تم نسخ النصتم نسخ العنوان
تتمة الجواب حول أكل الجبن التي وضع فيها منافح... - الالبانيالشيخ :  قلت إن الجبن الهولندية كما أخبرنا صاحبنا هذا ، أنه ليس فيها إلا المنفحة التي تُستخرج من حيوان قتيل غير ذبيح من البقر الهولندي المشهور بضخامته و...
العالم
طريقة البحث
تتمة الجواب حول أكل الجبن التي وضع فيها منافح العجول الغير المذبوحة (بيان مسألة هل ينجس الماء إذا وقعت فيه نجاسة)
الشيخ محمد ناصر الالباني
الشيخ : قلت إن الجبن الهولندية كما أخبرنا صاحبنا هذا ، أنه ليس فيها إلا المنفحة التي تُستخرج من حيوان قتيل غير ذبيح من البقر الهولندي المشهور بضخامته وبلحمه ، وأنا قلت له : إذا كانت الجبنة الهولندية ليس فيها إلا هذه المنفحة التي تُعتبر نجسة لأنها من ميتة وليست من ذبيحة ، مع ذلك يكون هذا الجبن أكله وبيعه وشراؤه حلال ، أعني : أن هذه المنفحة التي تلقى كمية قليلة جدًا منها في مئات الكليوات من الحليب حتى يتخثر ويتحول إلى جبنة ، هذه النجاسة شأنها شأن النجاسة القليلة التي تقع في الماء الكثير الطاهر المطهر ، فكما أنه وقوع هذه النجاسة في هذا الماء الطاهر المطهر لا يحوله نجسًا لا يجوز استعماله لا شربًا ولا تطهرًا ، كذلك هذه المنفحة التي تُلقى في الكمية الكبيرة جدًا من الحليب ليتخثر وليتجمد كما قلنا : لا يجعل هذه الجبنة محرمةً ، لأن هذه النجاسة القليلة اضمحلت في هذه الكثرة الكاثرة من السائل الذي هو الحليب .
فهذه المسألة الفقيهة التي يتبناها بعض المذاهب الإسلامية حول الماء تحل بها مشاكل كثيرة في العصر الحاضر منها : ما يتعلق بالجبنة الهولندية . مذهب الإمام مالك رحمه الله ، وأظنه مذهب الإمام أحمد أو رواية عنه : أن الماء الكثير كما قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح : الماء طهور لا ينجسه شيء جاء في رواية إسنادها ضعيف ومعناها صحيح ، متفق على صحة معناها ، وهي : ما لم يتغير طعمه أو لونه أو ريحه .
وهذا المعنى المجمع عليه يمكن أن يتنبه له بشيء من الدقة ، إلى صحته نظرًا في قوله عليه الصلاة والسلام : الماء طهور لا ينجسه شيء أي : ما بقي ماءً ، فإذا رأيت ماءً قد تغير لونه بسبب نجاسةً أنت لا تسميه ماء مطلقًا ، لا تقول هذا ماء ، هذا على الأقل تقول عنه : ماء آسن ماء متغير طعمه بنجاسة .. إلى آخره ، فما دام أن الماء لا يزال محافظًا على خصائصه الطبيعية كما لو كان أنزل من السماء آنفًا ، فهو الماء الطهور الذي امتن الله عزَّ وجلَّ به على عباده المؤمنين : ليطهركم به فلما جاءت هذه الزيادة بسند ضعيف ، وأجمع عليها علماء المسلمين ، صحّ يقينًا أن نفهم الحديث بهذا الشرح والبيان : الماء طهور لا ينجسه شيء بشرط ألا يتغير طعمه أو لونه أو ريحه ، ولكن هذا الشرط لا بد من تقييده ما لم يتغير طعمه أو لونه أو ريحه بنجاسة ، أما إذا كان هذا التغير في وصف من هذه الأوصاف الثلاثة بغير نجاسة ، فليس معنى ذلك : أن الماء تنجس ؟ كل ما يمكن أن يطرأ عليه من تحول أن يخرج من كونه مطهرًا ، فيبقى ماءً طاهراً ، أي : لا يمكن أن تتوضأ به لأنه ليس مطهرًا ، لكن يمكنك أن تغسل به ثيابك ، يمكنك أن تترطب به ، يمكنك إلى آخره لأنه طاهر ، ويمكن أن تشربه .
هذا السائل مثلاً ، هذا الشراب ، هذا ماء ، لكن طعمه متغير ، ولونه متغير ، فهل هو نجس ؟ الجواب : لا ؛ لأن هذا تغير ليس أثر نجاسة وإنما أثر طاهر ، فهو طاهر يجوز شربه ، لكن لا يجوز لك أن تتوضأ به لأنه ليس مطهرًا .فإذا عرفنا هذا الحكم الشرعي المتعلق بالماء ، الذي أنزله الله عزَّ وجلّ من السماء ، يمكن نقله إلى قضايا أخرى مثلاً الزيت والسمن إذا وقعت فيهما نجاسة وكان كل منهما سائلا ، فهل يتنجس ، خذ الميزان إذا تغيّر أحد أوصافه الثلاثة بهذه النجاسة التي وقعت في هذا الزيت السائل أو السمن السائل فلا يجوز بيعه ولا شراؤه ، وإنما يجب إراقته . أما إذا لم يتغيّر الزيت أو السمن بمغيرات من هذه الأوصاف الثلاثة ، فيظل طاهرًا جائزًا أكله وبيعه وشراؤه ، هذا إذا كان سائلاً ، أما إذا كان جامدًا فالأمر أسهل .

Webiste