الشيخ : حجة البدل عن الغريب ؛ هل تصح ؟
الجواب الذي نختاره أنها لا تصح ، إنما تصح لصور ضيِّقة جدًّا ، أوَّلًا أن يحجَّ الولد عن والديه اللَّذَين عَجَزَا عن الحج ؛ أي : لم يُفرَضْ عليهما ، ربنا - عز وجل - يقول كما تعلمون : وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا ، فإذا مات الوالد أو الوالدة ولم يستطيعا الحج ؛ أي : لم يُفرض عليهما ، ثم استطاع الولد الحج فعليه قبل كل شيء أن يحج عن نفسه ، ثم أن يحج عن أبيه وأمه ، أما إذا استطاع الحج ثم أهملَ أو بالأحرى ... نقول : لم يبادرا إلى الحج فأدرَكَهما العجز أو الفقر أو نحو ذلك من العوارض التي تعترض سبيل الناس ، فماتا ولم يحجَّا ؛ فلا يحج الولد عن أبوَيهما حجة الإسلام ؛ لأن هذا الوالد - وصورته أنه وجب عليه الحج ولم يحج - مات آثمًا ، ولا يتمكَّن أحد بعد موته أن يخلِّصه من إثمه بأن يؤدي هو فريضته عنه .
أما حج التطوع فهذا مجاله واسع ، فيستطيع كلُّ ولد أن يحج عن أبويه تطوُّعًا ، أما حجة الإسلام المفروضة على كل مكلَّف مستطيع فالوالدان إن استطاعا ثم لم يحجَّا فلا سبيل للولد أن يحج عنهما .
أما إن لم يجب ذلك عليهما فالأمر كما يقول الإمام الشافعي : إنَّ استطاعة الولد يُعتبر امتدادًا لاستطاعة الوالد ؛ على اعتبار وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى ، وأن الولد مِن سعي الوالد ، وإلى هذا - أيضًا - يشير الرسول - عليه السلام - بقوله : أطيب الكسب كسب الرجل من عمل يده ، وإن أولادكم مِن كسبكم .
كذلك يمكن الحج عن غير الوالدين بالشرط السابق ؛ تنفيذًا لأمرٍ لوصيَّةٍ من هذا الموصي ؛ إما في حياته حين عجز ، أو بعد وفاته وقد أوصى بذلك ، فتنفيذًا لهذه الوصية سواء من حيٍّ أو ميِّت يمكن حجة البدل هذه ، أما الحج بدون قيدٍ ولا شرط كما يفعل الناس اليوم ، بل كما اتُّخِذَت مهنة وتجارة تدرُّ على الذين يحجون حجَّة بدل كل سنة أموال يستغنون بها عن أيِّ عمل وعن أيِّ صنعة ؛ فهذا لا يشك كلُّ دارسٍ لتاريخ السلف الصالح أنه لم يكن عندهم هذا التوسُّع في أن يحج الرجل عن غيره .
إذًا حجة البدل تجوز في دائرة ضيِّقة جدًّا ؛ الولد عن والده الذي لم يستطع الحج ، والرجل يحج تنفيذًا لوصية مَن لم يستطع أن يحج .
وبهذا القدر كفاية ، والحمد لله رب العالمين .

السائل : بارك الله فيك ، جزاك الله خيرًا .

الشيخ : شو عندنا الآن ؟ أسئلة ؟

السائل : للأخ أبي عبد الله ولأبي عمار أسئلة غير الأسئلة .

الشيخ : الأسئلة فيما بعد .

السائل : أبو عمار أو أبو عبد الله ... .