تم نسخ النصتم نسخ العنوان
تفسير سورة الإسراء - الفوزانسؤال: يقول الله تعالى في كتابه العزيز في سورة الإسراء: وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إسْرائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَع...
العالم
طريقة البحث
تفسير سورة الإسراء
الشيخ صالح بن فوزان الفوزان
سؤال: يقول الله تعالى في كتابه العزيز في سورة الإسراء: وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إسْرائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولًا ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا [الإسراء: ٤-٦] ، فما معنى هذه الآيات، وما المقصود بالإفساد في الأرض مرتين، وهل مضت المرتان، وما معنى قوله تعالى: فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ ، وماذا يفهم من هذه الآيات؟

الجواب: يقول الله سبحانه وتعالى: وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إسْرائِيلَ : أي أخبرناهم، بينا لهم أنه سيحصل منهم إفساد في الأرض بالكفر والمعاصي وقتل الأنبياء. وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إسْرائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ : يعني بالمعاصي والكفر والإلحاد. مَرَّتَيْنِ ، المرة الأولى حصلت، ثم إن الله سبحانه وتعالى عاقبهم. فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ : بعث الله عليهم عدوًا من الكفار، من كفار المجوس أو من غيرهم، فقتلوهم شر قتلة واستباحوا بلادهم وديارهم عقوبة لهم لما أفسدوا في الأرض، هذا حصل عليهم المرة الأولى، ثم إن الله سبحانه وتعالى أعاد الكرة لبني إسرائيل ونموا، وأعاد لهم قوتهم.
ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا بعدما عاقبهم الله سبحانه وتعالى على الإفساد الأول، مَنَّ عليهم بأن أعاد لهم قوتهم وعزتهم وكثرة الغنى والأولاد، ثم إنهم لم يقيدوا نعمة الله بالشكر، وعادوا إلى إفسادهم مرة ثانية، فأفسدوا في الأرض مرة ثانية،
عند ذلك بعث الله عليهم عدوًا آخر أيضًا استباح بلادهم وأهلك الحرث والنسل، ودخل المسجد الذي هو بيت المقدس كما دخله العدو الأول، وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا : أي ليتبر هذا العدو، ويفسد ما حصل لكم في هذه الفترة من النشاط والعمران وكثرة الأموال والأولاد، ليتبر ذلك ويُقضى عليه عقوبة لكم.
فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ : يعني المرة الثانية، وهي الإفساد في الأرض.
لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ ، فالله جل وعلا أخبر في هذه الآية عن بني إسرائيل أنهم حصل منهم فساد في الأرض مرتين وهذا في الزمن الماضي، ثم توعدهم أنهم إذا كرروا هذا، فسيعيد لهم العقوبة إلى يوم القيامة وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا : هذا وعيد من الله، كما أنه عاقبهم على المرتين الأوليين، فهو كذلك سيعاقبهم كلما أفسدوا في الأرض، إلى آخر الدنيا، وهذا واقع ومشاهد أن اليهود ما زالوا يسلط عليهم الجبابرة ويسلط عليهم عدوهم كلما حصل منهم علو في الأرض وإفساد في الأرض، وهذه عقوبة من الله سبحانه وتعالى لهذا الشعب الذي يفسد في الأرض وينشر الفساد فيها ويتكبر على العباد.

سؤال: هل الإفسادان هما حادثان معنيان أم مجمل أعمالهم؟

الجواب: الله سبحانه وتعالى لم يحدد نوع الإفسادين، ولكن من المفسرين من قال: إنهم قتلوا في المرة الأولى (أشعياء) نبيًّا من أنبيائهم، وفي المرة الثانية قتلوا: " يحيي بن زكريا " عليه السلام.
وهذا صحيح أنهم قتلوا الأنبياء، ذكر الله عنهم أنهم يقتلون الأنبياء، هذا من أعظم الإفساد بلا شك.
والحاصل أن هؤلاء اليهود، كلما حصل منهم إفساد فإن الله يكرر عليهم العقوبة وتسليط العدو عليهم في المرتين الأوليين، وفي كل ما حصل منهم ذلك، كما في قوله تعالى: وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا . فهذا مطلق إلى يوم القيامة.

سؤال: قوله تعالى في آخر الآية: فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ معناها المرة الثانية؟

الجواب: نعم المرة الثانية.

Webiste