تتمة شرح قول قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( حق المسلم على المسلم خمس: ... واتباع الجنائز وإجابة الدعوة وتشميت العاطس ) . متفق عليه . وفي رواية لمسلم: ( حق المسلم ست إذا لقيته فسلم عليه وإذا دعاك فأجبه وإذا استنصحك فانصح له وإذا عطس فحمد الله فشمته وإذا مرض فعده وإذا مات فاتبعه ) ... " .
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
القارئ : والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
نقل المؤلف -رحمه الله تعالى- : " عن أبي هريرة رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : حق المسلم على المسلم خمس : رد السلام، وعيادة المريض، واتباع الجنائز، وإجابة الدعوة، وتشميت العاطس . متفق عليه " .
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم :
قال المؤلف -رحمه الله تعالى- فيما نقله عن أبي هريرة رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال : حق المسلم على المسلم خمس : رد السلام، وعيادة المريض، وتشييع الجنائز، أو اتباع الجنائز ، وقد سبق الكلام على الجملتين الأوليين .
والثالثة : اتباع الجنائز وتشييعها : فإنها من حق المسلم على أخيه أن يتبع جنازته من بيته إلى المصلى ، سواء في المسجد أو في مكان آخر ، إلى المقبرة ، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال : مَن شهد الجنازة حتى يُصلى عليها فله قيراط ، ومن شهدها حتى تدفن فله قيراطان ، قيل: وما القيراطان يا رسول الله ؟ قال : مثل الجبلين العظيمين أصغرهما مثل أُحد ، وهذا فضل عظيم وأجر كبير ، ولما بلغ عبد الله بن عمر رضي الله عنهما هذا الحديث قال : " لقد فرطنا في قراريط كثيرة ، ثم صار بعد ذلك لا يرى جنازة إلا تبعها رضي الله عنه " ، لأن هذه غنيمة غنيمة غنيمة أن يحصل للإنسان مثل الجبلين العظيمين في عمل يسير، وهذا الأجر متى يلقاه ؟ يلقاه في يوم هو أحوج ما يكون إليه ، في يوم ليس عنده درهم، ولا دينار، ولا متاع، ولا قرابة، ولا زوجية تنفعه يوم القيامة الإ العمل الصالح، له إذا تبع الجنازة حتى يصلى عليها، ثم حتى تدفن، فله قيراطان، قيراطان مثل الجبلين العظيمين أصغرهما مثل أحد .
وينبغي لمن أتبع أن يكون خاشعاً، مُفكراً في مآله، يقول لنفسه : يا نفسي أنت مآلك كمآل هذا الذي فوق أعناقنا ، عن قريب أو بعيد ، وربما يكون عن قريب ، ويتذكر هذا الرحيل ، يتذكر أن أقرب الناس إليه وأولى الناس به وأشفق الناس عليه مَن يُسلمه إلى حفرته ويدخله ويغمسه ويتخلى عنه، هذا أقرب الناس إليك ، الذي يحملك إلى مدفنك ثم ينصرف عنك ويدعك في هذا اللحد وحيداً بأعمالك ، إن خيراً فخير، وإن شراً فشر، ولهذا قال العلماء : يُكره للإنسان المتبع للجنازة أن يتحدث في شيء من أمور الدنيا ، أو أن يتبسم ويضحك.
وكذلك أيضاً إذا وصلت إلى المقبرة، وجلست تنتظر دفنها، فينبغي أن تفكر في مآلك، وأنك سوف يُنتظر دفنك كما انتظر دفن هذا الرجل .
وإذا كان حولك أناس وحدثتهم بما حدث به النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه، حينما خرج في جنازة رجل من الأنصار، فانتهى إلى القبر ولما يُلحَد، فجلس عليه الصلاة والسلام وحوله أصحابه، وفي يده مِخصرة أي : عود ينكت به الأرض، يعتبر عليه الصلاة والسلام ويفكر ويحدث أصحابه بما يكون عند الاحتضار وعند الدفن حتى يكون جامعاً بين الموعظة وبين تشييع الجنازة ، ولكن ليست هذه الموعظة كما يفعله بعض إخواننا الآن في بعض المحلات ، يقوم الرجل خطيباً يعظ الناس ، فإن هذا ليس معروفاً في عهد النبي عليه الصلاة والسلام ، ولا عهد أصحابه، لكن لما جلس النبي صلى الله عليه وآله وسلم ينتظر لحد هذا الميت، وجلس أصحابه، حدثهم حديث المجالس بما ينفعهم وبما يناسب.
