تم نسخ النصتم نسخ العنوان
عقبات الالتزام - اللجنة الدائمة الفتوى رقم (  14833  )   س: سبق أن بعثت لفضيلتكم سؤالاً وجزاكم الله خيرًا لحسن اهتمامكم بالإسلام والمسلمين، وكان أول خطابي أني التزمت بالحق بعدما كنت أ...
العالم
طريقة البحث
عقبات الالتزام
اللجنة الدائمة
الفتوى رقم ( 14833 )
س: سبق أن بعثت لفضيلتكم سؤالاً وجزاكم الله خيرًا لحسن اهتمامكم بالإسلام والمسلمين، وكان أول خطابي أني التزمت بالحق بعدما كنت أداوم على المعاصي، ولكن وقفت لي عقبات في هذا الالتزام، وجدت أول من يقف أمامي هو أبي، وكان من المفروض أن أبي أول من يساعدني على البعد عن المعاصي، ولكن أبي لا يعجبه أمري إذا كنت في الالتزام أو في المعاصي، قلت له: ماذا تريد أن أفعل إذا كان هذا لا يرضيك؟ قال لي: أن تحلق اللحية ولا تختلط بالإخوة الذين هم في بلدنا أبدًا.. لماذا يا أبي هذا؟ قال: هذا المجتمع الذي نعيش فيه ينفرهم
ولا يرضى بهم. قلت: ما لنا داعٍ بالمجتمع إننا لا نرجو إلا الحياة الآخرة التي فيها كل تكريم لكل عبد مؤمن، ولا نريد من الدنيا إلا العيش فيما يرضي الله. قال: يا ابني إنهم مشبوهون، إنني أراك على حق وهم على حق، ولكن المجتمع لا يرضى عنهم، إنني لا أمنعك من الجلوس في المسجد الذي يجاورنا، ولكن اللحية أهم شيء ثم أن لا تذهب إلى دروسهم في العلم ولا تخالطهم، وإن اعتكفت طول عمرك في المسجد الذي بجوارنا لا أمانع أبدًا بشرط حلق اللحية، ثم خذ كتبك الدينية والمدرسية واجلس في المسجد الذي بجوارنا، ولا تتركه أبدًا وأنا أرضى عليك في هذه الحال، وإنما إن كنت في هذا الحال فأنا لا أرضى عليك أبدًا. قلت له: أرضى بما يلقيه علي المجتمع. قال: إنها شيء مشين في حق إخوانك. مع العلم أن إخواني بذلت كل ما في جهدي على أن أجعلهم من المصلين فأبوا، فكيف يكون هذا مشين في حقهم إذا كانوا مفرطين في طاعة الله، ولا يُقبلون على المساجد أبدًا؟ وإني خيرت بين طاعة والدي وطاعة الرسول وقلت: إنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق . وإني قلت: أعطني مهلة خمسة عشر يومًا أستفسر في الأمر. مع أنني أعلم أنه لا يجب أن أطيع مخلوقًا في معصية الخالق. أرجو من فضيلتكم إفادتنا.

ج: نحمد الله الذي هداك، ونسأله لك الثبات على الدين وحسن الاستقامة إنه سميع مجيب، وعليك ببر والديك ومعاملتهما المعاملة الحسنة، وعدم رفع الصوت عليهما، ومحاولة خدمتهما فيما يحتاجان إليه. وأما ما يأمرك به والدك من حلق لحيتك فلا يجوز لك ذلك؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: أحفوا الشوارب وأعفوا اللحى متفق عليه، ولقوله صلى الله عليه وسلم: على المرء المسلم السمع والطاعة فيما أحب وكره، إلا أن يؤمر بمعصية، فإذا أُمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة متفق عليه. وأما تخوف والدك عليك من كلام الناس وازدرائهم لك إذا التزمت بالدين وجالست الصالحين، فأخبره بأن هذا الدين جعله الله امتحانًا للناس، ليفوز من صبر وصابر برضاء الله وجنته، وقد أوذي أشرف الخلق وسيدهم وأحبهم إلى الله محمد صلى الله عليه وسلم فعيروه بالجنون وبالسحر، ووضعوا عليه سلا الناقة، ورجموه بالحجارة، وضربوا أصحابه وعذبوا بعضهم ومات بعضهم تحت التعذيب، وصبروا على دين الله، وفي كل يوم يدخل شخص جديد الإسلام، حتى قوي المسلمون وانتشر دين الله وأعزنا الله بهذا الدين. وهكذا في هذا الزمن الذي أصبح الدين غريبًا، وأصبح المتدينون مطاردين ومشردين تلصق بهم جميع التهم، فإنهم بصبرهم والتزامهم بهذا الدين ومصابرتهم على الأذى والاستهزاء والسخرية يعز الله بهم
هذا الدين، ففي كل يوم نرى من يلتزم بهذا الدين، ويرجع إليه من كبار القوم وصغارهم، قال تعالى: فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ ، وقال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ . وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

Webiste