تم نسخ النصتم نسخ العنوان
امرأة متزوجة من ابن خالتها و هي معلمة لطالبا... - ابن عثيمينالسائل : هذه رسالة وصلت من المستمعة حنان أ أ من البحرين تذكر في رسالتها فضيلة الشيخ بأنها متزوجة من ابن خالتها وأيضا تقول بأنها معلمة للطالبات في الصف ا...
العالم
طريقة البحث
امرأة متزوجة من ابن خالتها و هي معلمة لطالبات في الصف الأول الابتدائي و هي محافظة على دينها و عقيدتها إلا أنها ابتليت بزوج لا يصلي و رزقت منه بطفل و لها معه ما يقارب ست سنوات لم يسجد لربه سجدة واحدة و قد نصحته و عزمت بأن تذهب إلى أهلها و لما علمت خالتها بأنها سوف تذهب إلى أهلها و تطلب الطلاق أقسمت أنها إذا لم ترجع إلى ولدها ( الزوج ) فإنها ستقاطع أمها ( أم الزوجة التي هي أختها ) و بناتها فهي حائرة فماذا تفعل ؟
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
السائل : هذه رسالة وصلت من المستمعة حنان أ أ من البحرين تذكر في رسالتها فضيلة الشيخ بأنها متزوجة من ابن خالتها وأيضا تقول بأنها معلمة للطالبات في الصف الأول الابتدائي وتذكر بأنها محافظة على دينها وعقيدتها وتحمد الله على ذلك إلا أنها ابتليت بزوج لا يصلي ورزقت منه بطفل ولها معه ما يقارب من ست سنوات لم يسجد لربه ركعة واحدة.

الشيخ : أعوذ بالله أعوذ بالله.

السائل : والعياذ بالله تقول من فضل الله علي أنني رزقت بالصبر والتحمّل عله أن يتوب إلى الله وذكّرته بالنار والعذاب تقول علمت خالتي بأنني سأذهب إلى أهلي وأطلب الطلاق وأصريت على ذلك فلما علمت خالتي بإصراري أقسمت إذا لم أرجع لولدها أن تُقاطع أمي وإخوتي فأنا حائرة يا فضيلة الشيخ وجهوني ماذا أعمل حنان من البحرين؟

