الهويُّ إلى السجود على الكفين وليس على الركبتين .
الشيخ محمد ناصر الالباني
الشيخ : أما الخاطرة التي خطرت في بالي فهي كما قلت لتأييد حكم شرعي ؛ هذا الحكم الشرعي وإن كان أكثر الناس على جهل به فنحمد الله - تبارك وتعالى - أن وفَّق كثيرًا من المسلمين وبخاصَّة الشباب منهم إلى أن يتعرفوا على هذا الحكم وإلى أن يعملوا به ؛ ألا وهو الهويُّ إلى السجود على الكفين وليس على الركبتين ، جماهير المصلين حينما يسجدون إنما يسجدون على ركبهم ، والسنة أن يسجد على كفَّيه ، أن يتلقَّى الأرض بكفيه لا بركبتيه ، وذلك له حِكَم من أوضحها أنه يدفع صدمة الأرض عنه فيما لو سجد على ركبتيه .
لا أريد الخوض في هذا ، ولكن هناك سنة مقابلة لهذه ؛ وهي أن المصلي إذا أراد القيام من السجدة الثانية إلى الركعة الثانية أو من التشهد إلى الركعة الثالثة ؛ فكيف يقوم ؟ هل يقوم معتمدًا على كفَّيه كما نعتقد أنه السنة الصحيحة أم يقوم معتمدًا على ركبتيه ؟ هذه المسألة فيها خلاف قديم بين الفقهاء ، والسنة الصحيحة الصريحة الثابتة في " صحيح البخاري " هو أنَّ الرسول - صلوات الله وسلامه عليه - كان إذا نهضَ إلى الركعة الثانية لا ينهض إلا أن يجلسَ جلسة خفيفة وهي التي تُعرف عند الفقهاء بجلسة الاستراحة ، ثم يقوم معتمدًا ؛ أي : على يديه .
إلى هنا القضية مبسوطة ومشروحة في كتب الحديث والفقه ، لكن هناك إشكال عند بعض الناس حتى العلماء ؛ بالنسبة لحديث الذي كان من أدلة الهويِّ على الكفَّين إلى الأرض ، ذاك الحديث وهو قوله - عليه السلام - : إذا سجد أحدكم فلا يبرك كما يبرك البعير ، وليضَعْ كفَّيه قبل ركبتيه ؛ أي : شطر الحديث الثاني يفسِّر الشطر الأول منه ، الشطر الأول يقول : فلا يبرك كما يبرك البعير ؛ كأن قائلًا يقول : فكيف يبرك البعير ؟ وكيف تكون مخالفة البعير ؟ الجواب : وليضع كفَّيه قبل ركبتيه ، إذًا المخالفة للبعير في الهويِّ تكون بهذه الصورة التي فُسِّرت في نفس الحديث ، هناك تفاسير واختلافات لسنا في صددها .
الآن لم يتعارض الحديث لكيفية النهوض ، وهذا الحديث بالذات لم يتعرَّض لكيفية النهوض ، لكني أقول - وهذه هي الخاطرة ، هنا موضع البحث - : إذا كان هناك مبدأ عام هو أنه لا يجوز للمسلم أن يتشبَّه بالحيوان ، كما لا يجوز أن يتشبَّه بالكافر ؛ فهذه قاعدة في الإسلام ، لا يجوز للمسلم أن يتشبَّه بالحيوان ، كما أنه لا يجوز له أن يتشبه بالكافر ، وهناك أحاديث كثيرة في كلٍّ من الأمرين في النهي عن التشبه بالكفار وفي النهي عن التشبه بالحيوانات ؛ لا سيما في الصلاة ، ففي الصلاة - مثلًا - حديث نهى رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - عن بروكٍ كبروك الجمل ، وعن التفات كالتفات الثعلب ، وعن نقر الغراب للصلاة الاستعجال فيها ، الشاهد فنهى عن التشبه بهذه الحيوانات ، الآن إذا استحضرنا في أذهاننا كيف يبرك البعير يجب بالتالي أن نستحضر كيف ينهض البعير ؛ هناك خلاف في المسألة الأولى كيف يبرك البعير خلاف عجيب جدًّا ؛ لأنه لو كان البعير يعيش في عالم غير عالمنا قد نكون معذورين أن لا نعرف كيف يبرك ؛ أما وهو يعيش في عالمنا بل في بلادنا فمن أعجب العجائب أن لا يزال علماء المسلمين فضلًا عن غيرهم أنهم يختلفون في تصوُّرهم لكيفية بروك البعير ، والذي قطع به الحديث الذي يُطابق المُشاهَد هو أن البعير يبرك على ركبتيه ، لكن ركبتاه في مقدِّمتيه ، هنا ندع البحث المفصَّل إلى مكانه المعروف من " زاد المعاد " وغيره في هذا الاختلاف ، لكني أقول الآن : البعير هو يمشي على أربع ، فإذا برك لا يصح أن نقول : " برك على يديه " ؛ لأن يديه موضوعتان كرجليه الأبد ، إذًا هو يبرك على ماذا ؟ على مفصليه اللذين هما في مقدِّمتَيه ، ما اسم هذين المفصلين ؟ الركبتان ، هذا محلُّه في كتب اللغة وهذا معروف .
