تم نسخ النصتم نسخ العنوان
تتمة باب تحريم الغيبة والأمر بحفظ اللسان: قا... - ابن عثيمينالقارئ : بسم الله الرحمن الرحيم .الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .قال رحمه الله تعالى: " باب تحريم الغيبة وا...
العالم
طريقة البحث
تتمة باب تحريم الغيبة والأمر بحفظ اللسان: قال الله تعالى: (( ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا )). وقال تعالى: (( ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد )).
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
القارئ : بسم الله الرحمن الرحيم .
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
قال رحمه الله تعالى: " باب تحريم الغيبة والأمر بحفظ اللسان، قال الله تعالى: ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولًا وقال تعالى: ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد ".

الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم .
هذا الباب كما سبق في بيان تحريم الغيبة ووجوب حفظ اللسان، وقد سبق الكلام على الآية الأولى قوله تعالى: ولا يغتب بعضكم بعضًا أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتًا فكرهتموه واتقوا الله إن الله تواب رحيم أما الآية الثانية فهي قول الله تعالى: ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولًا لا تقف يعني: لا تتبع ما ليس لك به علم، وهذا النهي يشمل كل شيء كل شيء ليس لك به علم فلا تتبعه أعرض عنه ولا تتكلم فيه، لأنك على خطر وهذا إذا كان بالنسبة لما تنسبه إلى الله ورسوله كان محرمًا من أشد المحرمات إثمًا إذا قلت مثل قال الله تعالى كذا والله لم يقله أو تفسّر الآية بما تهواه لا بما تدل عليه فقد قلت على الله ما لا تعلمه، ولهذا جاء في الحديث: من قال في القرآن برأيه فليتبوأ مقعده من النار ولا يحل لأحد أن يفسر آية من كتاب الله وهو لا يعلم معناها وإنما يفسرها بالظن والتخمين، لأن الأمر خطير فإنك إذا فسرت آية إلى معنى من المعاني فقدت شهدت على الله أنه أراد كذا وكذا وهذا خطر، خطر عظيم ولهذا يجب على الإنسان التحرز من التسرع فيما ليس له به علم بالنسبة للأحكام الشرعية وكذلك غيرها لكن هي أشد، وقد قرن الله تعالى القول عليه بلا علم قرنه بالشرك فقال جل وعلا: قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانًا وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون وكذلك إذا قفوت ما ليس لك به علم بالنسبة للآدميين بأن تنقل عن شخص أنه قال كذا وكذا وهو لم يقله، حتى لو قيل لك إنه قال كذا وكذا فلا تعتمد على هذا حتى تتيقن، لاسيما إذا كثر الخوض بين الناس في الأمور فإنه يجب التحرز أكثر، لأن الناس إذا كثر فيهم الخوض والقيل والقال فإنهم يبنون من الحبة قبة ومن الكلمة كلمات ولا يتحرّزون في النقل، ولهذا يسمع الإنسان أنه ينقل عنه أو عن غيره ما ليس بصحيح إطلاقًا، لأن الناس مع الخوض والقيل والقال يكون لهم هوى والعياذ بالله فيقولون بما لا يعلمون، ثم ذكر الآية الثالثة وهي قول الله تعالى: ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه ونحن أقرب إليه من حبل الوريد * إذ يتلقى المتلقيان عن اليمين وعن الشمال قعيد * ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد المؤلف رحمه الله لم يسق إلا هذه الآية الثالثة وليته ساق الآيات كلها لكان أحسن، فالله تعالى يخبر أنه خلق الإنسان وهذا أمر معلوم بالضرورة والفطرة، فالله وحده هو الخالق والخالق يعلم من خلق كما قال تعالى: ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير فهو جل وعلا يعلم بأحوالنا ونياتنا ومستقبلنا وكلما يتعلق بنا، ولهذا قال: ونعلم ما توسوس به نفسه الشيء الذي تحدث به نفسك يعلمه الله قبل أن تتكلم ولكن هل يؤاخذك به في هذا تفصيل إن ركنت إليه وأثبته في قلبك عقيدة فإن الله يؤاخذك به وإلا فلا شيء عليك، لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم فمثلًا لو أن الإنسان صار يوسوس يفكر هل يطلق زوجته أو لا ومثلت بهذا، لأنه كثير بي الناس فإنها لا تطلق حتى لو عزم على أن يطلقها فإنها لا تطلق إلا بقول أو بالكتابة الدالة على القول أو بالإشارة الدالة على القول، لأن الله تجاوز عن هذه الأمة ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم، قال: ونحن أقرب إليه من حبل الوريد * إذ يتلقى المتلقيان عن اليمين وعن الشمال قعيد فإن الله تعالى وكّل بالإنسان ملكين يلازمانه أحدهما عن اليمين والثاني عن الشمال، عن اليمين وعن الشمال يلازمانه دائمًا ويكتبان عليه كل ما نطق به وكل ما فعل، ولهذا قال: ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد ومن هنا زائدة للتوكيد يعني ما يلفظ قولًا من الأقوال أي قول كان إلا لديه رقيب عتيد، رقيب أي مراقب، عتيد أي حاضر لا يفلته، وأنت الآن لو جعلت في جيبك مسجلًا يسجل ما تقول لوجدت العجب العجاب مما يصدر منك أحيانًا وأنت لا تفكر فيه، والرجل قد يتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالًا يهوي في النار كذا وكذا خريفًا والعياذ بالله، طيب الرقيب معناه المراقب الذي يرقبك، العتيد الحاضر الذي لا يغيب عنك أي قول كان يكتب، ويذكر عن الإمام أحمد رحمه الله أنه دخل عليه أحد أصحابه وهو مريض مريض يئنّ من المرض فقال له: " إن فلانًا من التابعين يقول إن الملك يكتب حتى أنين المريض " فأمسك رحمه الله عن الأنين خوفًا من أن يكتب عليه، ولهذا ينبغي للإنسان أن يقلل من الكلام ما استطاع، لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا أو ليصمت فليقل خيرًا أي كلامًا فيه الخير إما لأنه خير بذاته وإما لأنه خير لما يفضي إليه من الإلفة بين الجلساء والمحبة، لأنك إذا حضرت مجلسًا مثلًا ولم تتكلم فيه لم يستحب الناس الجلوس معك، لكن إذا انطلقت في الكلام المباح من أجل أن تؤلفهم وتتودد فهذا خير داخل في قوله صلى الله عليه وسلم: فليقل خيرًا أو ليصمت والمهم أن من جملة الأقوال التي تكتب الغيبة فاحذر أن تكتب عليك لأنك إذا اغتبت أحدًا فإنه يوم القيامة يأخذ من حسناتك التي هي أغلى ما يكون عندك في ذلك الوقت، فإن بقي من حسناتك شيء وإلا أخذ من سيئات الذين اغتبتهم وطرح عليك ثم طرحت في النار، نسأل الله أن يحمينا وإياكم مما يغضبه وأن يوفقنا وإياكم لما يرضيه.

Webiste