الشيخ : هذا السؤال سؤال مهم عظيم والسامع قد سمعه كما استمعته أنا، هذا الرجل الذي لا يصلي حكمه على القول الراجح أنه كافر كفرا مخرجا عن الملة وذلك لدلالة الكتاب والسنّة وأقوال الصحابة على ذلك، أما الكتاب فقوله تبارك وتعالى في المشركين { فَإِن تابوا وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَءاتَوُا الزَّكاةَ فَإِخوانُكُم فِي الدّينِ } ومفهوم الأية الكريمة أنهم إذا لم يتوبوا من الشرك ولم يقيموا الصلاة ولم يؤتوا الزكاة فليسوا إخوانا لنا في الدين ولا تنتفي الأخوة في الدين بالمعاصي بل لا تنتفي إلا بالكفر فالعاصي وإن عصى أعظم معصية هو أخوك في الدين إذا لم تكن هذه المعصية كفرا والدليل على أن المعاصي لا تُخرج من الأخوة في الدين قوله تبارك وتعالى في ءاية القصاص { يا أَيُّهَا الَّذينَ ءامَنوا كُتِبَ عَلَيكُمُ القِصاصُ فِي القَتلَى الحُرُّ بِالحُرِّ وَالعَبدُ بِالعَبدِ وَالأُنثى بِالأُنثى فَمَن عُفِيَ لَهُ مِن أَخيهِ شَيءٌ فَاتِّباعٌ بِالمَعروفِ وَأَداءٌ إِلَيهِ بِإِحسانٍ } فجعل الله القاتل عمدا أخا للمقتول وقتل المؤمن عمدا من كبائر الذنوب العظيمة التي قال الله تعالى فيها { وَمَن يَقتُل مُؤمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ خالِدًا فيها وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذابًا عَظيمًا } .
ودليل ءاخر على أن المعاصي مهما عظمت لا تُخرج من أخوة الإيمان إذا لم تكن كفرا قوله تعالى { وَإِن طائِفَتانِ مِنَ المُؤمِنينَ اقتَتَلوا فَأَصلِحوا بَينَهُما فَإِن بَغَت إِحداهُما عَلَى الأُخرى فَقاتِلُوا الَّتي تَبغي حَتّى تَفيءَ إِلى أَمرِ اللَّهِ فَإِن فاءَت فَأَصلِحوا بَينَهُما بِالعَدلِ وَأَقسِطوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ المُقسِطينَ * إِنَّمَا المُؤمِنونَ إِخوَةٌ فَأَصلِحوا بَينَ أَخَوَيكُم } فجعل الله الطائفتين المقتتلتين إخوة للطائفة المصلحة مع أن قتال المسلم بل مع أن قتال المؤمن من كبائر الذنوب العظيمة حتى جعله النبي عليه الصلاة والسلام من الكفر فقال "سباب المسلم فسوق وقتاله كفر" ولكنه كفر لا يُخرج من الملة لقوله { إِنَّمَا المُؤمِنونَ إِخوَةٌ } .
فعُلِم بذلك أن من لم يُقم الصلاة ولم يؤتي الزكاة فإنه كافر لأن الله تعالى قال في ءاية براءة { فَإِن تابوا وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَءاتَوُا الزَّكاةَ فَإِخوانُكُم فِي الدّينِ } لكن بقي أن يقال وهل تُكفّرون مانع الزكاة كما تكفرون من لم يصل؟ قلنا لا، لا نُكفّر مانع الزكاة بدليل ما رواه مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وعلى ءاله وسلم قال "ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي منها حقها وحقها زكاتها إلا إذا كان يوم القيامة صفّحت له صفائح من نار وأحمي عليها في نار جهنم فيُكوى بها جنبه وجبينه وظهره كلما بردت أعيدت في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة حتى يُقضى بين العباد ثم يرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار" ومنطوق هذا الحديث مقدّم على مفهوم الأية الكريمة كما هو معروف عند الأصوليين أنه إذا تعارض منطوق ومفهوم فإنه يُقدم المنطوق وكون النبي صلى الله عليه وسلم يقول، نعم، وقول النبي صلى الله عليه وسلم "ثم يرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار" يدل على أنه ليس بكافر لأنه لو كان كافرا لم يكن له سبيل إلى الجنة.
هذا الدليل من القرءان على أن تارك الصلاة كافر كفرا مخرجا عن الملة وطريقه أي طريق الاستدلال بهذه الأية أن الله تعالى اشترط للأخوة في الدين ثلاثة شروط، التوبة من الشرك وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة.
أما من السنّة فقد ثبت في صحيح مسلم من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وعلى ءاله وسلم قال "بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة" فجعل النبي صلى الله عليه وسلم ترك الصلاة جعله حدا فاصلا بين الشرك والكفر والحد يخرج المحدود مما يُحادّه.
وقال النبي عليه الصلاة والسلام فيما رواه أهل السنن من حديث بريدة بن الحصين رضي الله عنه "العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر" فهذان دليلان من السنّة على كفر تارك الصلاة.
أما ما نقِل عن الصحابة رضي الله عنهم فإن عبد الله بن شقيق وهو من التابعين قال " كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وعلى ءاله وسلم لا يرون شيئا من الأعمال تركه كفر غير الصلاة " وهذا نقل إجماع أنهم لا يرون شيئا من الأعمال تركه كفر إلا الصلاة ولهذا نقل إجماعهم غير واحد من العلماء أي نقل إجماع الصحابة على كفر تارك الصلاة غير واحد من العلماء ومنهم أي ممن نقل إجماعهم إسحاق بن راهويه رحمه الله.
وأما المعنى والنظر فإنه يقال كيف يكون في قلب هذا الرجل إيمان وهو محافظ على ترك الصلاة مع سهولتها ويُسرها وعناية الله بها وإكرامه للمحافظين عليها فكيف يمكن أن يكون في قلبه إيمان وهو يُحافظ على ترك هذه الصلاة العظيمة إن محافظته على تركها وعدم صلاته يدل دلالة واضحة على أنه لا إيمان عنده وبهذا يكون الدليل على كفر تارك الصلاة من الكتاب والسنّة وأقوال الصحابة والنظر الصحيح وإذا تبيّن ذلك فإن زوج هذه المرأة السائلة الذي لا يصلي مع مداومتها لنصحها إياه كافر كفرا مخرجا عن الملة ولا تحل له ولا يحل لها لقوله تعالى { فَإِن عَلِمتُموهُنَّ مُؤمِناتٍ فَلا تَرجِعوهُنَّ إِلَى الكُفّارِ لا هُنَّ حِلٌّ لَهُم وَلا هُم يَحِلّونَ لَهُنَّ } .
والواجب على هذه السائلة أن تُفارق الرجل وألا تبقى عنده وألا تمكّنه من نفسها لأنها حرام عليه وهو حرام عليها حتى يهديه الله عز وجل ويرجع إلى دين الله الذي خلق له فإن الله لم يخلق العباد إلا ليعبدوه كما قال تعالى { وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون } ولتستعن الله عز وجل ولتصبر ولتحتسب ولتقوى على ذلك ربما يأتيها الشيطان ويقول لها أنت أم ولد كيف تفارقين الزوج وما مصير الولد حينئذ فنقول إن الإنسان إذا نظر إلى ما عند الله من الثواب وإلى ما يحصل له من العقاب إذا خالف أمر الله هان عليه هذا كله وولدها لن يضيع فإنه إذا ثبت عند القاضي أن هذا الرجل لا يصلي لن يجعل له ولاية على هذا الولد فيبقى الولد معها وإذا استعانت بالله عز وجل أعانها الله ويسر لها أمرها ولكني أوجّه قبل ختام جوابي أوجّه نصيحة إلى هذا الرجل إن كان يسمع ما أقول أن يتقي الله عز وجل في نفسه وأن يرجع إلى الله مادام في زمن الإمكان فإنه ربما يأتيه الموت بغتة فإذا مات على هذه الحال لم يُحشر في زمرة النبيين بل يُحشر مع فرعون وهامان وقارون وأبي بن خلف فليتق الله وليصلي وليجرب أيما أطيب حياة أن يصلي ويعبد الله ويرجع إلى ربه ويُنيب إليه أو أن يبقى على ما هو عليه من البعد عن الله عز وجل والفرار من دينه، إنني أضمن له إذا ءامن وعمل عملا صالحا أن يحييه الله حياة طيبة وأن يجزيه أجره بأحسن ما كان يعمل ولا ييأس من رحمة الله فإن الإنسان مهما بلغت ذنوبه إذا تاب إلى الله توبة نصوحا محا الله عنه هذه الذنوب كما قال الله تعالى { قُل يا عِبادِيَ الَّذينَ أَسرَفوا عَلى أَنفُسِهِم لا تَقنَطوا مِن رَحمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغفِرُ الذُّنوبَ جَميعًا إِنَّهُ هُوَ الغَفورُ الرَّحيمُ * وَأَنيبوا إِلى رَبِّكُم وَأَسلِموا لَهُ مِن قَبلِ أَن يَأتِيَكُمُ العَذابُ ثُمَّ لا تُنصَرونَ * وَاتَّبِعوا أَحسَنَ ما أُنزِلَ إِلَيكُم مِن رَبِّكُم مِن قَبلِ أَن يَأتِيَكُمُ العَذابُ بَغتَةً وَأَنتُم لا تَشعُرونَ } .
ثم إني أقول له إن التوبة يسيرة على من يسّرها الله عليه لا تحتاج إلا إلى عزم، عزم عازم وإذا تاب قبل أن يحضره الأجل فإن الله تعالى يقبل توبته قال الله تعالى { إِنَّمَا التَّوبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذينَ يَعمَلونَ السّوءَ بِجَهالَةٍ ثُمَّ يَتوبونَ مِن قَريبٍ فَأُولئِكَ يَتوبُ اللَّهُ عَلَيهِم وَكانَ اللَّهُ عَليمًا حَكيمًا * وَلَيسَتِ التَّوبَةُ لِلَّذينَ يَعمَلونَ السَّيِّئَاتِ حَتّى إِذا حَضَرَ أَحَدَهُمُ المَوتُ قالَ إِنّي تُبتُ الآنَ وَلَا الَّذينَ يَموتونَ وَهُم كُفّارٌ أُولئِكَ أَعتَدنا لَهُم عَذابًا أَليمًا } .
نسأل الله تعالى أن يمن على الجميع بالهداية.