وكذلك كان عليه الصلاة والسلام حاضراً دفن إحدى بناته، وكان على شفير القبر وعيناه تدمعان، فقال عليه الصلاة والسلام : ما مِنكم مِن أحد وقد كتب مقعدة من الجنة ومقعده من النار ، قالوا : يا رسول الله أفلا ندع العمل ونتكل على ما كُتب لنا ؟ قال: لا، اعملوا فكل ميسر لما خلق له ، أما أهل السعادة فييسرون لعمل أهل السعادة، وأما أهل الشقاوة فييسرون لعمل أهل الشقاوة ، ثم قرأ قوله تعالى : فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى ، وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى ، فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى ، وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى، وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى، فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى ، نسأل الله أن يجعلنا وإياكم من أهل السعادة الذين يسروا لليسرى وجُنبوا العسرى .
فإذا شرعوا في الدفن فينبغي للإنسان أن يشارك في الدفن ، بأن يحثوَ بيديه ثلاث حثيات ثم ينصرف ، وإن شاء شارك إلى انتهاء الدفن ، فإذا فرغوا من دفنه وقف عليه ، وإذا كان مطاعاً كالعالم قال للناس : استغفروا لأخيكم واسألوا له التثبيت فإنه الآن يسأل ، فإن النبي صلي الله عليه وآله وسلم إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه وقال : استغفروا لأخيكم وأسالوا له التثبيت فإنه الآن يُسأل ، الآن حين فُرغ من دفنه وانتهى الناس منه وسلموه لعالم الآخرة ، يأتيه عالم الآخرة ، يأتيه ملكان يسألانه عن ربه ودينه ونبيه ، فيجيب المؤمن قائلاً : ربي الله، وديني الإسلام، ونبيي محمد، أسأل الله أن يجعلني وإياكم ممن يجيب بهذا الجواب إنه جواد كريم .
أما غير المؤمن المرتاب الشاك ، فيقول : ها ها لا أدري ، سمعت الناس يقولون شيئاً فقلته ، يعني ولم يصل الإيمان إلى قلبه والعياذ بالله ، فينبغي لك أن تقف بعد انتهاء الدفن وتقول : " اللهم اغفر له، اللهم ثبته، اللهم اغفر له. اللهم ثبته، الله اغفر له، اللهم ثبته " ، لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان إذا دعا دعا ثلاثاً. فتدعو ثلاثاً ثم تنصرف ولا حاجة إلى إطالة الوقوف.
وإذا انصرف الناس عن الميت حتى إنه ليسمع قرع نعالهم وهم ينصرفون عنه، يسمع قرع النعال ، ضربها بالأرض وهم ينصرفون عنه، جاءه الملكان، فأجلساه وسألاه عن ربه ودينه ونبيه، سألاه عن ربه ودينه ونبيه، ويجلسانه في القبر، وإن كان القبر ضيقاً لكنه يجلس، كما أن النائم الآن يرى نفسه أنه قائم، وأنه ماشٍ وأنه قاعد، وهو ملتحف في فراشه لم يتحرك منه، لأن أحوال البرزخ أبلغ من أحوال الدنيا وأعظم، فيه أشياء ما تنطبق على أحوال الدنيا، فها هو الميت المؤمن يُفسح له في قبره مد البصر، والمقبرة كلها ليست بشيء، ليست مد البصر، لكن أحوال الآخرة لا تقاس بأحوال الدنيا، وواجبنا فيما جاء في كتاب الله أو صح عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من أمور الآخرة، أن نقول : سمعنا وصدقنا وآمنا ، وكلٌ من عند ربنا والله على كل شيء قدير، والله الموفق .
نقل المؤلف -رحمه الله تعالى- : " عن أبي هريرة رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : حق المسلم على المسلم خمس : رد السلام، وعيادة المريض، واتباع الجنائز، وإجابة الدعوة، وتشميت العاطس . متفق عليه " .
