معنى قوله " أم خلقوا من عير شيءأم هم الخالقون ".
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
الشيخ : ثم قال تعالى : أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون يعني هل هؤلاء خلقوا من غير خالق أم هم الذين خلقوا أنفسهم وهذا الدليل العقلي البرهاني على أن لهم خالقا وهو الله عز وجل يسمى بدليل السبر والتقسيم وذلك لأننا نقول إن هؤلاء الذين يخاطبون النبي صلى الله عليه وسلم هل هم الذين خلقوا أنفسهم أم خلقوا من غير خالق ماذا تقولون ؟ لا هذا ولا هذا لأنهم ليسوا هم الذين خقلوا أنفسهم إذ أنهم كانوا عدما قبل أن يوجدوا والعدم غير موجود فكيف يوجد غيره هل خلقوا من غير خالق بأن جاؤوا صدفة أبدا لا يمكن لأن هذا الخلق لا بد له من خالق والقاعدة العقلية النظرية أن كل حادث لا بد له من محدث أعتقد لو أن شخصا حدثك بأن هناك قصرا مشيدا تتطرد فيه الأنهار وتهتز فيه أغصان الأشجار وفيه من كل ما يكمله من فرش وأواني وغيرها لو قال لك قائل إن هذا القصر خلق نفسه وأوجد نفسه لقلت إن هذا نوع من الجنون ولو قلت إن هذا القصر يعني جاء خلق صدفة من غير أن يبنيه بانٍ لقيل أيضا إنك رجل مجنون كيف يكون هذا القصر بهذا النوع أو بهذا الوصف ويكون بني من غير بان هذا لا يمكن أبدا ولما جاء قوم من أهل الإلحاد يحادون أبا حنيفة رحمه الله في وجود الله عز وجل ويقولون إن الله تعالى ليس بموجود فهل لك من دليل تقنعنا به ؟ فقال دعوني أفكر فتركوه يفكر ثم قال بعد ذلك : إن هناك سفينة جاءت إلى نهر دجلة محملة بالأرزاق فأرست في الميناء ثم أنزلت هذه الأرزاق على الساحل بدون أن يكون لها ملاح وبدون أن يكون هناك حمالون ينزلون هذه الأرزاق فقال هؤلاء القوم لأبي حنيفة هذا لا يمكن هذا ليس بعقل فقال لهم إذا كانت هذه السفينة وهي ليست بشيء بالنسبة إلى الشمس والقمر والنجوم والسماء والأرض لا يمكن أن تأتي بنفسها أو تحمل المتاع بنفسها أو تنزله بنفسها فكيف يمكن أن تكون هذه المخلوقات العظيمة خلقت بدون خالق ولهذا قيل لأعرابي بم عرفت ربك فقال : " الأثر يدل على المسير والبعرة تدل على البعير فسماء ذات أبراج وأرض ذات فجاج وبحار ذات أمواج ألا تدل على السميع البصير " سبحان الله أعرابي ينطق بهذا النطق العقلي الذي لو تكلم عليه الفلاسفة بمجلدات ما أتوا بمثله الأثر يدل على المسير لو وجدت أثر أقدام على رمل أرض رملية هل يمكن أن تكون هذه الأقدام من غير سائر عليها ؟ لا يمكن لو وجدت بعرة هل يمكن أن تكون هذه البعرة من غير بعير ؟ لا يمكن إذا السماء العظيمة ذات الأبراج العظيمة وهي النجوم العالية الأرض ذات الفجاج الواسعة بما فيها من الجبال والأودية وغير ذلك البحار العظيمة ذات الأمواج من الذي خلقها الله عز وجل فهي تدل على السميع البصير يقول الله عز وجل هنا : أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون وش الجواب ؟ لا هذا ولا هذا إذا من الذي خلقهم هل خلقهم رؤساؤهم هل خلق الإنسان أمه وأبوه إذا لا بد أن يكون خالق وراء هذا الخلق ألا وهو الله عز وجل كان الجبير بن مطعم رضي الله عنه أحد الأسرى في بدر فسمع النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ هذه الآية : أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون فكاد قلبي يطير من شدة ما رأى من الإقناع والحجة البينة ودخل الإيمان في قلبه من ذلك الوقت حتى أسلم في النهاية رضي الله عنه إذا نستدل بهذه الآية الكريمة بدليل عقلي على أن هذا الكون له خالق وهو الله عز وجل.
الفتاوى المشابهة
- حكم قول بعض الناس: نحن نخلق، ونحوه - ابن باز
- شرح قول المصنف وقوله ( ......من ذهب يخلق كخل... - ابن عثيمين
- هل نقول أن لازم قول القدرية أن العبد خالق لأ... - ابن عثيمين
- شرح قول المصنف : باب ما جاء في المصورين عن أ... - ابن عثيمين
- شرح قول المصنف : لا خالق غيره ولا رب سواه - ابن عثيمين
- معنى قول الناظم: ويصح أن يشتق منه خالق..وبيا... - ابن عثيمين
- ما معنى الخلق الذي أثبته الله لغيره كما في ا... - ابن عثيمين
- شرح قول المصنف:"....ثم التشبيه الذي ضل به من... - ابن عثيمين
- خلق الله نوعان . - الالباني
- تفسير قوله تعالى: (أم خلقوا من غير شيء أم هم... - ابن عثيمين
- معنى قوله " أم خلقوا من عير شيءأم هم الخالقو... - ابن عثيمين