إذًا لما كان البعير يبرك على ركبتيه فنحن منهيُّون أن نتشبَّه بالحيوانات بصورة عامة ، وبهذا الحيوان الحقود المضروب به المثل في الحقد بصورة خاصَّة ، فلا نبرك كما يبرك البعير ؛ أي : لا نضع ركبنا قبل كفَّينا ، بمعنى آخر لا نتلقَّى الأرض بالركبتين كما يفعل البعير ، وإنما نتلقى الأرض بالكفين حيث لا يستطيع ذلك البعير ؛ لأن البعير يمشي على أربع .
الآن العكس - هنا الشاهد - يؤكد لهم هذه الحقيقة ؛ البعير حين ينهض على ماذا يعتمد ؟ قولوا لنا الآن ، البعير حينما ينهض يعتمد على ماذا ؟
السائل : ركبتيه .
الشيخ : على ركبتيه ، تصوَّروا معي بعير ثاني مقدِّمتيه فهو يعتمد على هالمفصلين اللذين هما الركبتان ، فإذا ما قام المصلي معتمدًا على ركبتيه فقد شابه البعير ، لذلك جاءت السنة في الاعتماد على ماذا حين القيام ؟ على الكفين ، فإذًا لا انفصال أبدًا لأحد إذا خالف هذه السنة الصحيحة وتلك - أيضًا - ؛ لكن هذه أوضح لا يرد عليه الإشكال المعروف بالنسبة إلى الهوىِّ ، لا مناص لكلِّ من يخالف سنة الاعتماد على الكفين حين النهوض من أن يشابه البعير ؛ لأنَّ البعير حتما إنما يعتمد على ركبتيه حين ينهض وليس على كفَّيه ؛ لأنُّو كفي خفيه صايرين بالخلف فهو يعتمد على ركبتيه ، فأنت أيها المسلم إذا أردت أن تتمثَّل وأن تتحقَّق بأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - : صلُّوا كما رأيتموني أصلي فلا تبركنَّ أولًا بروك البعير ، لا تتلقَّى الأرض بركبتيك وإنما بكفيك ، ثم لا تنهض معتمدًا على ركبتيك وإنما على كفيك ، الكفَّان هما الاعتماد عليها هويًّا ونهوضًا ، هويًّا على الكفين نهي ، ونهوضًا على الكفَّين نعتمد .
هذه النقطة - وبصورة خاصة الثانية - هي الخاطرة التي خطرت لي ليتمكَّن إخواننا من طلاب العلم من استيعاب هذه القضية من كلِّ نواحيها بحجتها من الكتاب والمنطق السليم الموافق للواقع .
هذا الذي أردت بيانه ، والآن ... .
السائل : إي عند النهوض .
الشيخ : نعم ، نحن بحثنا الآن بصورة خاصَّة كما قلنا فقط لبيان الفرق إيه ؟ أن البعير يقوم معتمدًا على الركبتين ، فأمَّا التفصيل فمعروف أنه يعتمد على قبضَتَيه .
