في الحوار الذي دار بين موسى - عليه السلام - والخضر - عليه السلام - في الآية الأولى قال : (( فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا )) ؛ فنَسَبَ الفعل إلى نفسه ، وفي الثانية قال : (( فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا )) ، وفي الثالثة : (( فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا )) ؛ فنَسَبَ الفعل إلى الله - عز وجل - ؛ فما السبب ؟
الشيخ محمد ناصر الالباني
السائل : شيخ ، الحوار اللي دار بين موسى - عليه السلام - وبين الخضر - عليه السلام - في سورة الكهف يقول الحقُّ - عز وجل - .
الشيخ : بين مين ومين ؟
السائل : الخضر .
الشيخ : الخضر .
السائل : إي نعم ، وبين موسى - عليه السلام - ، يقول : فـ ... موسى - عليه السلام - : أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا * وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا * فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا * وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنْزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا . في الآية الأولى .
الحاضرون : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته .
السائل : في الآية الأولى .
الشيخ : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته .
السائل : نَسَبَ الفعل إلى النفس .
الشيخ : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته .
السائل : يقول : فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا ، في الآية الثانية نَسَبَ الفعل إلى النفس وإلى ربِّه - عز وجل - ، وفي الثالثة نسب الفعل إلى ربه - سبحانه وتعالى - ، فلِمَ في الأولى نسب الفعل إلى النفس ، وفي الثانية ؟
الشيخ : هذا من باب - أخي - التأدب اللفظي مع الخالق - تبارك وتعالى - ؛ لأنُّو فيه لفظة العيب ؛ فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا ؛ فكان باستطاعته : فأراد ربُّك أن يعيبها ، كان من المستطاع أن يقول هذا ، لكن من باب الأدب اللفظي لم ينسِبْ هذا العيب أو التعييب بالمعنى الصحيح إلى الرب - عز وجل - ، وإنما نَسَبَه إلى نفسه ، هذا أدب شرعي إسلامي ؛ فلذلك علماء الفقه يقولوا : أنُّو ربنا - عز وجل - خالق الخير وخالق الشر كعقيدة ، لكن يقولوا : يُكره أن يقول : خالق الخنازير ، هو فعلًا خالق الخنازير وخالق ... وخالق الشيطان الرجيم وإلى آخره ، لكن من حيث الأدب في اللفظ لا يقول هذا التعبير : خالق الخنازير مثلًا ؛ فإذًا هنا نسب العيب إلى نفسه كأدب لفظي مع ربه .
وفي الإسلام بلا شك عناية بالغة في توجيه المسلمين إلى تهذيب ألفاظهم ؛ لعلكم تذكرون الحديث الذي أخرجه الإمام مسلم في " صحيحه " أن رجلًا خطب بين يدي النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال في خطبته : مَن يطع الله ورسوله فقد رشد ، ومن يعصهما فقد غوى . كلام صحيح ، ولا أحد ممَّن نفترض أنهم لم يسمعوا بالحديث يشعر بأن في هذا التعبير أيَّ خطأ لفظي . من يطع الله ورسوله فقد رشد ، ومن يعصهما فقد غوى ؛ ومع ذلك ماذا كان موقف الرسول - عليه السلام - ؟ قال : بئس الخطيب أنت ؛ ليه ؟ بيَّن له ؛ قال : من يطع الله ورسوله فقد رشد ، ومن يعص الله ورسوله فقد غوى ؛ أي : لا تجمع الله والرسول في ضمير واحد ، لا تقل : ومَن يعصهما ؛ وإنما أبرز المُضمَر فقل : ومن يعص الله ورسوله فقد غوى ؛ أدب قرآني من جهة أو أدب نبوي من جهة ، ومن جهة ثانية في هذا المثال بالذات فيه قطع لدابر الإشراك بالله - عز وجل - ولو باللفظ .
ولمثل هذا أمثلة كثيرة ، لكن أذكر لفظًا واحدًا أو مثالًا واحدًا ، هي من أبدعها وألطفها ، ألا وهو قوله - عليه الصلاة والسلام - : لا يقولنَّ أحدكم : خَبُثَتْ نفسي ، ولكن : لَقِسَتْ ، وإذا راجعت كتب اللغة أو القواميس : مادة لقس يساوي خبث ، وهو يقول : لا يقولنَّ أحدكم : خَبُثَتْ نفسي ، ولكن : لَقِسَتْ ؛ إيش الفرق ؟ الفرق فرق بين لفظ خبث وبين لقس ، هَيْ ناعمة وهديك خشنة ، فأنت تتحدث عن نفسك عن شيء غير متاح منه في نفسك ؛ ما تقول : خبثت ، وإنما تقول : لقس ؛ فإذا كان الإسلام اهتمَّ بتوجيه المسلمين إلى تحسينهم لألفاظهم وتعابيرهم حتى ما كان منها متعلقًا بذواتهم ؛ فمن باب أولى ما كان منها متعلقًا بخالقهم - تبارك وتعالى - .
على هذا الأساس جاء نسبة العيب هناك من الخضر لموسى ، وإلا فكل شيء هو بتقدير الله - عز وجل - وخلقه ، وإذا عرفت هذا بقى سهل عليك فهم بقية الآيات اللي تلوتها .
الشيخ : بين مين ومين ؟
السائل : الخضر .
الشيخ : الخضر .
السائل : إي نعم ، وبين موسى - عليه السلام - ، يقول : فـ ... موسى - عليه السلام - : أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا * وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا * فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا * وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنْزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا . في الآية الأولى .
