تم نسخ النصتم نسخ العنوان
تتمة شرح قول قول الإمام النووي رحمه الله تعا... - ابن عثيمينالشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم :قال المؤلف -رحمه الله تعالى- فيما نقله عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في حق المسلم على أخيه المسلم :  وتش...
العالم
طريقة البحث
تتمة شرح قول قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( حق المسلم على المسلم خمس: ... وتشميت العاطس ) متفق عليه . وفي رواية لمسلم: ( حق المسلم ست إذا لقيته فسلم عليه وإذا دعاك فأجبه وإذا استنصحك فانصح له وإذا عطس فحمد الله فشمته وإذا مرض فعده وإذا مات فاتبعه ) ... " .
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم :
قال المؤلف -رحمه الله تعالى- فيما نقله عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في حق المسلم على أخيه المسلم : وتشميت العاطس : يعني أنَ من حقوق المسلم على المسلم أن يشمته إذا عطس، هكذا في الرواية الأولى التى أخرجها البخاري ومسلم، وفي الرواية الثانية التى أخرجها مسلم : إذا عطس فحمد الله فشمته : فقيد ذلك بما إذا حمد الله، فإذا عطس الرجل وحمد الله وسمعته ، فشمّته ، يعني قل : يرحمك الله ، فإذا قلت : يرحمك الله، وجب عليه أن يقول : يهديكم الله ويصلح بالكم، هكذا جاء الحديث عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه يقول في الجواب : يهديكم الله ويصلح بالكم .
وهل تشميت العاطس إذا حمد فرض عين أو فرض كفاية ؟ يعني: هل يكفي واحد من الجماعة إذا شمته عن الجماعة، أم لابد على كل من سمعه أن يشمته؟
ذهب بعض العلماء إلى أن التشميت فرض كفاية ، فإذا كنا جماعة وعطس رجل فقال : الحمد لله، فقال أحدنا له : يرحمك الله كفى.
وقال بعض العلماء : بل تشميته فرض عين على كل من سمع ، لأن النبي صلى الله عليه آله وسلم قال : كان حقاً على كل من سمعه أن يقول : يرحمك الله ، وظاهر هذا أنه فرض عين، فعلى هذا كل من سمعه يقول له : يرحمك الله، ويقول هو : يهديكم الله ويصلح بالكم، ويكفي منه ردّ واحدٌ على الجميع، إذا نواه للجميع كفى.
فإن عطس ولم يحمد الله فلا تقل : يرحمك الله، تعزيراً له على عدم حمده لله عزّ وجلّ، يعني كما أنه لم يحمد الله فاحرمه هذا الدعاء، لا تدع الله له، لا تقل له: يرحمك الله، ثم هل تذكره وتقول : قل الحمد لله أو لا تذكره ؟
من المعلوم أنه يحتمل أنه ترك الحمد تهاوناً، ويحتمل أنه تركه نسياناً، أليس كذلك ؟
نعم ، يمكن أنه تركه نسياناً ويمكن أنه تركه تهاوناً ، إن كان تركه نسياناً فذكّره قل له : احمد الله، وإن كان تركه تهاوناً فلا تذكره، ولكن أين لي العلم بذلك؟ كيف أعلم أنه نسيان أو أنه تهاون؟
ظاهر الحديث فحمد الله أنه إذا لم يحمد الله لا تشمته ولا تذكره مطلقاً.
ولكن فيما بعد عَلِّمه وقل له : إن الإنسان إذا عطس فإنه يحمد الله على هذا العطاس ، لأن العطاس من الله، والتثاؤب من الشيطان، العطاس دليلٌ على نشاط الإنسان ، نشاط جسمه ، ولهذا يجد الإنسان بعد العطاس خفة.
ثم إن التشميت مقيد بثلاث ، التشميت بقول : يرحمك الله مقيد بثلاث ، إذا شمته ثلاث مرات ، يعني عطس فحمد الله، فقلت يرحمك الله ، ثم عطس فحمد الله ، فقلت: يرحمك الله، ثم عطس فحمد الله فقلت: يرحمك الله، ثم عطس الرابعة فقل: " عافاك الله، إنك مزكوم " ، تدعو له بالعافية وتبين أنه مزكوم لئلا يقول : لماذا لا تقول يرحمك الله ؟ كنت بالأول تقول لي يرحمك الله، والآن تقول عافاك الله ليش؟ تقول : إنك مزكوم.
وفي هذا تنبيه له على أن يحاول الاحتراز مما يزيد الزكام، وإلا فإن الزكام في الغالب لا دواء له ، إذا أصاب الإنسان ما يذهب عنه حتى ينتهي منه ، لكن مِن أسباب تخفيفه على الإنسان عدم التعرض للهواء البارد ، وعدم شرب الماء البارد ، وألا يتعرض للبراد بعد الدفء ، والإنسان طبيب نفسه.
وفي قولنا : إنه يقول العاطس إذا قالوا له : يرحمك الله، يقول : يهديكم الله ويصلح بالكم ، دليل على أن ما يقوله بعض العامة إذا قلت له : يرحمك الله قال : يهدينا ويهديكم الله ، هذا ما هو صحيح ، لأن الرجل دعا لك أنت قال : يرحمك الله، كيف تقول : يهدينا ويهديكم الله، تدعو لنفسك قبله ، هو نعم لو قال : يرحمنا ويرحمك الله، قل: يهدينا ويهديكم الله، لكن هو قال: يرحمك الله كما أُمر، فأنت أجبه كما أُمرت، قل : " يهديكم الله ويصلح بالكم " .
وذُكر أن اليهود كانوا يتعاطسون عند النبي صلى الله عليه وسلم ، يتعاطسون يعني يتكلفون العطاس ، من أجل أن يقول لهم : يرحمكم الله، لأنهم يعلمون أنه نبي ، وأن دعاءه بالرحمة قد ينفعهم، ولكنه لا ينفعهم ، لأن الكفار لو دعوت لهم بالرحمة لا ينفعهم ذلك، ولا يحل لك أن تدعو لهم بالرحمة إذا ماتوا ولا بالمغفرة، لقول الله تعالى : مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ .
فإن قيل : أليس إبراهيم استغفر لأبيه ، وإبراهيم على الحنيفية على التوحيد؟ قال الله تعالى : وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأبِيهِ هذا الجواب ، هذا الجواب : وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ ، والله الموفق.

Webiste