تم نسخ النصتم نسخ العنوان
الحكم الشرعي للعملات الورقية التي نتعامل... - اللجنة الدائمة الفتوى رقم (  18073  )  س: حصل خلاف في الحكم الشرعي للعملات الورقية التي نتعامل بها الآن في أيامنا هذه، وموضوع الخلاف هو: أن العملة الورقية ليست بحكم ا...
العالم
طريقة البحث
الحكم الشرعي للعملات الورقية التي نتعامل بها الآن في أيامنا
اللجنة الدائمة
الفتوى رقم ( 18073 )
س: حصل خلاف في الحكم الشرعي للعملات الورقية التي نتعامل بها الآن في أيامنا هذه، وموضوع الخلاف هو: أن العملة الورقية ليست بحكم الذهب والفضة في الزكاة، أي: أنه يقول: إن العملة الورقية ليس عليها زكاة، وقد استشهد أن ذلك موجود في المذاهب التالية: الشافعي ومالك وأحمد ، واستشهد بالأوراق المرفقة لهذه الرسالة بأدلته، وحيث إن الزكاة هي ركن من أركان الإسلام الخمسة الأساسية أرجو إيضاح هذا الأمر بنوع من التفصيل والحكم الشرعي والدليل على ذلك من الأدلة الشرعية. وأرجو الرد عليّ برسالة توضح ذلك؛ لكوني موجودًا في الولايات المتحدة الأمريكية.
ج: سبق أن درست هيئة كبار العلماء بالمملكة هذا الموضوع وأصدرت فيه قرارها ذا الرقم (10) وهذه خلاصته: بناء على أن النقد هو كل شيء يجري اعتباره في العادة أو الاصطلاح بحيث يلقى قبولاً عامًّا كوسيط للتبادل كما أشار إلى ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية ، حيث قال: (وأما الدرهم والدينار فما يعرف له حد طبعي ولا شرعي، بل مرجعه إلى العادة والاصطلاح؛ وذلك لأنه في الأصل لا يتعلق المقصود به، بل الغرض أن يكون معيارًا لما يتعاملون به، والدراهم والدنانير لا
تقصد لنفسها، بل هي وسيلة إلى التعامل بها، ولهذا كانت أثمانًا – إلى أن قال – والوسيلة المحضة التي لا يتعلق بها غرض لا بمادتها ولا بصورتها يحصل بها المقصود كيفما كانت) اهـ. (ج29 ص251 من مجموع الفتاوى). وذكر نحو ذلك الإمام مالك في (المدونة) من كتاب الصرف، حيث قال: (ولو أن الناس أجازوا بينهم الجلود حتى يكون لها سكة وعين لكرهتها أن تباع بالذهب والورق نسيئة) اهـ. وحيث إن الورق النقدي يلقى قبولاً عامًّا في التداول، ويحمل خصائص الأثمان من كونه مقياسًا للقيم، ومستودعًا للثروة، وبه الإبراء العام، وحيث ظهر من المناقشة مع سعادة المحافظ أن صفة السندية فيها غير مقصودة، والواقع يشهد بذلك، ويؤكده، كما ظهر أن الغطاء لا يلزم أن يكون شاملاً لجميع الأوراق النقدية، بل يجوز في عرف جهات الإصدار أن يكون جزءًا من عملتها بدون غطاءٍ، وأن الغطاء لا يلزم أن يكون ذهبًا، بل يجوز أن يكون من أمور عدة؛ كالذهب والعملات الورقية القوية، وأن الفضة ليست غطاء كليًّا أو جزئيًّا لأي عملة في العالم. كما اتضح أن مقومات الورقة النقدية – قوةً وضعفًا – مستمدة مما تكون عليه حكومتها من حال اقتصادية؛ فتقوى بقوة دولتها وتضعف بضعفها، وإن الخامات المحلية؛ كالبترول والقطن
والصوف، لم يعتبر حتى الآن لدى أي من جهات الإصدار غطاء للعملات الورقية، وحيث إن القول باعتبار مطلق الثمنية علة في جريان الربا في النقدين هو الأظهر دليلاً، والأقرب إلى مقاصد الشريعة، وهو إحدى الروايات عن الأئمة مالك وأبي حنيفة وأحمد ، قال أبو بكر : روى ذلك عن أحمد جماعة، كما هو اختيار بعض المحققين من أهل العلم، كشيخ الإسلام ابن تيمية ، وتلميذه ابن القيم وغيرهما. وحيث إن الثمنية متحققة بوضوح في الأوراق النقدية لذلك كله فإن هيئة كبار العلماء تقرر بأكثريتها أن الورق النقدي يعتبر نقدًا قائمًا بذاته كقيام النقدية في الذهب والفضة وغيرهما من الأثمان، وإنه أجناس تتعدد بتعدد جهات الإصدار، بمعنى: أن الورق النقدي السعودي جنس، وأن الورق النقدي الأمريكي جنس، وهكذا كل عملة ورقية جنس مستقل بذاته، وأنه يترتب على ذلك الأحكام الشرعية الآتية: أولاً: جريان الربا بنوعيه فيها، كما يجري الربا بنوعيه في النقدين: الذهب والفضة وفي غيرهما من الأثمان كالفلوس، وهذا يقتضي ما يلي: 1- لا يجوز بيع بعضه ببعض أو بغيره من الأجناس النقدية الأخرى من ذهب أو فضة أو غيرهما نسيئة مطلقًا،
فلا يجوز مثلاً بيع الدولار الأمريكي بخمسة أريلة سعودية أو أقل أو أكثر نسيئة. 2- لا يجوز بيع الجنس الواحد منه بعضه ببعض متفاضلاً، سواء كان ذلك نسيئة أو يدًا بيد، فلا يجوز مثلاً بيع عشرة أريلة سعودية ورقًا بأحد عشر ريالاً سعوديًّا ورقًا. 3- يجوز بيع بعضه ببعض من غير جنسه مطلقًا إذا كان ذلك يدًا بيد، فيجوز بيع الليرة السورية أو اللبنانية بريال سعودي ورقًا كان أو فضة أو أقل من ذلك أو أكثر، وبيع الدولار الأمريكي بثلاثة أريلة سعودية أو أقل أو أكثر إذا كان ذلك يدًا بيد، ومثل ذلك في الجواز بيع الريال السعودي الفضة بثلاثة أريلة سعودية ورقًا أو أقل أو أكثر، يدًا بيد؛ لأن ذلك يعتبر بيع جنس بغير جنسه، ولا أثر لمجرد الاشتراك في الاسم مع الاختلاف في الحقيقة. ثانيًا: وجوب زكاتها إذا بلغت قيمتها أدنى النصابين من ذهب أو فضة، أو كانت تكمل النصاب مع غيرها من الأثمان والعروض المعدة للتجارة، إذا كانت مملوكة لأهل وجوبها.
ثالثًا: جواز جعلها رأس مال في السلم والشركات. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

Webiste