لا أريد الخوض في هذا ، ولكن هناك سنة مقابلة لهذه ؛ وهي أن المصلي إذا أراد القيام من السجدة الثانية إلى الركعة الثانية أو من التشهد إلى الركعة الثالثة ؛ فكيف يقوم ؟ هل يقوم معتمدًا على كفَّيه كما نعتقد أنه السنة الصحيحة أم يقوم معتمدًا على ركبتيه ؟ هذه المسألة فيها خلاف قديم بين الفقهاء ، والسنة الصحيحة الصريحة الثابتة في " صحيح البخاري " هو أنَّ الرسول - صلوات الله وسلامه عليه - كان إذا نهضَ إلى الركعة الثانية لا ينهض إلا أن يجلسَ جلسة خفيفة وهي التي تُعرف عند الفقهاء بجلسة الاستراحة ، ثم يقوم معتمدًا ؛ أي : على يديه .
إلى هنا القضية مبسوطة ومشروحة في كتب الحديث والفقه ، لكن هناك إشكال عند بعض الناس حتى العلماء ؛ بالنسبة لحديث الذي كان من أدلة الهويِّ على الكفَّين إلى الأرض ، ذاك الحديث وهو قوله - عليه السلام - : إذا سجد أحدكم فلا يبرك كما يبرك البعير ، وليضَعْ كفَّيه قبل ركبتيه ؛ أي : شطر الحديث الثاني يفسِّر الشطر الأول منه ، الشطر الأول يقول : فلا يبرك كما يبرك البعير ؛ كأن قائلًا يقول : فكيف يبرك البعير ؟ وكيف تكون مخالفة البعير ؟ الجواب : وليضع كفَّيه قبل ركبتيه ، إذًا المخالفة للبعير في الهويِّ تكون بهذه الصورة التي فُسِّرت في نفس الحديث ، هناك تفاسير واختلافات لسنا في صددها .
الآن لم يتعارض الحديث لكيفية النهوض ، وهذا الحديث بالذات لم يتعرَّض لكيفية النهوض ، لكني أقول - وهذه هي الخاطرة ، هنا موضع البحث - : إذا كان هناك مبدأ عام هو أنه لا يجوز للمسلم أن يتشبَّه بالحيوان ، كما لا يجوز أن يتشبَّه بالكافر ؛ فهذه قاعدة في الإسلام ، لا يجوز للمسلم أن يتشبَّه بالحيوان ، كما أنه لا يجوز له أن يتشبه بالكافر ، وهناك أحاديث كثيرة في كلٍّ من الأمرين في النهي عن التشبه بالكفار وفي النهي عن التشبه بالحيوانات ؛ لا سيما في الصلاة ، ففي الصلاة - مثلًا - حديث نهى رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - عن بروكٍ كبروك الجمل ، وعن التفات كالتفات الثعلب ، وعن نقر الغراب للصلاة الاستعجال فيها ، الشاهد فنهى عن التشبه بهذه الحيوانات ، الآن إذا استحضرنا في أذهاننا كيف يبرك البعير يجب بالتالي أن نستحضر كيف ينهض البعير ؛ هناك خلاف في المسألة الأولى كيف يبرك البعير خلاف عجيب جدًّا ؛ لأنه لو كان البعير يعيش في عالم غير عالمنا قد نكون معذورين أن لا نعرف كيف يبرك ؛ أما وهو يعيش في عالمنا بل في بلادنا فمن أعجب العجائب أن لا يزال علماء المسلمين فضلًا عن غيرهم أنهم يختلفون في تصوُّرهم لكيفية بروك البعير ، والذي قطع به الحديث الذي يُطابق المُشاهَد هو أن البعير يبرك على ركبتيه ، لكن ركبتاه في مقدِّمتيه ، هنا ندع البحث المفصَّل إلى مكانه المعروف من " زاد المعاد " وغيره في هذا الاختلاف ، لكني أقول الآن : البعير هو يمشي على أربع ، فإذا برك لا يصح أن نقول : " برك على يديه " ؛ لأن يديه موضوعتان كرجليه الأبد ، إذًا هو يبرك على ماذا ؟ على مفصليه اللذين هما في مقدِّمتَيه ، ما اسم هذين المفصلين ؟ الركبتان ، هذا محلُّه في كتب اللغة وهذا معروف .
