ضرب الشيخ لبعض أمثلة البلاغات في الموطأ مع التعليق عليها .
الشيخ محمد ناصر الالباني
الشيخ : أذكر مِن هذه الأحاديث : إني لا أَنسى ، وإنما أُنسَّى ، لأذكِّر هذا مِن الأحاديث التي ذكرها مالك في الموطأ بلاغًا بدون إسناد ، ومعناه واضح ، ولوضوح معناه اتضح أنه غير صحيح ، فضلًا عن أنه لم يوجد موصولا مسندًا في خارج الموطأ ، هو يقول : لا أنسى ، وإنما أُنسَّى لأُشرِّع ، لكن هذا خلاف القرآن ، وخلاف الحديث الصحيح ، سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنْسَى * إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ ، وأكَّدَّ معنى هذه الآية حديث في " صحيح البخاري " يَردُّ مباشرة على من قد يحاول تفسير الآية تفسيرًا يتناسب مع هذا الحديث البلاغي في الموطأ ، ذاك الحديث يقول : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - دخل المسجد فسمع رجلًا يقرأ فقال : رَحِمَ اللهُ فلانًا لقد ذكَّرَني آية كنتُ أُنسِيتُها ، ثم أوضح وأوضح من هذا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سهى في صلوات عديدة ، مرة صلى العصر ركعتين ، ومرة صلى الظهر خمس ركعات ، مرة صلى المغرب ركعتين ، وهكذا ، لكن المهم أن مع هذا النسيان في بعض هذه الحوادث ما يصرِّح بما نحن في صدده الآن : أن الرسول - عليه الصلاة والسلام - ينسى بطبيعة كونه بشرًا ، كما قال - تعالى - : إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ ، والبشر ينسى ، وأكَّدَ هذا صراحةً : حينما صلَّى بهم الظهر خمس ركعات ، فلما سلَّم قالوا : يا رسول الله ، أزيد في الصلاة ؟ قال : لا . قالوا : صليت خمسًا ، فسجد سجدتي سهو وسلَّم ، ثم قال لهم : إنما أنا بشر مثلكم ؛ أنسى كما تنسون ، فإذا نسيت فذكِّروني ، أيُّ تصريح بعد هذا ؟! إنما أنا بشر مثلكم ؛ أنسى كما تنسون ، فإذا نسيت فذكروني ، كذلك مما يؤكد هذا المعنى بطريقة أخرى : بطريق اللزوم ، حينما صلى العصر ركعتين ، ثم ترك مصلاه وانتحى ناحية من المسجد ، واضطجع هكذا ليستريح ، ووضع رجلًا على أخرى ، وفي القوم أبو بكر وعمر ، وفيهم رجل يعرف بذي اليدين -لقبه : ذي اليدين- قال : يا رسول الله _هو الذي تجرأ على الرسول _ قال : يا رسول الله ! أقصُرت الصلاة أم نسيت ؟ فقال : كل ذلك لم يكن مثل ما شايفين نسيان الرسول ولا لأ ؟! نسيان ، قال : يا رسول الله ! أقصُرت الصلاة أم نسيت ؟ فقال : كلُّ ذلك لم يكن . قال : بلى يا رسول الله قد كان ؟ يعني أحد الأمرين إما النسيان وإما شرع جديد ، فالتفت إلى القوم وفيهم أبو بكر وعمر وقال : أصدق ذو اليدين ؟ . قالوا : نعم يا رسول الله . فترك المكان وعاد إلى المصلى " ، ولا أقول المحراب ، المحراب في المسجد بدعة كما يقول كبار الفقهاء المتقدمين والمتأخرين ، وللحافظ السيوطي رسالة لطيفة سماها : " تنبيه الأريب في بدعة المحاريب " ، بهذا السجع لطيف ، فلم يكن في زمن الرسول - عليه السلام - في المسجد محراب ، لذلك أقول : رجع إلى مكان صلاته ، فصلى الركعتين الفائتتين المنسيتين ، ثم سجد سجدتي السهو .
الفتاوى المشابهة
- نسيان الرسول صلى الله عليه وسلم في الأمو... - اللجنة الدائمة
- التمثيل في القرآن بدروس البلاغة - اللجنة الدائمة
- كلام الشيخ حول كتاب اللكنوي في شرح موطأ الإمام... - الالباني
- الكلام على كون الرسول صلى الله عليه وآله وسلم... - الالباني
- هل من أخرج لم مالك في الموطأ يعتبر توثيقا له.؟ - ابن عثيمين
- عودة الشيخ للحديث حول بلاغات الإمام مالك رحمه... - الالباني
- معنى البلاغات. - الالباني
- توضيح الشيخ لأسلوب مالك رحمه الله في الموطأ في... - الالباني
- أمثلة البلاغات : جواز النسيان على النبي صلى ال... - الالباني
- ما معنى البلاغات ؟ وحكمها ؟ - الالباني
- ضرب الشيخ لبعض أمثلة البلاغات في الموطأ مع الت... - الالباني