تم نسخ النصتم نسخ العنوان
ما حكم التوسُّل بأولياء الله الصالحين ؟ وهل يُ... - الالبانيالسائل : إذا أذن لي بعض الإخوة ، الأسئلة كثيرة جدًّا ، كثيرة جدًّا ، فسنركِّز على الأسئلة التي تمسُّ العقيدة ؛ لأن العقيدة هي الأساس ، وإذا صلُحت العقيد...
العالم
طريقة البحث
ما حكم التوسُّل بأولياء الله الصالحين ؟ وهل يُوقع في الشرك أم هو مسألة خلافية بين العلماء ؟
الشيخ محمد ناصر الالباني
السائل : إذا أذن لي بعض الإخوة ، الأسئلة كثيرة جدًّا ، كثيرة جدًّا ، فسنركِّز على الأسئلة التي تمسُّ العقيدة ؛ لأن العقيدة هي الأساس ، وإذا صلُحت العقيدة صلُح البناء ، وإذا كان الأساس فاسد - أي : العقيدة فاسدة - فلا يستطيع الإنسان أن يقيم بناءً بغير عقيدة أو بغير قاعدة وبغير أساس .
السؤال التالي : ما حكم التوسُّل بأولياء الله الصالحين ؟ وهل هو يُوقع المرءَ في الشرك أم هو مسألة خلافية بين العلماء ؟

الشيخ : الحقيقة هذه المسألة فيها دقَّة ؛ لأن التوسُّل إلى الله - تبارك وتعالى - بعبدٍ من عباده الصالحين أو بنبيٍّ من أنبيائه المصطفَين الأخيار شيء ، ومناداة هؤلاء الأنبياء والصالحين والاستغاثة بهم في الشدائد شيء آخر .
الاستغاثة هو بلا شك ينافي التوحيد توحيد العبادة التي نحن دائمًا نذكُرُها بألسنتنا اتِّباعًا لكتاب ربِّنا ؛ حينما نقول في كل ركعة من صلواتنا : إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ، كما أن معنى إِيَّاكَ نَعْبُدُ أي : وحدك نعبد ، كذلك وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ أي : وحدك نستعين ، مع ذلك تجد أن الملايين المُمَلينة في العالم الإسلامي يستعينون بالموتى بزعم أنهم وسطاء بينهم وبين الله - تبارك وتعالى - ، لا أريد الخوض في هذا ؛ فإنه - الحمد لله - أصبح اليوم كثير من المسلمين على بيِّنة من أن الاستعانة والاستغاثة بالأولياء والصالحين هو شرك في العبادة ، أما التوسل ففيه دقَّة ، التوسل هي في الحقيقة من حيث دلالتها اللفظية هي مسألة خلافية ، لكن من حيث واقعها في العالم الإسلامي فهي لها صلة بالعقيدة ، وأنها تنافي التوحيد الخالص ، وهذا يحتاج إلى شيء من البيان ؛ فلا تُؤاخذوني إذا أطلت بعض الشيء .
التوسل بالمعنى الأول الخلافي هو أن يقول القائل : " اللهم إني أسألك بمحمد أن تغفر لي " ، هذا فيه خلاف ، ولكن ليس كل خلاف له حظٌّ من النظر ، من أجل ذلك قال الله - عز وجل - في الآية السابقة : فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إلى آخر الآية ، فأريد أن أقول : المسألة فيها خلاف صحيح ، لكن الحق أن التوسل إلى الله بعبد من عباد الله ليس من الشرع في شيء ، أما هل له علاقة بالعقيدة أم لا ؟ هذا ما سأبيِّنه .
أقول فيها خلاف ؛ لأن إمامًا من أئمة المسلمين الذين هداهم الله - تبارك وتعالى - إلى الإسلام الصحيح بفضل رجوعهم إلى الكتاب والسنة خلافًا للمذهب الذي عاش فيه ؛ وهو المذهب الزيدي الذي عاش فيه بعض العلماء ممَّن نقدِّرُهم ؛ لأنهم لم يتعصَّبوا لمذهبهم ، وإنما رجعوا إلى كتاب الله وإلى حديث رسول الله كما هو واجب كل مسلم ؛ أعني بذلك الإمام " محمدًا بن علي الشوكاني " صاحب كتاب " نيل الأوطار شرح منتقى الأخبار " ، هذا الرجل الفاضل يذهب صراحةً إلى جواز التوسل إلى الله بمحمد - صلى الله عليه وآله وسلم - ؛ لأنه فَهِمَ حديث الأعمى على ظاهره ؛ فهو مأجور على كل حال ؛ لأنه إمام مجتهد ، واجتهاده برجوعه إلى الكتاب والسنة هو الذي أنقَذَه من الزيدية والانحراف عن مذهب أهل السنة والجماعة .
فهل نقول بأن الإمام هذا الشوكاني هو مشرك ؟ حاشا لله ، لكن غاية ما نستطيع أن نقول : إنه مُخطئ ؛ لِمَ ؟ لأنه فَهِمَ حديث الأعمى فهمًا خطأً خلاف ما كان عليه سلفنا الصالح ، ولعلكم تلاحظون أنني أدندن حول كلمة السلف الصالح ؛ لأنني أعتقد أن الدعوة الواجبة من الدعوة إلى الكتاب والسنة دعوة واجبة ؛ وهي الخلاص مما فيه المسلمون اليوم من الذُّلِّ والهوان والفرقة ونحو ذلك ، لا يكفي الاقتصار في الدعوة إلى الكتاب والسنة فقط ، بل لا بد بالنسبة إلينا نحن المتأخِّرين في هذا القرن أن نُضيفَ وأن نضمَّ إلى الدعوة إلى كتاب الله وحديث رسول الله كلمة عظيمة جدًّا ؛ وهي : " على منهج السلف الصالح " ؛ لأن الجماعة هم سلفنا الصالح ؛ لذلك فتفسير الإمام الشوكاني لحديث الأعمى كان خطأً ؛ لأنه خالف ما جرى عليه سلفنا الصالح .

Webiste