السبق
اللجنة الدائمة
السبق
الفتوى رقم ( 436 )
س: حصل نقاش بيني وبين أحد الإخوان حول عدم جواز الحلف بغير الله ، فكان ما دار بيننا كالتالي: أقول أنا اعتمادًا على ما درسته في صغري هو: أن الحلف بغير الله شرك أصغر، كما فصل في كتاب الشيخ محمد بن عبد الوهاب حيث يقول: (الشرك الأصغر هو: الحلف بغير الله، وقول الرجل: مالي إلا الله وأنت، وأنا داخل على الله وعليك.. إلخ)، ويقول هو: يجوز الحلف بالقرآن؛ لأنه صفة من صفات الله تعالى، وقد تعددت إجابات بعض الإخوان المجتهدين، مؤيدين لقوله، ولحاجتنا إلى الاستنارة برأي هيئة الإفتاء الموقرة؛ لعلمنا الجازم بتحريها للأحاديث الصحيحة، نرجو أن تفتونا مأجورين. علمًا أنه حدث بيننا رهان حول الموضوع راجين أن تتطرق الفتوى إلى جواز الرهان في هذا الموضوع من عدمه.
ج: أما الحلف بغير الله وقول القائل: ما شاء الله وشئت، ومالي إلا الله وأنت.. ونحو ذلك، فإن قام بقلبه تعظيم لمن حلف به من المخلوقين وما حلف به؛ فإن كان جاهلاً عُلِّم، فإن أصر فهو والعالم ابتداءً سواء، كل منهما يكون مشركًا شركًا أكبر، وكذا
في قوله: ما شاء الله وشئت، ولولا الله وأنت، فإن اعتقد أن هذا الشخص شريك مع الله، لا يقع شيء إلا بمشيئة الله ومشيئة هذا الشخص، فإن كان جاهلاً عُلِّم، فإن أصر فهو والعالم ابتداءً سواء، كل منهما مشرك شركًا أكبر، وأما إذا حلف بغير الله بلسانه ولم يعتقد بقلبه تعظيم من حلف به، أو ما حلف به، وكذلك إذا قال: ما شاء الله وشئت، ولولا الله وأنت، فهذا إن كان جاهلاً عُلِّم، فإن أصر فهو والعالم ابتداءً سواء، كل منهما مشرك شركًا أصغر، وكونه شركًا أصغر هذا لا يعني أن المسلم يتساهل في ذلك، فان الشرك الأصغر أكبر الكبائر بعد الشرك الأكبر، قال ابن مسعود رضي الله عنه: (لأن أحلف بالله كاذبًا أحب إلي من أن أحلف بغيره صادقًا)، فاليمين الغموس من الكبائر، ومع ذلك فقد جعل ابن مسعود رضي الله عنه الشرك الأصغر أكبر منها. وسر المسألة: أن الحلف يقتضي تعظيم المحلوف به، هذا هو الأصل، وأما قول القائل: ما شاء الله وشئت ونحو ذلك، فإن الواو تقتضي التسوية بين المعطوف والمعطوف عليه، أي: أن المعطوف مساو للمعطوف عليه، والله جل وعلا لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ
وأما الحلف بالقرآن فليس من هذا الباب؛ لأن القرآن من كلام الله، وكلامه جل وعلا صفة من صفاته، واليمين الشرعية هي: اليمين بالله أو باسم من أسمائه أو صفة من صفاته، قال صلى الله عليه وسلم: من كان حالفًا فليحلف بالله أو ليصمت أخرجه البخاري عن ابن عمر . وأما الرهان على هذه المسألة فهو مغالبة، يراد بها مصلحة دينية، وقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: المغالبة الجائزة تحل بالعوض إذا كانت مما ينتفع به في الدين، كما في مراهنة أبي بكر رضي الله عنه وهو أحد الوجهين في المذهب. وقال البعلي بعد سياقه لكلام شيخ الإسلام في الاختيارات قال: قلت: وظاهر ذلك جواز الرهان في العلم وفاقًا للحنفية؛ لقيام الدين بالجهاد والعلم. انتهى. وأما مراهنة أبي بكر فقد ثبتت في (المسند) والترمذي وغيرهما: أنه لما اقتتلت فارس والروم، فغلبت فارس الروم، وبلغ ذلك أهل مكة، وكان ذلك في أول الإسلام، ففرح بذلك المشركون؛ لأن المجوس أقرب إليهم من أهل الكتاب، وساء ذلك المسلمين؛ لأن