تم نسخ النصتم نسخ العنوان
باب وجوب صوم رمضان وبيان فضل الصيام وما يتعل... - ابن عثيمينالقارئ : قال -رحمه الله تعالى- : " باب وجوب صوم رمضان وبيان فضل الصيام وما يتعلق به : قال الله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب عل...
العالم
طريقة البحث
باب وجوب صوم رمضان وبيان فضل الصيام وما يتعلق به: قال الله تعالى: (( يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم )) إلى قوله تعالى: (( شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه، ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر )).
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
القارئ : قال -رحمه الله تعالى- : " باب وجوب صوم رمضان وبيان فضل الصيام وما يتعلق به :
قال الله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون } إلى قوله تعالى : { شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضًا أو على سفرٍ فعدة من أيام أُخَر يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ولِتكملوا العدة ولِتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون } "
.

الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم :
قال المؤلف -رحمه الله تعالى- في مؤلفه * رياض الصالحين * : " باب وجوب صوم رمضان وبيان فضل الصوم وما يتعلق به " :
ذكره -رحمه الله- بعد الكلام على الزكاة ، لأن هذا هو الترتيب الذي جاء في حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه في مُساءلة جبريل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم عن الإسلام والإيمان والإحسان والساعة وأماراتها :
صوم رمضان هو : " التعبد لله سبحانه وتعالى بترك الأكل والشرب والجماع من طلوع الفجر إلى غروب الشمس " ، هذا هو الصيام ، أن يتعبد الإنسان لله بترك هذه الأشياء ، لا أن يتركها على العادة ، أو من أجل الحُمية البدنية ولكنه يتعبد لله بذلك ، يُمسك عن الطعام والشراب والنكاح وكذلك سائر المفطرات من طلوع الفجر إلى غروب الشمس ، من هلال رمضان إلى هلال شوال ، وصيام رمضان أحد أركان الإسلام ، هذه منزلته في دين الإسلام وهو فرض بإجماع المسلمين لدلالة الكتاب والسنة على ذلك .
ثم ذكر المؤلف الآيات الواردة في هذا فقال -الآيات التي تدل على هذا- فقال : { يا أيها الذين أمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون } : فوجه الله الخطاب إلى المؤمنين ، لأن صيام رمضان من مقتضيات الإيمان ، ولأن صيام رمضان يكمل به الإيمان ، ولأن ترك صيام رمضان ينقص به الإيمان .
واختلف العلماء فيما لو تركه تهاونا وكسلا هل يكفر أو لا ؟ والصحيح أنه لا يكفر ، وأنه لا يكفر الإنسان بترك شيء من أركان الإسلام سوى الشهادتين والصلاة .
وقوله تعالى : { كُتب عليكم الصيام } أي : فرض ، وقوله : { كما كتب } أي : كما فرض ، { على الذين من قبلكم لعلكم تتقون } : وإنما ذكر الله تعالى أنه فُرض على من قبلنا ولم يذكر مثل ذلك في الصلاة ، لأن الصيام فيه مشقة ، فيه تعب ، فيه ترك المألوف ، ولا يخفى أنه في أيام الحر وطول النهار يكون شديدًا على النفوس ، فذكر الله أنه فرضه على من قبلنا تسلية لنا ، لأن الإنسان إذا علم أن هذا الشيء له ولغيره هان عليه ، وذكره أيضا من أجل أن يبين أنه جل وعلا أكمل لنا الفضائل كما أكمل لمن سبقنا ما شاء من الفضائل .
وقوله : { لعلكم تتقون } أي : لأجل أن تتقوا الله ، لأن الصيام جُنة ، يقيك من المعاصي ويقيك من النار ، "لأن من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه" ، فقوله : { لعلكم تتقون } أي : لأجل التقوى وهذه هي الحكمة من إيجاب الصوم ، ويدل لهذا قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم : "من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل ، فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه" : لأن الله لم يرد أن يعذب العباد بترك ما يشتهون ويألفون ، ولكنه أراد أن يدعوا قول الزور والعمل به والجهل .
ثم قال : { أياماً معدودات } : ذكرها على وجه التقليل ليبين أن المسألة ليست شهورًا ولا سنوات ، ولكنها أيام ، وليست طويلة أيامًا معدودات ، { فمن كان منكم مريضًا أو على سفر فعدة من أيام أخر } : وهذا أيضا تسهيل آخر أولاً : الأيام قليلة أيام معدودة ، وثانيا : أن من كان يشق عليه الصوم أو سافر فإنه يفطر وعليه عدة من أيام أخر : { فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر وعلى الذين يطيقونه } : وهم مقيمون ، { فدية طعام مسكين فمن تطوع خيراً فهو خير له وأن تصوموا خير لكم } : هذا في أول الأمر ، أول الأمر أول ما فرض الله الصوم قال للذين يطيقونه عليكم فدية طعام مسكين ، فإن تصدقتم فهو خير ، وأن تصوموا خير لكم ، فخير الله الناس في أول الأمر بين أن يصوم الإنسان أو يطعم عن كل يوم مسكين ، ثم تعين الصيام في الآية التي بعدها : { وأن تصوموا خير لكم إن كنتم تعلمون } أي : إن كنتم من ذوي العلم الذين يفهمون ، ووجه ذلك أن الصوم أشق على كثير من الناس من إطعام مسكين ، فلما كان أشق عُلم أنه أفضل ، لأن الإنسان إذا عمل عبادة شاقة بأمر الله كان أجرها أعظم ، ومن ثَم كان الأبعد من المسجد أعظم أجرا من الأدنى من المسجد لأنه أكثر عملا ، لكن ليس معنى ذلك أن الإنسان يطلب المشقة في العبادات التي يسرها الله ، هذا من التنطع في الدين ، لكن إذا كلفك الله بعبادة وشقت عليك صار هذا أعظم ، أما أن تطلب المشقة كما يفعل بعض الجهال في أيام الشتاء مثلا : يذهب يتوضأ بالماء البارد ، يقول : لأن إسباغ الوضوء على المكاره مما يرفع به الدرجات ويمحو به الخطايا ، نقول : يا أخي ما هذا أراد الرسول ، أراد الرسول أن الإنسان إذا توضأ بماء بارد في أيام الشتاء كان أعظم أجرا ولكنه لم يقل : اقصد الماء البارد ، فإذا منَّ الله عليك بماء ساخن تستطيع أن تسبغ الوضوء فيه إسباغا كاملا فهذا أفضل ، ويأتي إن شاء الله بقية الكلام على الآيات ، والله أعلم .

Webiste