تم نسخ النصتم نسخ العنوان
تفسير سورة الإسراء - 2 - الفوزانسؤال: ما معنى قوله تعالى في سورة الإسراء: وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا...
العالم
طريقة البحث
تفسير سورة الإسراء - 2
الشيخ صالح بن فوزان الفوزان
سؤال: ما معنى قوله تعالى في سورة الإسراء: وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا وَلَئِنْ شِئْنَا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ ثُمَّ لَا تَجِدُ لَكَ بِهِ عَلَيْنَا وَكِيلًا إِلَّا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ إِنَّ فَضْلَهُ كَانَ عَلَيْكَ كَبِيرًا [الإسراء: ٨٥-٨٧] ؟

الجواب: كانت اليهود قد قالت لمشركي قريش من أهل مكة: اسألوا هذا الرجل، يعني محمدًا صلى الله عليه وسلم عن ثلاث مسائل، المسألة الأولى: عن أصحاب الكهف، والمسألة الثانية: عن ذي القرنين، والمسألة الثالثة: عن الروح، فإن أجابكم عنها فهو نبي، والله سبحانه وتعالى أنزل على رسوله الإجابة عن هذه الأسئلة.
عن أصحاب الكهف، وعن ذي القرنين، وأما الروح فالله سبحانه

وتعالى قال: قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي ، فلم يجبهم إلى سؤالهم، وإنما بين أنها من خصوصياته سبحانه وتعالى، وأنه هو الذي خلقها، وهو الذي يعلمها ولا يعلمها أحد من الخلق، فهي سر من الأسرار، ولا تزال سرًّا، وهذا من معجزات القرآن، فإنه مع تقدم الطب والمهارة فيه، ومع حرص الناس على البحث في هذا الشأن، لم يعرفوا شيئًا عن حقيقة الروح قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي ، على أن المراد بالروح: ما يحيا به الإنسان، هذا السر الذي يحيا به الإنسان، يكون حيًا، وإذا فارقته مفارقة تامة يكون ميتًا، وإذا فارقته بعض المفارقة يكون نائمًا، فالروح لها اتصالات بالبدن، اتصال بالبدن وهو في بطن أمه، واتصال بالبدن بعدما يولد في الحياة الدنيا، وهو مستيقظ، واتصال بالبدن وهو نائم، واتصال بالبدن وهو في القبر، واتصال بالبدن في الدار الآخرة، وهذا الاتصال الأخير اتصال لا مفارقة بعده، فهذه الروح من العجائب التي لا يعلمها إلا الله سبحانه وتعالى.

وقيل: المراد بالروح جبريل عليه الصلاة والسلام.

وقيل: المراد بالروح ملك من الملائكة، أو جماعة من الملائكة.
فعلى كل حال، فالروح سر من أسرار الله لم يطلع عليها عباده سبحانه وتعالى: قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا ، فالبشر مهما أوتوا من العلوم والمعارف، فإن علمهم قليل، أو لا شيء بالنسبة لعلم الله سبحانه وتعالى.

وقوله تعالى: وَلَئِنْ شِئْنَا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ يعني القرآن أن الله سبحانه وتعالى أنزل هذا القرآن نعمة ومنة على رسوله صلى الله عليه وسلم وعلى
أمته، فهو من أكبر النعم، وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا [النساء: ١١٣] ، فإنه من أعظم النعم التي أنعم الله بها على هذا النبي الكريم، وعلى أمته إلى يوم القيامة؛ لأن به سعادتهم ونجاتهم في الدنيا والآخرة، والله قادر على أن يرفع هذا القرآن، وأن يزيل هذه النعمة، كما أنه هو الذي أنزلها، فهو قادر على رفعها، وذلك مما يوجب على العباد أن يشكروا الله سبحانه وتعالى على هذه النعمة، ليستفيدوا منها وينتفعوا بها.

Webiste