تم نسخ النصتم نسخ العنوان
شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما ن... - ابن عثيمينالشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم :قال المؤلف -رحمه الله تعالى- في : " باب حق الرجل على زوجته " : قال فيما نقله عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الل...
العالم
طريقة البحث
شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فلم تأته فبات غضبان عليها لعنتها الملائكة حتى تصبح ) متفق عليه وفي رواية لهما: ( إذا باتت المرأة هاجرة فراش زوجها لعنتها الملائكة حتى تصبح ) وفي رواية قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( والذي نفسي بيده ما من رجل يدعو امرأته إلى فراشه فتأبى عليه إلا كان الذي في السماء ساخطا عليها حتى يرضي عنها ) ... " .
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم :
قال المؤلف -رحمه الله تعالى- في : " باب حق الرجل على زوجته " : قال فيما نقله عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبت أن تجيء، لعنتها الملائكة حتى تصبح .
ولعن الملائكة يعني : أنها تدعو على هذه المرأة باللعنة، واللعنة هي : " الطرد والإبعاد عن رحمة الله " ، فإذا دعاها إلى فراشه ليستمتع بها بما أذن الله له فيه فأبت أن تجيء، فإنها تلعنها الملائكة والعياذ بالله، تدعو عليها باللعنة إلى أن تصبح.
واللفظ الثاني : أنها إذا هجرت فراش زوجها، فإن الله تعالى يغضب عليها حتى يرضى عنها الزوج : وهذا أشد من الأول، لأن الله سبحانه وتعالى إذا سخط فإن سخطه أعظم من لعنته، نسأل الله العافية، ودليل ذلك أن الله تعالى ذكر في آية اللعان إذا لاعن الرجل يقول : وأَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ ، وهي إذا لاعنت تقول : وأَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ ، وهذا يدل على أن الغضب أشد، وهو كذلك.
وأيضاً فإنه قال في الحديث : إلا كان الذي في السماء ساخطاً عليها حتى يرضى عنها : أي الزوج، وهناك قال : حتى تصبح ، أما هنا فعلّقه برضى الزوج، وهذا قد يكون أقل، وقد يكون أكثر، يعني ربما يرضى الزوج عنها قبل طلوع الفجر، وربما لا يرضى إلا بعد يوم أو يومين، المهم ما دام الزوج ساخطاً عليها فالله عز وجل ساخطا عليها.
وفي هذا دليل على عظم حق الزوج على زوجته، ولكن هذا في حق الزوج القائم بحق الزوجة، أما إذا نشز ولم يقم بحقها، فلها الحق أن تقتص منه وألا تعطيه حقه كاملاً، لقول الله تعالى:
فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ ، ولقوله تعالى: وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ : لكن إذا كان الزوج مستقيماً قائماً بحقها فنشزت هي ومنعته حقه ، فهذا جزاؤها إذا دعاها إلى فراشه فأبت أن تأتي.
والحاصل أن هذه الألفاظ التي وردت في هذا الحديث هي مطلقة، لكنها مقيدة بما ذكرتُ لكم ، بماذا؟
بكونه قائماً بحقها، أما إذا لم يقم بحقها فلها أن تقتص منه وأن تمنعه من حقه مثل ما منعها من حقها ، للآيتين اللتين ذكرتهما : فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ ، وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ .
وفي هذا الحديث دليل صريح لما ذهب إليه أهل السنة والجماعة وسلف الأمة مِن أن الله عز وجل في السماء ، هو نفسه جل وعلا فوق عرشه، فوق سبع سموات، وليس المراد بقوله : في السماء : أي ملكه في السماء، بل هذا تحريف للكلم عن مواضعه، وتحريف الكلم عن مواضعه من صنيع اليهود والعياذ بالله ، الذين حرفوا التوراة عن مواضعها : عما أراد الله بها، فإن مُلك الله سبحانه وتعالى في السماء وفي الأرض : وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْض ، قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلا يُجَارُ عَلَيْه ، ولله مقاليد السموات والأرض ، كل السموات والأرض كلها بيد الله عز وجل، كلها ملك الله.

Webiste