الحاضرون : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته .
السائل : في الآية الأولى .
الشيخ : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته .
السائل : نَسَبَ الفعل إلى النفس .
الشيخ : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته .
السائل : يقول : فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا ، في الآية الثانية نَسَبَ الفعل إلى النفس وإلى ربِّه - عز وجل - ، وفي الثالثة نسب الفعل إلى ربه - سبحانه وتعالى - ، فلِمَ في الأولى نسب الفعل إلى النفس ، وفي الثانية ؟
الشيخ : هذا من باب - أخي - التأدب اللفظي مع الخالق - تبارك وتعالى - ؛ لأنُّو فيه لفظة العيب ؛ فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا ؛ فكان باستطاعته : فأراد ربُّك أن يعيبها ، كان من المستطاع أن يقول هذا ، لكن من باب الأدب اللفظي لم ينسِبْ هذا العيب أو التعييب بالمعنى الصحيح إلى الرب - عز وجل - ، وإنما نَسَبَه إلى نفسه ، هذا أدب شرعي إسلامي ؛ فلذلك علماء الفقه يقولوا : أنُّو ربنا - عز وجل - خالق الخير وخالق الشر كعقيدة ، لكن يقولوا : يُكره أن يقول : خالق الخنازير ، هو فعلًا خالق الخنازير وخالق ... وخالق الشيطان الرجيم وإلى آخره ، لكن من حيث الأدب في اللفظ لا يقول هذا التعبير : خالق الخنازير مثلًا ؛ فإذًا هنا نسب العيب إلى نفسه كأدب لفظي مع ربه .
وفي الإسلام بلا شك عناية بالغة في توجيه المسلمين إلى تهذيب ألفاظهم ؛ لعلكم تذكرون الحديث الذي أخرجه الإمام مسلم في " صحيحه " أن رجلًا خطب بين يدي النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال في خطبته : مَن يطع الله ورسوله فقد رشد ، ومن يعصهما فقد غوى . كلام صحيح ، ولا أحد ممَّن نفترض أنهم لم يسمعوا بالحديث يشعر بأن في هذا التعبير أيَّ خطأ لفظي . من يطع الله ورسوله فقد رشد ، ومن يعصهما فقد غوى ؛ ومع ذلك ماذا كان موقف الرسول - عليه السلام - ؟ قال : بئس الخطيب أنت ؛ ليه ؟ بيَّن له ؛ قال : من يطع الله ورسوله فقد رشد ، ومن يعص الله ورسوله فقد غوى ؛ أي : لا تجمع الله والرسول في ضمير واحد ، لا تقل : ومَن يعصهما ؛ وإنما أبرز المُضمَر فقل : ومن يعص الله ورسوله فقد غوى ؛ أدب قرآني من جهة أو أدب نبوي من جهة ، ومن جهة ثانية في هذا المثال بالذات فيه قطع لدابر الإشراك بالله - عز وجل - ولو باللفظ .
ولمثل هذا أمثلة كثيرة ، لكن أذكر لفظًا واحدًا أو مثالًا واحدًا ، هي من أبدعها وألطفها ، ألا وهو قوله - عليه الصلاة والسلام - : لا يقولنَّ أحدكم : خَبُثَتْ نفسي ، ولكن : لَقِسَتْ ، وإذا راجعت كتب اللغة أو القواميس : مادة لقس يساوي خبث ، وهو يقول : لا يقولنَّ أحدكم : خَبُثَتْ نفسي ، ولكن : لَقِسَتْ ؛ إيش الفرق ؟ الفرق فرق بين لفظ خبث وبين لقس ، هَيْ ناعمة وهديك خشنة ، فأنت تتحدث عن نفسك عن شيء غير متاح منه في نفسك ؛ ما تقول : خبثت ، وإنما تقول : لقس ؛ فإذا كان الإسلام اهتمَّ بتوجيه المسلمين إلى تحسينهم لألفاظهم وتعابيرهم حتى ما كان منها متعلقًا بذواتهم ؛ فمن باب أولى ما كان منها متعلقًا بخالقهم - تبارك وتعالى - .
على هذا الأساس جاء نسبة العيب هناك من الخضر لموسى ، وإلا فكل شيء هو بتقدير الله - عز وجل - وخلقه ، وإذا عرفت هذا بقى سهل عليك فهم بقية الآيات اللي تلوتها .
الفتاوى المشابهة
- ما قولكم في الخضر هل هو نبي أو ولي ؟ وهل هوح... - ابن عثيمين
- بقية ما قولكم في الخضر هل هو نبي أو ولي ؟ وه... - ابن عثيمين
- كيف يكون الخضر يوحى إليه وليس بنبي.؟ - ابن عثيمين
- حدثني محمد بن غرير الزهري قال حدثنا يعقوب بن... - ابن عثيمين
- اعتقاد الصوفية في الخضر عليه السلام - اللجنة الدائمة
- قصة موسى مع الخضر هل تدل على أن الخضر أعلم م... - ابن عثيمين
- هل الخضر نبي؟ - اللجنة الدائمة
- هل الخضر عليه السلام ما رود فيه من الأحاديث... - ابن عثيمين
- توجيه ألفاظ الإرادة في قصة الخضر مع موسى - ابن باز
- رجوعًا للموضوع السابق ، في الآية الأولى قال :... - الالباني
- في الحوار الذي دار بين موسى - عليه السلام - وا... - الالباني