السائل : اللهم ءامين.

الشيخ : والتوفيق.

السائل : اللهم ءامين.

الشيخ : والرجوع إليه والتوبة والإنابة.
وأما بالنسبة لخالتها مع أمها وأن خالتها قالت إن لم ترجع إلى بيت زوجها فإنني لن ءاتي إلى بيت أختي.

السائل : نعم.

الشيخ : فإن هذا لا يضر هذه المرأة يعني لو أن خالتها قاطعت أمها بسبب عدم رجوعها إلى بيت زوجها فإن ذلك ليس فيه إثم عليها أي على الزوجة السائلة بل الإثم على هذه الخالة وقد قال الله تعالى فيمن يقطع رحمه { فَهَل عَسَيتُم إِن تَوَلَّيتُم أَن تُفسِدوا فِي الأَرضِ وَتُقَطِّعوا أَرحامَكُم * أُولئِكَ الَّذينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُم وَأَعمى أَبصارَهُم * أَفَلا يَتَدَبَّرونَ القُرءانَ أَم عَلى قُلوبٍ أَقفالُها } .
وإني أحذّرها وغيرها ممن يسمع من قطيعة الرحم فإن النبي صلى الله عليه وعلى ءاله وسلم قال "لا يدخل الجنة قاطع" يعني قاطع رحم وإني أقول إن الله سبحانه وتعالى تكفّل للرحم أن يصل من وصلها وأن يقطع من قطعها.
فالزمي أيتها الأخت السائلة الزمي بيت أهلك والزوج مادام على ترك الصلاة ليس بزوج لك، أنت لا تحلين له وهو لا يحل لك ولا يضرك إذا غضبت خالتك ولم تأت إلى بيت أمك لا يضرك ذلك شيئا وإنما يضر خالتك.
ثم إني أقول لو أن خالتك هذه ألقت النصيحة إلى ولدها.

السائل : طيب يا شيخ.

الشيخ : وكرّرت عليه وصارت عونا لك عليه لعل الله سبحانه وتعالى أن يهديه ويشرح صدره للإسلام ويصلي ثم بعد ذلك ترجعين إليه بسلام. نعم.

السائل : بارك الله فيكم يا فضيلة الشيخ.

Webiste