الشيخ : الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم من أفضل الأعمال كما قال الله تعالى : { إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليماً } وأمرنا النبي صلى الله عليه وسلم بالإكثار من الصلاة عليه ، وأخبر أن من صلى عليه مرة واحدة صلى الله عليه بها عشراً ، وخير صيغة يقولها في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ما اختاره النبي صلى الله عليه وسلم للصلاة عليه بها مثل قوله : "اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد ، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد" وغيرها من صيغ الصلوات التي وردت عن النبي صلى الله عليه وسلم .
ومن خير ما ألف في ذلك : كتاب ابن القيم رحمه الله المسمى : " جلاء الأفهام في الصلاة على خير الأنام " فليرجع إليه السائل وغيره من الأخوة المستمعين للإستفادة منه .
أما الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بالصيغة التي ذكرها السائل فإنها صلاة بدعية ، وقد ثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال : "خير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة" وهذه الصيغ من الصلوات على النبي صلى الله عليه وسلم وأذكار الله عز وجل التي يدأب عليها من يدأب وهي مخالفة لهدي النبي صلى الله عليه وسلم كلها من البدع والضلال ، ولا أدري كيف يليق بالمؤمن أن يعدل عما جاءت به السنة إلى هذه الألفاظ المبتدعة ، وما ذلك إلا من تزيين الشيطان وتلبيسه ز
والذين يدعون ما جاءت به السنة من صيغ الأذكار والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم إلى ما ابتدع فيها من البدع لهم نصيب من قوله تعالى : { قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا ًالذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً } فإذا كنت أخي المسلم تريد أن تتعب نفسك بل تريد أن تتقرب إلى ربك بشيء من الأذكار والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فعليك بما جاءت به الشريعة ، فإن ذلك هو الهدى والنور والشفاء ، وإياك ومحدثات الأمور فإن كل بدعة ضلالة ، وأكثر الناس ولاسيما طلبة العلم يعلمون أنه من شرط صحة العبادة بل يعلمون أن العبادة لا تصح إلا بشرطين : أحدهما الإخلاص لله ، والثاني المتابعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم .
وأما قول السائل : هل يجوز أن نقول : اللهم اجعلنا إلى قبره من الزائرين أو إلى مسجده ؟
فالمشروع أن تقول : اللهم اجعلني إلى مسجده من الزائرين ، لأن مسجده هو الذي تشهد إليه الرحال وليس قبره ، قال النبي عليه الصلاة والسلام : "لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد : المسجد الحرام ومسجدي هذا والمسجد الأقصى" .
وها هنا نقطة أحب أن أنبه عليها وهو أن كثيراً من الناس يتشوقون إلى زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم أكثر مما يتشوقون إلى زيارة مسجده ، بل أكثر مما يتشوقون إلى زيارة الكعبة بيت الله عز وجل ، وهذا من الضلال البين ، فإن حق النبي عليه الصالة والسلام لا يشك أحد في أنه دون حق الله ، فالرسول عليه الصلاة والسلام بشر مرسل من عند الله ، ولولا أن الله تعالى اجتباه برسالته لم يكن له من الحق هذا الحق الذي يفوق حق كل بشر .
أما أن يكون مساوياً لحق الله عز وجل أو يكون في قلب الإنسان محبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم تزيد على محبة الله فإن هذا خطأ عظيم فمحبة الرسول صلى الله عليه وسلم تابعة لمحبة الله وتعظيمنا له تباع لتعظيم الله عز وجل وهو دون تعظيم الله تعالى ، ولهذا نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن نغلو فيه وأن نجعل له حقاً مساوياً لحق الله عز وجل ، قال له رجل مرة : ما شاء الله وشئت ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : "أجعلتني لله نداً بل ما شاء الله وحده" .
والخلاصة أنه يجب على الإنسان أن يكون تعظيم الله ومحبة الله في قلبه أعظم من محبة وتعظيم كل أحد ، وأن تكون محبة النبي صلى الله عليه وسلم وتعظيمه في قلبه أعظم من محبة وتعظيم كل مخلوق ، وأما أن نساوي بين حق الرسول صلى الله عليه وسلم وحق الله تعالى فيما يختص الله به فهذا خطأ عظيم .