ما الفرق بين العادة واتِّباع النبي - صلى الله عليه وسلم - ؛ كتربية الشعر ، وفكِّ الأزرار مثلًأ ؟ وهل اقتداء ابن عمر - رضي الله عنه - بالنبي - صلى الله عليه وسلم - من العادة أم من العبادة ؟
الشيخ محمد ناصر الالباني
السائل : فضيلة الشيخ - أثابك الله وجزاك الله خيرًا ، ونفع الله بك الأمة - ، ما الفرق بين العادة واتِّباع النبي - صلى الله عليه وسلم - ؛ مثلًا تربية الشعر ، وفكِّ الأزرار ؟ وهل اقتداء ابن عمر - رضي الله عنه - بالنبي - صلى الله عليه وسلم - من العادة أم من العبادة ؟
الشيخ : هذه الأسئلة في الواقع فيها دقَّة متناهية ، ولا غرابة أن يغفلَ عنها كثير من طلَّاب العلم فضلًا عن غيرهم ؛ وهي أن الله - تبارك وتعالى - قال في مُحكم كتابه : لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ ، فالرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - بنفس هذه الآية الكريمة قدوة المسلمين هو وحده لا شريك له في هذه القدوة ؛ فلا يجوز لمسلم أن يتَّخذ قدوةً يتَّبعه يسلِّم له تسليمًا إلا النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - كما شهد بذلك قوله - تبارك وتعالى - : فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ، هذه خصلة تميَّز بها النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - على سائر الناس ؛ حتى الأنبياء الذين بُعثوا من قبله ، كما قال - عليه الصلاة والسلام - حينما رأى في يد عمر بن الخطاب التوراة يقرأ فيها ، فلمَّا سأله عنها ؟ قال : هذه صحيفة من التوراة ... أخ لي أو صاحب لي ، فقال - عليه الصلاة والسلام - : لو أن موسى كان حيًّا لَمَا وَسِعَه إلا اتِّباعي ، فالمعبود واحد وهو الله وحده لا شريك له ، والمتبوع واحد وهو محمد رسول الله لا ندَّ له ، لا يجوز لأحد أن يتَّخذ متبوعًا وقدوةً له بعد رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - ، كما قال في هذا الحديث : لو كان موسى حيًّا لَمَا وَسِعَه إلا اتِّباعي .
لكن هل هذه القدوة هي مطلقة تشمل كلَّ شيء فعله الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - حتى لو كان من الأمور الجبليَّة العاديَّة الشخصيَّة أو المتعلِّقة بالمحيط الذي كان يعيش فيه - عليه الصلاة والسلام - ؟! من أمثلة ذلك ما جاء في الصحيح أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - وُضِعَ على مائدة يومًا طعامٌ فيه ضبٌّ حنيذ مشويٌّ ، فأرسلت امرأةٌ من أزواجه إليه يقول له : هذا ضبٌّ ، لأنها كانت تعلم من طبيعته - صلى الله عليه وآله وسلم - أنه يكره هذا النوع من اللحم ، فلما أُخبر الخبر أمسك النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ولم يشارك القوم في طعامهم هذا ، وكان أمامهم خالد بن الوليد - رضي الله عنه - ، فكان يأكل بشهيَّة بالغة ؛ حتَّى كانت المرقة تسيل على لحيته ، ونبيُّنا - صلوات الله وسلامه عليه - ينظر إليه نظرةً فيها معنى ، خشي خالد أن تكون هذه النظرة منه نظرةَ استنكار ؛ فقال خالد : يا رسول الله ، أحرامٌ هو ؟ قال : لا ، ولكنَّه لم يكن بأرض قومي ؛ فأجد نفسي تعافه ، فإذا اشتهى خالد ما كَرِهَ الرسول - صلى الله عليه وسلم - من الطعام ؛ هل يكون مخالفًا للسنة ؟ الجواب : لا ، لأنَّ الطعام وما يشتهي وما يكره منه دون تحريم ليس له علاقة بالشرع أو العبادة ، والعكس بالعكس ، وتفصيل الكلام على هذه المسألة والأذان يؤذِّن ما يحسن بنا ؛ لذلك ننصت الآن ، ولعله الختام ، وننصرف إن شاء الله ، أنتم إلى مسجدكم ، ونحن نتابع طريقنا مسافرين ، والحمد لله رب العالمين .