أهل الكتاب أقرب إليهم من المجوس، فأخبر أبو بكر رضي الله عنه بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله تعالى: الم (1) غُلِبَتِ الرُّومُ (2) فِي أَدْنَى الأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ فخرج أبو بكر رضى الله عنه، فراهن المشركين على أنه إن غلبت الروم في بضع سنين أخذ الرهان، وإن لم تغلب الروم أخذوا الرهان، وجه الدلالة: أن الصديق رضي الله عنه فعله، وعلم به الرسول صلى الله عليه وسلم فأقره، ولو كان غير جائز في مثل هذا النوع لبينه الرسول صلى الله عليه وسلم، فإنه لا يجوز له أن يؤخر البيان عن وقت الحاجة باتفاق العلماء، وهذا هو وقت الحاجة، فعلم أنه جائز، والرهان في المسائل العلمية يدخل في هذا النوع؛ لأن كلاًّ منهم المقصود منه غرض ديني، ففي مراهنة أبي بكر رضي الله عنه مصلحة للإسلام؛ لأن فيها مصلحة دينية، صدق الرسول صلى الله عليه وسلم فيما أخبر به من أن الروم سوف يغلبون بعد ذلك، وفيها ظهور أقرب الطائفتين إلى المسلمين على أبعدهما. والمسألة المسؤول عنها فيها مصلحة دينية، إذ هي في باب توحيد الألوهية،
وهو أحد أنواع العلم بالله، والعلم بالله هو أفضل العلوم، والأجر المقدر بين المتراهنين لمن غلب لا يجوز أن يكون منهما أو من أحدهما، بل يكون من شخص خارج عن الرهان.
الفتوى رقم ( 436 )
س: حصل نقاش بيني وبين أحد الإخوان حول عدم جواز الحلف بغير الله ، فكان ما دار بيننا كالتالي: أقول أنا اعتمادًا على ما درسته في صغري هو: أن الحلف بغير الله شرك أصغر، كما فصل في كتاب الشيخ محمد بن عبد الوهاب حيث يقول: (الشرك الأصغر هو: الحلف بغير الله، وقول الرجل: مالي إلا الله وأنت، وأنا داخل على الله وعليك.. إلخ)، ويقول هو: يجوز الحلف بالقرآن؛ لأنه صفة من صفات الله تعالى، وقد تعددت إجابات بعض الإخوان المجتهدين، مؤيدين لقوله، ولحاجتنا إلى الاستنارة برأي هيئة الإفتاء الموقرة؛ لعلمنا الجازم بتحريها للأحاديث الصحيحة، نرجو أن تفتونا مأجورين. علمًا أنه حدث بيننا رهان حول الموضوع راجين أن تتطرق الفتوى إلى جواز الرهان في هذا الموضوع من عدمه.
ج: أما الحلف بغير الله وقول القائل: ما شاء الله وشئت، ومالي إلا الله وأنت.. ونحو ذلك، فإن قام بقلبه تعظيم لمن حلف به من المخلوقين وما حلف به؛ فإن كان جاهلاً عُلِّم، فإن أصر فهو والعالم ابتداءً سواء، كل منهما يكون مشركًا شركًا أكبر، وكذا
في قوله: ما شاء الله وشئت، ولولا الله وأنت، فإن اعتقد أن هذا الشخص شريك مع الله، لا يقع شيء إلا بمشيئة الله ومشيئة هذا الشخص، فإن كان جاهلاً عُلِّم، فإن أصر فهو والعالم ابتداءً سواء، كل منهما مشرك شركًا أكبر، وأما إذا حلف بغير الله بلسانه ولم يعتقد بقلبه تعظيم من حلف به، أو ما حلف به، وكذلك إذا قال: ما شاء الله وشئت، ولولا الله وأنت، فهذا إن كان جاهلاً عُلِّم، فإن أصر فهو والعالم ابتداءً سواء، كل منهما مشرك شركًا أصغر، وكونه شركًا أصغر هذا لا يعني أن المسلم يتساهل في ذلك، فان الشرك الأصغر أكبر الكبائر بعد الشرك الأكبر، قال ابن مسعود رضي الله عنه: (لأن أحلف بالله كاذبًا أحب إلي من أن أحلف بغيره صادقًا)، فاليمين الغموس من الكبائر، ومع ذلك فقد جعل ابن مسعود رضي الله عنه الشرك الأصغر أكبر منها. وسر المسألة: أن الحلف يقتضي تعظيم المحلوف به، هذا هو الأصل، وأما قول القائل: ما شاء الله وشئت ونحو ذلك، فإن الواو تقتضي التسوية بين المعطوف والمعطوف عليه، أي: أن المعطوف مساو للمعطوف عليه، والله جل وعلا لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ