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم :
قال المؤلف -رحمه الله تعالى- فيما نقله عن أبي هريرة رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال : حق المسلم على المسلم خمس : رد السلام، وعيادة المريض، وتشييع الجنائز، أو اتباع الجنائز ، وقد سبق الكلام على الجملتين الأوليين .
والثالثة : اتباع الجنائز وتشييعها : فإنها من حق المسلم على أخيه أن يتبع جنازته من بيته إلى المصلى ، سواء في المسجد أو في مكان آخر ، إلى المقبرة ، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال : مَن شهد الجنازة حتى يُصلى عليها فله قيراط ، ومن شهدها حتى تدفن فله قيراطان ، قيل: وما القيراطان يا رسول الله ؟ قال : مثل الجبلين العظيمين أصغرهما مثل أُحد ، وهذا فضل عظيم وأجر كبير ، ولما بلغ عبد الله بن عمر رضي الله عنهما هذا الحديث قال : " لقد فرطنا في قراريط كثيرة ، ثم صار بعد ذلك لا يرى جنازة إلا تبعها رضي الله عنه " ، لأن هذه غنيمة غنيمة غنيمة أن يحصل للإنسان مثل الجبلين العظيمين في عمل يسير، وهذا الأجر متى يلقاه ؟ يلقاه في يوم هو أحوج ما يكون إليه ، في يوم ليس عنده درهم، ولا دينار، ولا متاع، ولا قرابة، ولا زوجية تنفعه يوم القيامة الإ العمل الصالح، له إذا تبع الجنازة حتى يصلى عليها، ثم حتى تدفن، فله قيراطان، قيراطان مثل الجبلين العظيمين أصغرهما مثل أحد .
وينبغي لمن أتبع أن يكون خاشعاً، مُفكراً في مآله، يقول لنفسه : يا نفسي أنت مآلك كمآل هذا الذي فوق أعناقنا ، عن قريب أو بعيد ، وربما يكون عن قريب ، ويتذكر هذا الرحيل ، يتذكر أن أقرب الناس إليه وأولى الناس به وأشفق الناس عليه مَن يُسلمه إلى حفرته ويدخله ويغمسه ويتخلى عنه، هذا أقرب الناس إليك ، الذي يحملك إلى مدفنك ثم ينصرف عنك ويدعك في هذا اللحد وحيداً بأعمالك ، إن خيراً فخير، وإن شراً فشر، ولهذا قال العلماء : يُكره للإنسان المتبع للجنازة أن يتحدث في شيء من أمور الدنيا ، أو أن يتبسم ويضحك.
وكذلك أيضاً إذا وصلت إلى المقبرة، وجلست تنتظر دفنها، فينبغي أن تفكر في مآلك، وأنك سوف يُنتظر دفنك كما انتظر دفن هذا الرجل .
وإذا كان حولك أناس وحدثتهم بما حدث به النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه، حينما خرج في جنازة رجل من الأنصار، فانتهى إلى القبر ولما يُلحَد، فجلس عليه الصلاة والسلام وحوله أصحابه، وفي يده مِخصرة أي : عود ينكت به الأرض، يعتبر عليه الصلاة والسلام ويفكر ويحدث أصحابه بما يكون عند الاحتضار وعند الدفن حتى يكون جامعاً بين الموعظة وبين تشييع الجنازة ، ولكن ليست هذه الموعظة كما يفعله بعض إخواننا الآن في بعض المحلات ، يقوم الرجل خطيباً يعظ الناس ، فإن هذا ليس معروفاً في عهد النبي عليه الصلاة والسلام ، ولا عهد أصحابه، لكن لما جلس النبي صلى الله عليه وآله وسلم ينتظر لحد هذا الميت، وجلس أصحابه، حدثهم حديث المجالس بما ينفعهم وبما يناسب.
وكذلك كان عليه الصلاة والسلام حاضراً دفن إحدى بناته، وكان على شفير القبر وعيناه تدمعان، فقال عليه الصلاة والسلام : ما مِنكم مِن أحد وقد كتب مقعدة من الجنة ومقعده من النار ، قالوا : يا رسول الله أفلا ندع العمل ونتكل على ما كُتب لنا ؟ قال: لا، اعملوا فكل ميسر لما خلق له ، أما أهل السعادة فييسرون لعمل أهل السعادة، وأما أهل الشقاوة فييسرون لعمل أهل الشقاوة ، ثم قرأ قوله تعالى : فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى ، وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى ، فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى ، وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى، وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى، فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى ، نسأل الله أن يجعلنا وإياكم من أهل السعادة الذين يسروا لليسرى وجُنبوا العسرى .