إذًا لما كان البعير يبرك على ركبتيه فنحن منهيُّون أن نتشبَّه بالحيوانات بصورة عامة ، وبهذا الحيوان الحقود المضروب به المثل في الحقد بصورة خاصَّة ، فلا نبرك كما يبرك البعير ؛ أي : لا نضع ركبنا قبل كفَّينا ، بمعنى آخر لا نتلقَّى الأرض بالركبتين كما يفعل البعير ، وإنما نتلقى الأرض بالكفين حيث لا يستطيع ذلك البعير ؛ لأن البعير يمشي على أربع .
الآن العكس - هنا الشاهد - يؤكد لهم هذه الحقيقة ؛ البعير حين ينهض على ماذا يعتمد ؟ قولوا لنا الآن ، البعير حينما ينهض يعتمد على ماذا ؟
السائل : ركبتيه .
الشيخ : على ركبتيه ، تصوَّروا معي بعير ثاني مقدِّمتيه فهو يعتمد على هالمفصلين اللذين هما الركبتان ، فإذا ما قام المصلي معتمدًا على ركبتيه فقد شابه البعير ، لذلك جاءت السنة في الاعتماد على ماذا حين القيام ؟ على الكفين ، فإذًا لا انفصال أبدًا لأحد إذا خالف هذه السنة الصحيحة وتلك - أيضًا - ؛ لكن هذه أوضح لا يرد عليه الإشكال المعروف بالنسبة إلى الهوىِّ ، لا مناص لكلِّ من يخالف سنة الاعتماد على الكفين حين النهوض من أن يشابه البعير ؛ لأنَّ البعير حتما إنما يعتمد على ركبتيه حين ينهض وليس على كفَّيه ؛ لأنُّو كفي خفيه صايرين بالخلف فهو يعتمد على ركبتيه ، فأنت أيها المسلم إذا أردت أن تتمثَّل وأن تتحقَّق بأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - : صلُّوا كما رأيتموني أصلي فلا تبركنَّ أولًا بروك البعير ، لا تتلقَّى الأرض بركبتيك وإنما بكفيك ، ثم لا تنهض معتمدًا على ركبتيك وإنما على كفيك ، الكفَّان هما الاعتماد عليها هويًّا ونهوضًا ، هويًّا على الكفين نهي ، ونهوضًا على الكفَّين نعتمد .
هذه النقطة - وبصورة خاصة الثانية - هي الخاطرة التي خطرت لي ليتمكَّن إخواننا من طلاب العلم من استيعاب هذه القضية من كلِّ نواحيها بحجتها من الكتاب والمنطق السليم الموافق للواقع .
هذا الذي أردت بيانه ، والآن ... .
السائل : إي عند النهوض .
الشيخ : نعم ، نحن بحثنا الآن بصورة خاصَّة كما قلنا فقط لبيان الفرق إيه ؟ أن البعير يقوم معتمدًا على الركبتين ، فأمَّا التفصيل فمعروف أنه يعتمد على قبضَتَيه .
الفتاوى المشابهة
- كيفية الهوي للسجود في الصلاة - ابن باز
- الكلام حول السجود وصفته وما يقال فيه وكيف ال... - ابن عثيمين
- السجود : صفته وكيف الهوي إليه وما يقال فيه . - ابن عثيمين
- بيان حكم كيفية الهوي للسجود . - ابن عثيمين
- ما هي السنة في الهوي إلى السجود هل تقديم الي... - ابن عثيمين
- وضع الكفين قبل الركبتين في قضية السجود والتشبه... - الالباني
- إرشاد الشيخ الحاضرين إلى وضع اليدين قبل الركبت... - الالباني
- هل الهوي للسجود يكون على اليدين أو على الركبتين ؟ - الالباني
- ذكر الشيخ لمسألة الهوي إلى السجود على الكفين و... - الالباني
- ذكر مسألة الهويِّ إلى السجود على الكفين والقيا... - الالباني
- الهويُّ إلى السجود على الكفين وليس على الركبتين . - الالباني