تم نسخ النصتم نسخ العنوان
في بعض المناطق النائية التي أهلها لا يتبعون لل... - الالبانيالسائل : ... ففي بعض المناطق النائية جدًّا التي أهلها يعجزون في الوصول للمناطق الحضارية التي فيها أهل العلم يتبع الرجل شيخًا له ويظن أن هذا الشيخ على عل...
العالم
طريقة البحث
في بعض المناطق النائية التي أهلها لا يتبعون للمناطق الحضارية يتبع الرجل فيها أحد المشايخ الذي يعتقد أنه من أهل العلم .
الشيخ محمد ناصر الالباني
السائل : ... ففي بعض المناطق النائية جدًّا التي أهلها يعجزون في الوصول للمناطق الحضارية التي فيها أهل العلم يتبع الرجل شيخًا له ويظن أن هذا الشيخ على علم ، وعلى فقه في العلم ، وهذا الشيخ من الشيوخ المخرِّبين ؛ يطوف بالقبور ، وينذر بعض النذور ، ويضرب بالظَّنِّ ، ويتطيَّر ، وهذا الرجل يتبعه يظن أن هذا الرجل هو من أولياء الله - عز وجل - ، وأن فعلًا هذا الرجل يقرِّبه إلى الله - عز وجل - بهذا ... ، فإذا تبعه وظنَّ أنه من أهل العلم الحق ؛ فهل يعني يحكم عليه بحكم من الأحكام ؟

الشيخ : هذا يدخل في بحثنا السابق وأظن أنك لم تكن موجودًا ، قلنا الجاهل هل يعذر أم لا يعذر ؟ وفصَّلنا القول ، ولسنا بحاجة الآن إلى إعادته ، ولكن أقول كلمة مختصرة ؛ وهي إذا كان هذا المسلم المغرور بذاك الشيخ الصوفي الدجال المخرِّف الـ الـ إلى آخره ، إذا كان أفرغ جهده لمعرفة الحقِّ ثم وقف عند هذا الشيخ فهو معذور ، أما اذا اقتنع به دون أن يقابل الشيوخ الآخرين وهو يستطيع ، أنا أقول هذا لأني فهمت منك أنك تفترض أن هذا عايش في بلاد نائية وبعيدة عن العلماء ، فإذا كان لا يستطيع أن يأتي أهل العلم فهو معذور والحالة هذه ، واضح ؟
نعلم قول النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - الذي كان يخطب به في كل خطبته ويفتتحها بعبارات جعلها - عليه الصلاة والسلام - دستورًا لهذه الأمة في حياتهم كلِّها المتعلقة في عبادة الله - تبارك تعالى - ؛ ألا وهو قوله - صلى الله عليه وآله وسلم - : خير الهدى هدى محمد ، وإذا كان الأمر كذلك فواجب المسلم أن يتعرَّف على هديه - صلى الله عليه وآله وسلم - في كلِّ شؤون حياته ليتبيَّن له ما يجب عليه أن يلتزمه فيما له علاقة بالدين أو مما لا يجب عليه ذلك ؛ لأنه ليس من أمور الدين ؛ ذلك لأن الدين قد كمل وأتمَّ الله بذلك نعمته على عباده كما هو معلوم من قول ربِّ العالمين : اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينًا ، أما الدنيا فمن كمال هذا الدين وتمام صلاحه أنه أطلق للمسلمين مما ليس من الدين كل الإطلاق أن يفعلوا في دنياهم ما شاؤوا شريطة ألَّا يخالفوا الدين ، كما جاء في حديث تأبير النخيل الذي أخرجه الإمام مسلم في " صحيحه " أن النبيَّ - صلى الله عليه وآله وسلم - مرَّ ذات يوم بناسٍ يؤبِّرون النخل ، وأظنُّكم تعرفون بطبيعة الحال ... ما هو المقصود من تأبير النخل ؛ أليس كذلك ؟ تأبير النخل هو تلقيحه ، وضح الآن ؟ التأبير هو التقيح ، فمرَّ بطائفة من الأنصار يؤبِّرون النخل ، فسألهم عن ذلك ، فقالوا : إن هذا من شأنه أن يأتي التمر فحلًا مطعمًا ، فقال - عليه الصلاة والسلام - : لو تركتموه كما هو ؛ يعني لم تؤبِّروه أو تلقِّحوه ، فتركوا النخيل كما هو ، لما جاء وقت الإطعام أو وقت الحصاد فُوجئوا بأن التمر خرج شيصًا ، والشِّيص هنا كناية عن أنه لا لحم ولا شحم له ، يعني جلد على نواة ، فأتوا الرسول - عليه الصلاة والسلام - فذكروا له ذلك ، فقال لهم - وهنا الشاهد - : إنما هو رأيٌ رأيته ، فما أمرتكم من أمور دينكم فأتوا منه ما استطعتم ، وما كان من أمر دنياكم فأنتم أعلم بأمور دنياكم .
الشاهد بمقدار ما أطلق النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - للمسلمين إطلاقًا صريحًا لا حدود له في أمور الدنيا ؛ لأنه لم يأتِ لإتمامها وتعليمها الناس ، بل قال : أنتم أعلم بأمور بدنياكم ؛ بقدر ما يعني صرَّح لهم وأباح لهم التوسُّع في أمور الدنيا بالشرط الذي يقتضيه الشرع ، والذي ذكرته آنفًا ؛ ألا يُخالف نصًّا شرعيًّا ؛ على العكس من ذلك ضيَّق لهم دائرة الدين فقال لهم في أحاديث كثيرة : وإياكم ومحدثات الأمور ؛ فإن كل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة في النار ، وفي هذا جاء حديث العرباض بن سارية - رضي الله عنه - قال : وعظنا رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - موعظةً وجلت منها القلوب ، وذرفت منها العيون ؛ فقلنا : يا رسول الله ، أوصنا قال : أوصيكم بتقوى الله ، والسمع والطاعة ، وإن وُلِّيَ عليكم عبدٌ حبشيٌّ ، وإنه من يَعِشْ منكم فسيرى اختلافًا كثيرًا ؛ فعليكم بسنتي ، وسنة الخلفاء الراشدين المهديِّين من بعدي ؛ عضُّوا عليها بالنواجذ ، وإياكم ومحدثات الأمور ، فإن كل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة وفي حديث آخر : وكل ضلالة في النار ، وهذا بحث واسع جدًّا ، وتكلَّمنا فيه مرارًا وتكرارًا في بعض المحاضرات في هذه السفرة بخاصة ، فلا أريد أن أزيد على هذه الكلمات ، لأتابعَ الموضوع المشار إليه آنفًا .

Webiste