فإذا شرعوا في الدفن فينبغي للإنسان أن يشارك في الدفن ، بأن يحثوَ بيديه ثلاث حثيات ثم ينصرف ، وإن شاء شارك إلى انتهاء الدفن ، فإذا فرغوا من دفنه وقف عليه ، وإذا كان مطاعاً كالعالم قال للناس : استغفروا لأخيكم واسألوا له التثبيت فإنه الآن يسأل ، فإن النبي صلي الله عليه وآله وسلم إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه وقال : استغفروا لأخيكم وأسالوا له التثبيت فإنه الآن يُسأل ، الآن حين فُرغ من دفنه وانتهى الناس منه وسلموه لعالم الآخرة ، يأتيه عالم الآخرة ، يأتيه ملكان يسألانه عن ربه ودينه ونبيه ، فيجيب المؤمن قائلاً : ربي الله، وديني الإسلام، ونبيي محمد، أسأل الله أن يجعلني وإياكم ممن يجيب بهذا الجواب إنه جواد كريم .
أما غير المؤمن المرتاب الشاك ، فيقول : ها ها لا أدري ، سمعت الناس يقولون شيئاً فقلته ، يعني ولم يصل الإيمان إلى قلبه والعياذ بالله ، فينبغي لك أن تقف بعد انتهاء الدفن وتقول : " اللهم اغفر له، اللهم ثبته، اللهم اغفر له. اللهم ثبته، الله اغفر له، اللهم ثبته " ، لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان إذا دعا دعا ثلاثاً. فتدعو ثلاثاً ثم تنصرف ولا حاجة إلى إطالة الوقوف.
وإذا انصرف الناس عن الميت حتى إنه ليسمع قرع نعالهم وهم ينصرفون عنه، يسمع قرع النعال ، ضربها بالأرض وهم ينصرفون عنه، جاءه الملكان، فأجلساه وسألاه عن ربه ودينه ونبيه، سألاه عن ربه ودينه ونبيه، ويجلسانه في القبر، وإن كان القبر ضيقاً لكنه يجلس، كما أن النائم الآن يرى نفسه أنه قائم، وأنه ماشٍ وأنه قاعد، وهو ملتحف في فراشه لم يتحرك منه، لأن أحوال البرزخ أبلغ من أحوال الدنيا وأعظم، فيه أشياء ما تنطبق على أحوال الدنيا، فها هو الميت المؤمن يُفسح له في قبره مد البصر، والمقبرة كلها ليست بشيء، ليست مد البصر، لكن أحوال الآخرة لا تقاس بأحوال الدنيا، وواجبنا فيما جاء في كتاب الله أو صح عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من أمور الآخرة، أن نقول : سمعنا وصدقنا وآمنا ، وكلٌ من عند ربنا والله على كل شيء قدير، والله الموفق .
الفتاوى المشابهة
- درس " الترغيب والترهيب " ، الترغيب في عيادة ال... - الالباني
- الترغيب في عيادة المرضى وتأكيدها والترغيب في د... - الالباني
- شرح الشيخ لحديث أبي هريرة رضي الله عنه " حق ال... - الالباني
- شرح قول قول الإمام النووي رحمه الله تعالى في... - ابن عثيمين
- تتمة شرح قول قول الإمام النووي رحمه الله تعا... - ابن عثيمين
- باب : " الترغيب في تشييع الميت وحضور دفنه " ال... - الالباني
- الترغيب في عيادة المرضى وتأكيدها والترغيب في د... - الالباني
- تتمة شرح قول قول الإمام النووي رحمه الله تعا... - ابن عثيمين
- تتمة شرح قول قول الإمام النووي رحمه الله تعا... - ابن عثيمين
- قراءة قول قول الإمام النووي رحمه الله تعالى... - ابن عثيمين
- تتمة شرح قول قول الإمام النووي رحمه الله تعا... - ابن عثيمين