الشيخ : هذه الأسئلة في الواقع فيها دقَّة متناهية ، ولا غرابة أن يغفلَ عنها كثير من طلَّاب العلم فضلًا عن غيرهم ؛ وهي أن الله - تبارك وتعالى - قال في مُحكم كتابه : لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ ، فالرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - بنفس هذه الآية الكريمة قدوة المسلمين هو وحده لا شريك له في هذه القدوة ؛ فلا يجوز لمسلم أن يتَّخذ قدوةً يتَّبعه يسلِّم له تسليمًا إلا النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - كما شهد بذلك قوله - تبارك وتعالى - : فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ، هذه خصلة تميَّز بها النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - على سائر الناس ؛ حتى الأنبياء الذين بُعثوا من قبله ، كما قال - عليه الصلاة والسلام - حينما رأى في يد عمر بن الخطاب التوراة يقرأ فيها ، فلمَّا سأله عنها ؟ قال : هذه صحيفة من التوراة ... أخ لي أو صاحب لي ، فقال - عليه الصلاة والسلام - : لو أن موسى كان حيًّا لَمَا وَسِعَه إلا اتِّباعي ، فالمعبود واحد وهو الله وحده لا شريك له ، والمتبوع واحد وهو محمد رسول الله لا ندَّ له ، لا يجوز لأحد أن يتَّخذ متبوعًا وقدوةً له بعد رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - ، كما قال في هذا الحديث : لو كان موسى حيًّا لَمَا وَسِعَه إلا اتِّباعي .
لكن هل هذه القدوة هي مطلقة تشمل كلَّ شيء فعله الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - حتى لو كان من الأمور الجبليَّة العاديَّة الشخصيَّة أو المتعلِّقة بالمحيط الذي كان يعيش فيه - عليه الصلاة والسلام - ؟! من أمثلة ذلك ما جاء في الصحيح أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - وُضِعَ على مائدة يومًا طعامٌ فيه ضبٌّ حنيذ مشويٌّ ، فأرسلت امرأةٌ من أزواجه إليه يقول له : هذا ضبٌّ ، لأنها كانت تعلم من طبيعته - صلى الله عليه وآله وسلم - أنه يكره هذا النوع من اللحم ، فلما أُخبر الخبر أمسك النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ولم يشارك القوم في طعامهم هذا ، وكان أمامهم خالد بن الوليد - رضي الله عنه - ، فكان يأكل بشهيَّة بالغة ؛ حتَّى كانت المرقة تسيل على لحيته ، ونبيُّنا - صلوات الله وسلامه عليه - ينظر إليه نظرةً فيها معنى ، خشي خالد أن تكون هذه النظرة منه نظرةَ استنكار ؛ فقال خالد : يا رسول الله ، أحرامٌ هو ؟ قال : لا ، ولكنَّه لم يكن بأرض قومي ؛ فأجد نفسي تعافه ، فإذا اشتهى خالد ما كَرِهَ الرسول - صلى الله عليه وسلم - من الطعام ؛ هل يكون مخالفًا للسنة ؟ الجواب : لا ، لأنَّ الطعام وما يشتهي وما يكره منه دون تحريم ليس له علاقة بالشرع أو العبادة ، والعكس بالعكس ، وتفصيل الكلام على هذه المسألة والأذان يؤذِّن ما يحسن بنا ؛ لذلك ننصت الآن ، ولعله الختام ، وننصرف إن شاء الله ، أنتم إلى مسجدكم ، ونحن نتابع طريقنا مسافرين ، والحمد لله رب العالمين .
الفتاوى المشابهة
- شرح حديث عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال... - ابن عثيمين
- باب : من أهل في زمن النبي صلى الله عليه وسلم... - ابن عثيمين
- توضيح مسألة ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم م... - الالباني
- باب الأمر بالصلاة على رسول الله صلى الله علي... - ابن عثيمين
- هل يجوز الاعتمارعن النبي صلى الله عليه وسلم؟ - ابن عثيمين
- الكلام على سنن العادة. - الالباني
- ما رأيكم في التفريق بين ورد عن النبي صلى الله... - الالباني
- حكم ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم على سبي... - ابن عثيمين
- حديث النبي في إطلاقه إزرار قميصه ، ما المقصود... - الالباني
- ما الفرق بين العادة والعبادة في اتباع النبي صل... - الالباني
- ما الفرق بين العادة واتِّباع النبي - صلى الله... - الالباني