تم نسخ النصتم نسخ العنوان
توضيح الشيخ إقرار الرسول لفعل الصحابة وأن ذلك... - الالبانيالشيخ : لذلك أقول : ختاما لهذه الكلمة ، لا يمكن لمسلم -وهذه خلاصة هذه المحاضرة ، التي هي بيان للبصيرة التي يجب على المسلم أن يكون في حياته الدينية- لا ي...
العالم
طريقة البحث
توضيح الشيخ إقرار الرسول لفعل الصحابة وأن ذلك من السنة.
الشيخ محمد ناصر الالباني
الشيخ : لذلك أقول : ختاما لهذه الكلمة ، لا يمكن لمسلم -وهذه خلاصة هذه المحاضرة ، التي هي بيان للبصيرة التي يجب على المسلم أن يكون في حياته الدينية- لا يمكن لمسلم أبدا أن يكون على هدى من ربه ، ولو كان يدّعي أنه يرجع إلى الكتاب والسنة ، ولا يتبع سبيل المؤمنين ، هذا لا يكون من المهتدين ، وبالتالي لا يكون من الفرقة الناجية ، لماذا ؟! لأن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - خاطب الصحابة بالحديث السابق : صلُّوا كما رأيتموني أصلِّي ، ونقلوا لنا كيفية صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - قولا وفعلا وتقريرا ، قولا وفعلا وتقريرا ، القول والفعل سبق آنفًا ضرب مثل واحد لكل منهما ، الآن لا بد -ونحن سنقوم إلى الصلاة قريبا إن شاء الله- أن أضرب لكم مثلًا يتعلق بسبيل المؤمنين الأولين مما أقرّهم رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - عليه ، لقد جاء في " صحيح البخاري " من حديث أنس بن مالك - رضي الله تعالى عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - ذات يوم ، وقد أقيمت الصلاة : سَوُّوا صفوفَكم وتراصُّوا ، سَوُّوا صفوفكم وتراصُّوا ؛ فإنِّي أراكم من خلفي ، كما أراكم من أمامي ، لا شك أن في هذا الحديث معجزة خاصَّة بنبيِّنا - صلوات الله وسلامه عليه - ، وهي : أنه كان يرى من خلفه كما يرى من أمامه ، ولكن هنا تنبيه لا بد من التذكير به ، لأنه أسيء فهم هذه المعجزة المذكورة في هذه الآية ، أو توسع في فهمها -هذا أقل ما يقال- ذلك أن كثيرًا من الناس يظنون أن الني - صلى الله عليه وآله وسلم - كانت معجزته هذه في كل أحواله ، يعني ليس في الصلاة خاصة ، بل إذا مشى فهو يرى من خلفه كما يرى من أمامه ! هذا لم يثبت بل لم ينقل في السنة ، وإنما نقل هذا النص الصحيح في البخاري ، حيث قال - عليه السلام - : سَوُّوا صفوفكم وتراصُّوا ؛ فإنِّي أراكم من خلفي كما أراكم من أمامي : كأن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - يقول : لا تخللوا في الصف واستوا كما أمرتكم ، وتراصوا فإنه لا يخفى عليَّ حركاتكم ، واتباعكم لأمري أو مخالفتكم لأمري ، الشاهد : -هذه الجملة معترضة- الشاهد أن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه بعد أن روى قول النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - قال : هنا الشاهد : " فكان أحدنا إذا قام في الصلاة ألصق منكبه بمنكب صاحبه ، وقدمه بقدم صاحبه " ، لا يوجد عندنا نص من كلام الرسول - عليه السلام - ، ولا من فعله كيف يكون التراص في الصفوف ، لا يوجد لكن يوجد عندنا هذا الأثر من أنس بن مالك خادم رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - ، حيث قال : أنهم بعد أن أمرهم النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - بتسوية الصفوف والتراص فيها ، قال : " فكان أحدنا يلصق منكبه بمنكب صاحبه ، وقدمه بقدم صاحبه " ، هذه سنة ، لأن الله - عز وجل - يقول في الآية السابقة التي كان موضوع هذا الكلام الأخير : وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ ، فهل المسلمون اليوم على الأقل في صلاتهم بعامة ، وفي تسويتهم لصفوفهم بخاصة ، هل هم على سبيل المؤمنين ؟ آسفٌ جدًّا أن أقول : الجواب لا ، إنهم ليسوا على سبيل المؤمنين ، لأن المؤمنين الأوليين وهم الذين شهد لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أول ما شهد بالخيرية القرن الأول ، قد كانوا يفعلون هذا بمرأى من النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ، لا يخطرن في بال أحد فيقول : هؤلاء كانوا يصفون هذا الصف ، ويترآصون هذا التراص ، ورسول الله لا علم عنده ! لا ، من أجل ذلك قال لهم : فإنِّي أراكم من خلفي كما أراكم من أمامي ؛ فإذًا رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - قد رأى هذا التراص بالمناكب والأقدام ، وأقَرَّهم على ذلك ، فصارت سنة تقريرية ؛ ولذلك العلماء الذين ألَّفوا في أصول الفقه ، يقسمون السنة إلى ثلاثة أقسام : قول ، وفعل ، وتقرير ، هذا أوضح مثال لما رآه الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - وأقرهم عليه ، فعلينا أن لا نخالف سبيل المؤمنين ، وإلا خشي علينا أن يشملنا وعيد قوله - تبارك وتعالى - : وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا .
وختامًا أسأل الله - عز وجل - أن يعرِّفَنا هدي نبيِّنا - صلوات الله وسلامه عليه - ، وسنة سلفنا الصالح ، وعلى رأسهم أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - ، أن يعرفنا بذلك كله ، وأن يوفقنا للعمل بذلك كله ، وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم ، والحمد لله رب العالمين .

Webiste