الشيخ : الحمد لله رب العالمين وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى ءاله وأصحابه أجمعين، قبل الإجابة على هذا السؤال أود أن أبيّن لإخواني المستمعين أن الصلاة أعظم أركان الإسلام بعد الشهادتين وأن تركها كفر مخرج عن الملة وذلك لأدلة من كتاب الله وسنّة رسوله صلى الله عليه وسلم وأقوال الصحابة رضي الله عنهم.
أما من كتاب الله فقد قال الله سبحانه وتعالى عن المشركين { فَإِن تابوا وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَءاتَوُا الزَّكاةَ فَإِخوانُكُم فِي الدّينِ وَنُفَصِّلُ الأياتِ لِقَومٍ يَعلَمونَ } فهذه الأية تدل على أن المشركين لا يكونوا إخوة لنا في الدين إلا إذا تابوا من الشرك وأقاموا الصلاة وءاتوا الزكاة ومن المعلوم أن الشرط بل ومن المعلوم أن الحكم المعلّق على شرط ينتفي بانتفاء هذا الشرط فالأخوة في الدين لا تكون إلا باجتماع هذه الأمور الثلاثة، التوبة من الشرك وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وإذا لم يكن أو وإذا لم تتوافر هذه الثلاثة لم يكونوا إخوانا لنا في الدين ولا تنتفي الأخوّة في الدين إلا بالكفر، لا تنتفي الأخوة في الدين بالمعاصي وإن عظُمت ولهذا قال الله تعالى في ءاية القصاص فيمن قتل مؤمنا عمدا قال عز وجل { فمن عفي له من أخيه شيء فاتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان } فجعل الله سبحانه وتعالى القاتل أخا للمقتول مع أنه فعل كبيرة عظيمة من كبائر الذنوب وقال سبحانه وتعالى في الطائفتين المقتتلتين { وَإِن طائِفَتانِ مِنَ المُؤمِنينَ اقتَتَلوا فَأَصلِحوا بَينَهُما فَإِن بَغَت إِحداهُما عَلَى الأُخرى فَقاتِلُوا الَّتي تَبغي حَتّى تَفيءَ إِلى أَمرِ اللَّهِ فَإِن فاءَت فَأَصلِحوا بَينَهُما بِالعَدلِ وَأَقسِطوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ المُقسِطينَ * إِنَّمَا المُؤمِنونَ إِخوَةٌ فَأَصلِحوا بَينَ أَخَوَيكُم } وهذا يدل على أن الأخوّة في الدين لا تنتفي بالمعاصي وإنما تنتفي بالكفر وعليه فالذي لا يُقيم الصلاة ليس مسلما بل هو كافر لأن الله سبحانه وتعالى رتّب الأخوة في الدين على إقام الصلاة.
وأما من السنّة ففي صحيح مسلم عن جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة" وفي السنن من حديث بريدة بن الحصيب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر" .
وأما أقوال الصحابة فقد قال عبد الله بن شقيق " كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لا يرون شيئا من الأعمال تركه كفر إلا الصلاة " وهذا شبه إجماع من الصحابة رضي الله عنهم ولهذا حكى إجماعهم جماعة من أهل العلم ومنهم الإمام المشهور إسحاق بن راهويه والمعنى أيضا يؤيد هذا فإن رجلا لا يصلي مع أهمية الصلاة في دين الله وكونها عمود الإسلام وسهولة القيام بها دليل على أنه ليس في قلبه شيء من الإيمان إذ لو كان في قلبه شيء من الإيمان ما ترك هذه الصلاة العظيمة اليسيرة السهلة فيكون إذًا كفر تارك الصلاة ثابتا بالكتاب والسنّة وأقوال الصحابة والمعنى الصحيح ولم يأتي أحد ممن يرى أنه لا يكفر بترك الصلاة بدليل ينفي كفره وغاية ما في ذلك أن الأدلة التي ظاهرها عدم الكفر بترك الصلاة لا تخلو من إحدى حالات أربع فإما أن لا يكون فيها دلالة أصلا وإما أن تكون مقيّدة بوصف يمتنع معه ترك الصلاة وإما أن تكون واردة في حال يُعذر فيها من ترك الصلاة وإما أن تكون عامة تُخصّص بنصوص أو تخصّص بالنصوص الدالة على الكفر بترك الصلاة.
وبناء على ذلك فإن الزوج إذا ترك الصلاة انفسخ نكاحه ولا يجوز للزوجة أن تبقى معه حتى يعود إلى الإسلام ويصلي فإن أصر على ترك الصلاة وجب عليها الهرب منه ولها حضانة أولادها من ذكور وإناث دونه إذ ليس له حق في الحضانة مادام قد ارتد عن دين الإسلام لأن الله عز وجل لن يجعل للكافرين على المؤمنين سبيلا.
وبناء على هذا التقرير أو وبمعرفة هذا التقرير يتبيّن جواب هذه السائلة وأن الواجب عليها أن تهرب من زوجها بأي وسيلة كانت إلا أن يهديه الله ويعود إلى دينه بإقامة الصلاة.
السائل : بارك الله فيكم.