الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين :
قال -رحمه الله تعالى- : " باب تحريم سفر المرأة وحدها :
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر تسافر مسيرة يوم وليلة إلا مع ذي محرم عليها" متفق عليه .
وعن ابن عباس رضي الله عنهما ، أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول : "لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم ، ولا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم ، فقال له رجل : يا رسول الله إن امرأتي خرجت حاجة ، وإني اكتُتبت في غزوة كذا وكذا ؟ قال : انطلق فحج مع امرأتك" متفق عليه " .
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم :
قال المؤلف -رحمه الله تعالى- في كتابه * رياض الصالحين : " باب تحريم سفر المرأة وحدها " : يعني بلا محرم ، وذلك أن المرأة ناقصة العقل والدين قريبة التصور ، كل إنسان يخدعها ، وكل إنسان يزل بها ، وهي فتنة ، فتنة الرجال كما قال النبي عليه الصلاة والسلام : "إنما كانت فتنة بني إسرائيل في النساء" ، وقال : "ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء" : فلهذا تمنع المرأة من السفر بلا محرم ، واختلف العلماء فيما إذا كان السفر قصيرًا هل تُمنع منه أو لا ؟ فمن العلماء من قال : إنها تمنع حتى من السفر القصير ، ومنهم من قال : لا تمنع إلا من السفر الطويل ، والصحيح أنها تمنع مما يسميه الناس سفرًا ، فكل ما يطلق عليه اسم سفر فإنه لا يجوز للمرأة أن تسافر إلا مع ذي محرم خوفاً عليها من الفتنة والشر والبلاء ، ثم ذكر المؤلف حديث أبي هريرة وحديث ابن عباس رضي الله عنهم فيما يدل على ذلك : أنه يحرم أن تسافر المرأة بلا محرم ، وظاهر الحديث أنه لا فرق بين المرأة الشابة والكبيرة والحسناء والقبيحة ، ومن معها نساء ومن لا نساء معها ، ومن هي آمنة ومَن هي غير آمنة ، الحديث عام ، وإذا قُدر أن يوجد في سفر من الأسفار السلامة يقيناً فإن ذلك لا يوجد في كل سفر، ولما كانت المسألة خطيرة منعت المرأة منعًا باتًا من السفر بلا محرم ، وقد تهاون بعض الناس اليوم في السفر بلا محرم ، ولاسيما في سفر الطائرة ، وكذلك النقل الجماعي وهذا غلط وتهاون بطاعة الله ورسوله ، فلا يحل للمرأة أن تسافر بلا محرم ولو في الطائرة ، حتى لو كان محرمها سيشيعها إلى أن تركب في الطائرة ، ومحرمها الثاني يقابلها في البلد الآخر فإن ذلك لا يجوز ، لأننا مهما قدرنا من السلامة فإنه من يركب إلى جنب هذه المرأة ؟! لأن النساء الآن في الطائرة لا يفرق بينهن وبين الرجال ، تجد المرأة إلى جانب الرجل ، لهذا نقول : إنه يحرم على المرأة أن تسافر بلا محرم في الطائرة أو في السيارة أو على الجمل أو على الحمار أو على الأرجل ، كل ذلك حرام ، والمحرم : هو من تحرم عليه تحريما مؤبدًا بنسب أو مصاهرة أو رضاع ، هذا المحرم : من تحرم عليه تحريما مؤبدا بنسب أو مصاهرة أو رضاع ، وقد ذكر الله تعالى ذلك في القرآن الكريم فقال : { حرِّمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم وعماتكم وخالاتكم وبنات الأخ وبنات الأخت } :هؤلاء سبع من النسب ، { وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة } : هذه من الرضاعة ، وكذلك العمة من الرضاعة والخالة من الرضاعة ، كلها محارم ، لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم : "يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب" .
أما المصاهرة فأبو الزوج وجده مِن قِبَل الأب أو الأم محرم للزوجة ، وابن الزوج وابن بنت الزوج وإن نزل كذلك أيضًا من محارم الزوجة ، فلو أن جد الزوج سافر بامرأة ابنه فإن ذلك لا بأس به لأنه محرم ولو أن ابن الزوج النازل سافر بزوجة أبيه فلا بأس لأنها محرم له ، وأما ما يظنه بعض العوام من أن الإنسان إذا أنقذ امرأة من هلاك صار محرمًا لها فهذا ليس له أصل ، يعني يقول بعض الناس : إذا غرقت امرأة ثم جاء إنسان وأنقذها ، أو شبت حريق في البيت فجاء إنسان فأنقذها يدعي بعض العوام أنه يصير محرما لها وهذا ليس له أصل ، غير صحيح ، المحارم سبع بالنسب وسبع بالرضاع وأربع بالمصاهرة ، أما الزوج فمعلوم أنه محرم ، لأنه زوج ، والله الموفق .