وأما الحلف بالقرآن فليس من هذا الباب؛ لأن القرآن من كلام الله، وكلامه جل وعلا صفة من صفاته، واليمين الشرعية هي: اليمين بالله أو باسم من أسمائه أو صفة من صفاته، قال صلى الله عليه وسلم: من كان حالفًا فليحلف بالله أو ليصمت أخرجه البخاري عن ابن عمر . وأما الرهان على هذه المسألة فهو مغالبة، يراد بها مصلحة دينية، وقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: المغالبة الجائزة تحل بالعوض إذا كانت مما ينتفع به في الدين، كما في مراهنة أبي بكر رضي الله عنه وهو أحد الوجهين في المذهب. وقال البعلي بعد سياقه لكلام شيخ الإسلام في الاختيارات قال: قلت: وظاهر ذلك جواز الرهان في العلم وفاقًا للحنفية؛ لقيام الدين بالجهاد والعلم. انتهى. وأما مراهنة أبي بكر فقد ثبتت في (المسند) والترمذي وغيرهما: أنه لما اقتتلت فارس والروم، فغلبت فارس الروم، وبلغ ذلك أهل مكة، وكان ذلك في أول الإسلام، ففرح بذلك المشركون؛ لأن المجوس أقرب إليهم من أهل الكتاب، وساء ذلك المسلمين؛ لأن أهل الكتاب أقرب إليهم من المجوس، فأخبر أبو بكر رضي الله عنه بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله تعالى: الم (1) غُلِبَتِ الرُّومُ (2) فِي أَدْنَى الأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ فخرج أبو بكر رضى الله عنه، فراهن المشركين على أنه إن غلبت الروم في بضع سنين أخذ الرهان، وإن لم تغلب الروم أخذوا الرهان، وجه الدلالة: أن الصديق رضي الله عنه فعله، وعلم به الرسول صلى الله عليه وسلم فأقره، ولو كان غير جائز في مثل هذا النوع لبينه الرسول صلى الله عليه وسلم، فإنه لا يجوز له أن يؤخر البيان عن وقت الحاجة باتفاق العلماء، وهذا هو وقت الحاجة، فعلم أنه جائز، والرهان في المسائل العلمية يدخل في هذا النوع؛ لأن كلاًّ منهم المقصود منه غرض ديني، ففي مراهنة أبي بكر رضي الله عنه مصلحة للإسلام؛ لأن فيها مصلحة دينية، صدق الرسول صلى الله عليه وسلم فيما أخبر به من أن الروم سوف يغلبون بعد ذلك، وفيها ظهور أقرب الطائفتين إلى المسلمين على أبعدهما. والمسألة المسؤول عنها فيها مصلحة دينية، إذ هي في باب توحيد الألوهية،
وهو أحد أنواع العلم بالله، والعلم بالله هو أفضل العلوم، والأجر المقدر بين المتراهنين لمن غلب لا يجوز أن يكون منهما أو من أحدهما، بل يكون من شخص خارج عن الرهان.
الفتاوى المشابهة
- تتةم الكلام على ما سبق . - ابن عثيمين
- جواز السبق في جميع أنواع الأسلحة الخفيفة وال... - ابن عثيمين
- الحلف بغير الله لسبق اللسان هل يكون شركا أصغ... - ابن عثيمين
- مراجعة ما سبق - ابن عثيمين
- إذا سبق المأموم إمامه في الصلاة فما الحكم في... - ابن عثيمين
- سؤال ما معنى قوله تعالى :".....سبقونا بالإيم... - ابن عثيمين
- الكلام حول ما سبق - ابن عثيمين
- الحلف بغير الله وقول ما شاء الله وشئت وم... - اللجنة الدائمة
- ما معنى قوله :( وتسبقون به من بعدكم ) .؟ - ابن عثيمين
- هل يقاس على جواز السَبَق بالنصل السَبَق في ا... - ابن عثيمين
- السبق - اللجنة الدائمة