فيما يجب أن يحفظها فيه، وتختلف باختلاف الأموال فمن الأموال ما كان يحفظ في الصناديق ذات الأغلاق الوثيقة ومنها ما يحفظ بالأحواش ومنها ما يحفظ في الحجرات وتختلف، لكن يجب على كل إنسان عنده أمانة أن يحفظها بما جرت العادة بحفظها فيه، ثم قال عز وجل: إن الله نعما يعظكم به فأثنى الله عز وجل على ما يعظنا به من الأوامر والنواهي، من الأوامر التي يريد منها فعلها والنواهي التي يريد منها تركها، أثنى الله عليها في قوله: إن الله نعما يعظكم به ثم ختم الآية بقوله: إن الله كان سميعًا بصيرًا سميعًا لما تقولون بصيرًا بما تفعلون وختم الآية بهذين الاسمين الكريمين المتضمنين لشامل سمع الله وبصره يقتضي التهديد، فهو يهدد عز وجل من لم يقم بأداء الأمانة إلى أهلها، قال المؤلف رحمه الله: وقوله تعالى: إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلومًا جهولًا عرض الله الأمانة وهي التكليف والإلزام بما يجب عرضها على السموات والأرض والجبال، ولكنها أبت أن تحملها لما فيها من المشقة، ولما تخشى هذه الثلاثة الأرض والجبال والسموات من إضاعتها، فإذا قال قائل: كيف يعرض الله الأمانة على السموات والأرض والجبال وهي جماد ليس لها عقل ولا تشعر؟ فالجواب: أن كل جماد فهو بالنسبة لله عز وجل عاقل يفهم ويمتثل، أرأيت إلى قوله تعالى فيما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم أن الله لما خلق القلم قال: له اكتب فخاطب القلم وهو جماد قال: اكتب، فقال: ماذا أكتب؟ لأن الأمر مجمل ولا يمكن امتثال الأمر المجمل إلا ببيانه، قال: اكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة فكتب القلم بأمر الله ما هو كائن إلى يوم القيامة، هذا أمر وتكليف وإلزام، فهنا بين الله عز وجل أنه عرض الأمانة على السموات والأرض والجبال فأبت أن تحملها، وقال الله تعالى: فقضاهن سبع سماوات في يومين وأوحى في كل سماء أمرها قال الله تعالى: ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ فخاطبهما بالأمر وقال: ائْتِيَا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً فقالت: أَتَيْنَا طَائِعِينَ ففهمت السموات والأرض فهمت خطاب الله وامتثلت وقالتا: أتينا طائعين وعصاه بنو آدم يقولون: سمعنا وعصينا، الأمانة حملها الإنسان وكيف حملها؟ حملها بأمرين: العقل والرسل، العقل الذي أعطاه الله عز وجل وفضله على كثير ممن خلق تفضيلًا، والرسل الذين أرسلهم الله عز وجل للإنسان وبينوا له الحق من الضلال فلم يبق له عذر، ولكن مع ذلك وصف الله الإنسان بأنه ظلوم جهول فاختلف العلماء هل الإنسان عام أو خاص بالكافر؟ فقال بعض العلماء: إنه خاص بالكافر هو الظلوم الجهول، أما المؤمن فهو ذو عدل وعلم وحكمة ورشد، وقال بعض العلماء: بل هو عام والمراد الإنسان بحسب طبيعته أما المؤمن فإن الله منَّ عليه بالهداية، فيكون مستثنى من هذا، وأيًّا كان فمن قام بالأمانة انتفى عنه وصف الظلم والجهالة وحملها الإنسان إنه كان ظلومًا جهولًا فنسأل الله أن يعيننا وإياكم على أداء ما حملناه، وأن يوفقنا وإياكم لما يحبه ويرضاه إنه جواد كريم.
القارئ : الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
نقل المؤلف رحمه الله تعالى: " عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان متفق عليه، وفي رواية وإن صام وصلى وزعم أنه مسلم ".
