وإنما هو ضعف وسط ، بحيث يمكن أن يتقوَّى بمجيئه من طريق أخرى ، بل بعض العلماء يحسِّنون حديثه ، مجرَّد ما يكون فيه ابن لهيعة بيقولوا حديثه حسن ، وهذا في الوقت الذي نحن نشهد بأنُّو هذا تساهل ؛ لأنُّو أكثر العلماء حكموا على حديثه بالضعف ، ولكن ألا يكون حديثه حسنًا على الأقل حينما يأتي له شاهد في " سنن أبي داود " من حديث عائشة ، وليس في هذا الحديث متَّهم ، وإنما فيه انقطاع من فوق ، وفيه ضعف قليل - أيضًا - من جهة الحفظ ، من راوي اسمه سعيد بن بشير ؟
فإذا كان حديث ابن لهيعة لا يستحقُّ حديثه التحسين لذاته ؛ فهو على الأقل يستحقُّ التحسين لغيره حينما يوجد له شاهد ، فنحن حينما نحتجُّ بهذا الحديث لا نحتجُّ بالنظر فقط للحديث الذي رواه أبو داود عن عائشة بالسند الضعيف ، وإنما نحتجُّ بهذا الحديث بهذا زايد طريق عبد الله بن لهيعة الذي هو في " سنن الإمام البيهقي " .
وأخيرًا : ألا يزداد هذا الحديث قوَّةً وصحَّةً بتذكُّرنا للأحاديث الصحيحة التي ذكرناها آنفًا ، وآخرها حديث الخثعمية ، حينما كان ينظر إليها الفضل ، ولا يقول الرسول - عليه السلام - لها : "استري وجهك" ؛ لأن ستر الوجه عورة ، لا بل أقرَّها على ذلك ، فهذا يؤكد حديث عائشة وحديث أسماء بنت عميس الذي يقول : "إذا بلغت المرأة المحيض لم يصلح أن يُرى منها إلا وجهها وكفَّيها" .