تم نسخ النصتم نسخ العنوان
تتمة باب ما أعد الله تعالى للمؤمنين في الجنة... - ابن عثيمينالشيخ : أما الباب الذي نتكلم عليه الآن : فهو بيان ما أعد الله تعالى لأوليائه في الجنة : والجنة هي الدار التي أعدها الله تعالى لأوليائه ، للمتقين. بدأ ال...
العالم
طريقة البحث
تتمة باب ما أعد الله تعالى للمؤمنين في الجنة : قال الله تعالى: (( إن المتقين في جنات وعيون ادخلوها بسلام آمنين ونزعنا ما في صدورهم من غل إخوانا على سرر متقابلين لا يمسهم فيها نصب وما هم منها بمخرجين )). وقال تعالى: (( يا عباد لا خوف عليكم اليوم ولا أنتم تحزنون الذين آمنوا بآياتنا وكانوا مسلمين ادخلوا الجنة أنتم وأزواجكم تحبرون يطاف عليهم بصحاف من ذهب وأكواب وفيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين وأنتم فيها خالدون وتلك الجنة التي أورثتموها بما كنتم تعملون لكم فيها فاكهة كثيرة منها تأكلون )). وقال تعالى: (( إن المتقين في مقام أمين في جنات وعيون يلبسون من سندس وإستبرق متقابلين كذلك وزوجناهم بحور عين يدعون فيها بكل فاكهة آمنين لا يذوقون فيها الموت إلا الموتة الأولى ووقاهم عذاب الجحيم فضلا من ربك ذلك هو الفوز العظيم )). وقال تعالى: (( إن الأبرار لفي نعيم على الأرائك ينظرون تعرف في وجوههم نضرة النعيم يسقون من رحيق مختوم ختامه مسك وفي ذلك فليتنافس المتنافسون ومزاجه من تسنيم عينا يشرب بها المقربون )). والآيات في الباب كثيرة معلومة.
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
الشيخ : أما الباب الذي نتكلم عليه الآن : فهو بيان ما أعد الله تعالى لأوليائه في الجنة :
والجنة هي الدار التي أعدها الله تعالى لأوليائه ، للمتقين.
بدأ المؤلف بقول الله تبارك وتعالى : إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَّعُيُونٍ * ادْخُلُوهَا بِسَلاَمٍ آمِنِينَ : يعني يقال لهم : ادخلوها بسلام آمنين ، آمنين من كل شيء، من كل آفة، من كل مرض، من الهرم من الموت من كل شيء.
ادخلوها بسلام آمنين وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ : يعني أنهم إذا دخلوا الجنة نزع الله تعالى ما في صدورهم من غل ، وذلك أنهم يوقفون قبل دخول الجنة على قنطرة بين الجنة والنار ، فيُقتص لبعضهم من بعض ، حتى إذا هُذِّبوا ونقُّوا وبقيت قلوبهم صافية ليس فيها غل دخلوا الجنة ، بعد أن ينزع الله ما في قلوبهم من غل .
وقوله : على سرر متقابلين : السرر جمع سرير وهو معروف ما يجلس عليه .
وقوله : متقابلين : يعني أنهم على جانب من الأدب العظيم في جلوسهم ، لا يستدبر بعضهم بعضاً ، ولكنهم متقابلون ، قال بعض العلماء : " لأنهم يجلس بعضهم إلى بعض على حلقة واسعة ، والحلقة لا يتدابر فيها الجالسون ، كل واحد مقابل للآخر " .
لا يمسهم فيها نصب وما هم منها بمخرجين : يعني لا يمسهم تعب وإعياء ولا يخرجون منها بل هم ساكنوها أبد الآبدين .
الآية الثانية قوله تعالى : يَا عِبَادِ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلَا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا مُسْلِمِينَ : ينادي الله عز وجل عباده المؤمنين يوم القيامة إذا دخلوا الجنة يقول : لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلَا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ : الخوف مما يستقبل والحزن من الماضي ، وذلك لأنهم نالوا كمال النعيم ، فلا يخافون من مستقبل ولا يحزنون على ماضي ، لأنه كمل لهم النعيم .
الَّذِينَ آمَنُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا مُسْلِمِينَ : آمنوا بقلوبهم وكانوا مسلمين بجوارحهم ، منقادين لأمر الله عز وجل ، لا يعصون الله لا بفعل محرم ولا بترك واجب ، ادخلوها أنتم وأزواجكم تُحبرون ، ادخلوها بسلام آمنين ، ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنْتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ : يعني تنعمون ، وأزواجكم : هم الحور العين وزوجاتهم في الدنيا أيضًا ، لقول الله تبارك وتعالى : وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُم مِّنْ عَمَلِهِم مِّن شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهَينٌ ، فهم وأزواجهم يحبرون أي : في مكان حبرة أي : أنهم منعمون مترفون وفيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين ، يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِصِحَافٍ مِّن ذَهَبٍ وَأَكْوَابٍ وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الأنْفُسُ وَتَلَذُّ الأعْيُنُ : ولم يبين الله تعالى من يطوف عليهم في هذه الآية لكن بينها في آيات أخرى ، فقال : يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُّخَلَّدُونَ بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِّن مَّعِينٍ لاَ يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلاَ يُنْزِفُونَ .
نعم عطنا الآية ؟
الآية الثالثة قوله تعالى : إن المتقين في مقام أمين * في جنات وعيون : في مقام أي : مكان إقامة ، آمنين : آمنين كما سبق من كل شيء .
يلبسون من سندس وإستبرق متقابلين : هذا لباسهم وهو أعلى أنواع الحرير .
وقال تعالى : إِنَّ الأبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ * عَلَى الأَرَائِكِ يَنظُرُونَ تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ إلى آخره :
الأبرار : هم الذين فعلوا الخيرات وتركوا المحرمات مأخوذة من البر ، وهو القيام بطاعة الله .
إن الأبرار لفي نعيم : يعني أنهم في نعيم في القلب وفي نعيم في البدن فهم في أسر ما يكون ، جعلنا الله وإياكم منهم .
على الأرائك ينظرون : الأرائك جمع أريكة ، وهي السقف المغطاة المزخرفة المزينة ، وينظرون ما أعدَّ الله لهم من النعيم في هذه الجنات ، ويشمل ذلك النظر إلى وجه الله عز وجل .
تعرف في وجوههم نضرة النعيم أي : أنك إذا رأيتهم عرفت أنهم منعمون ، لأن وجوههم نضرة حسنة جميلة .
يُسْقَوْنَ مِن رَّحِيقٍ مَّخْتُومٍ خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُون أي : يشربون من صافي الشراب ، مختوم يعني : له خاتمة ، وهذه الخاتمة مسك ، أي : رائحة طيبة ، وفي ذلك أي : في هذا الثواب والأجر والنعيم ، فليتنافس المتنافسون : أي فليتاسبق المتسابقون .

Webiste