سبق الكلام على أن الأمانات شاملة لحقوق الله وحقوق العباد وأنها أنواع كثيرة، وذكرنا ما تيسر في الدرس الماضي وبدأنا في تفسير قوله تعالى: إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وذكرنا أن هذه الأمانات تنقسم إلى ثلاثة أقسام، الأول: ما كان بيد الإنسان لمصلحته، والثاني: ما كان بيد الإنسان لمصلحة مالكه، والثالث: ما كان بيد الإنسان لمصلحته ومصلحة مالكه، فقوله عز وجل: إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها يستلزم حفظ الأمانات ومراعاتها ومراعاتَها وأن يحفظها الإنسان فيما يجب أن يحفظها فيه، وتختلف باختلاف الأموال فمن الأموال ما كان يحفظ في الصناديق ذات الأغلاق الوثيقة ومنها ما يحفظ بالأحواش ومنها ما يحفظ في الحجرات وتختلف، لكن يجب على كل إنسان عنده أمانة أن يحفظها بما جرت العادة بحفظها فيه، ثم قال عز وجل: إن الله نعما يعظكم به فأثنى الله عز وجل على ما يعظنا به من الأوامر والنواهي، من الأوامر التي يريد منها فعلها والنواهي التي يريد منها تركها، أثنى الله عليها في قوله: إن الله نعما يعظكم به ثم ختم الآية بقوله: إن الله كان سميعًا بصيرًا سميعًا لما تقولون بصيرًا بما تفعلون وختم الآية بهذين الاسمين الكريمين المتضمنين لشامل سمع الله وبصره يقتضي التهديد، فهو يهدد عز وجل من لم يقم بأداء الأمانة إلى أهلها، قال المؤلف رحمه الله: وقوله تعالى: إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلومًا جهولًا عرض الله الأمانة وهي التكليف والإلزام بما يجب عرضها على السموات والأرض والجبال، ولكنها أبت أن تحملها لما فيها من المشقة، ولما تخشى هذه الثلاثة الأرض والجبال والسموات من إضاعتها، فإذا قال قائل: كيف يعرض الله الأمانة على السموات والأرض والجبال وهي جماد ليس لها عقل ولا تشعر؟ فالجواب: أن كل جماد فهو بالنسبة لله عز وجل عاقل يفهم ويمتثل، أرأيت إلى قوله تعالى فيما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم أن الله لما خلق القلم قال: له اكتب فخاطب القلم وهو جماد قال: اكتب، فقال: ماذا أكتب؟ لأن الأمر مجمل ولا يمكن امتثال الأمر المجمل إلا ببيانه، قال: اكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة فكتب القلم بأمر الله ما هو كائن إلى يوم القيامة، هذا أمر وتكليف وإلزام، فهنا بين الله عز وجل أنه عرض الأمانة على السموات والأرض والجبال فأبت أن تحملها، وقال الله تعالى: فقضاهن سبع سماوات في يومين وأوحى في كل سماء أمرها قال الله تعالى: ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ فخاطبهما بالأمر وقال: ائْتِيَا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً فقالت: أَتَيْنَا طَائِعِينَ ففهمت السموات والأرض فهمت خطاب الله وامتثلت وقالتا: أتينا طائعين وعصاه بنو آدم يقولون: سمعنا وعصينا، الأمانة حملها الإنسان وكيف حملها؟ حملها بأمرين: العقل والرسل، العقل الذي أعطاه الله عز وجل وفضله على كثير ممن خلق تفضيلًا، والرسل الذين أرسلهم الله عز وجل للإنسان وبينوا له الحق من الضلال فلم يبق له عذر، ولكن مع ذلك وصف الله الإنسان بأنه ظلوم جهول فاختلف العلماء هل الإنسان عام أو خاص بالكافر؟ فقال بعض العلماء: إنه خاص بالكافر هو الظلوم الجهول، أما المؤمن فهو ذو عدل وعلم وحكمة ورشد، وقال بعض العلماء: بل هو عام والمراد الإنسان بحسب طبيعته أما المؤمن فإن الله منَّ عليه بالهداية، فيكون مستثنى من هذا، وأيًّا كان فمن قام بالأمانة انتفى عنه وصف الظلم والجهالة وحملها الإنسان إنه كان ظلومًا جهولًا فنسأل الله أن يعيننا وإياكم على أداء ما حملناه، وأن يوفقنا وإياكم لما يحبه ويرضاه إنه جواد كريم.
القارئ : الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
نقل المؤلف رحمه الله تعالى: " عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان متفق عليه، وفي رواية وإن صام وصلى وزعم أنه مسلم ".
الفتاوى المشابهة
- ما معنى: {إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عَلَى ال... - ابن باز
- شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما ن... - ابن عثيمين
- معنى الأمانة في قوله تعالى: (إِنَّا عَرَضْنَا ا... - ابن باز
- ما معنى قول الله تعالى:(( عَرَضْنَا )) والعر... - ابن عثيمين
- خطبة عن حمل الأمانة . - ابن عثيمين
- تفسير قوله تعالى: (( إإِنَّا عَرَضْنَا الأَم... - ابن عثيمين
- يقول الله تعالى في آخر سورة الأحزاب: ( إنا ع... - ابن عثيمين
- قراءة قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما... - ابن عثيمين
- ما المقصود بالأمانة في قوله تعالى :" إنا عرض... - ابن عثيمين
- سؤاله الثاني يقول ما معنى قوله تعالى (( إنا... - ابن عثيمين
- شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما ن... - ابن عثيمين