ما حكم صلاة ركعتين بعد صلاة العصر ؟
الشيخ محمد ناصر الالباني
الشيخ : أما المسألة الأخرى فهي : هناك حديثان ؛ الحديث المشهور : لا صلاة بعد الفجر حتى تطلع الشمس ، ولا صلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس ، وكما نقول دائمًا وأبدًا أن النَّصَّ إذا جاء مطلقًا أو عامًّا فيجب إبقاؤه كذلك إلا إذا دخل عليه تخصيص أو تقييد ؛ فحينذاك يُعمل بالنَّصِّ العام أو بالنَّصِّ المطلق مع النَّصِّ المخصِّص أو المقيِّد ، وهكذا وقع في هذا الحديث تخصيصات كثيرة وكثيرة جدًّا أو تقييدات ، فقوله - صلى الله عليه وآله وسلم - في هذا الحديث الصحيح : ولا صلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس يشمل كلَّ الوقت الممتد من بعد صلاة العصر إلى غروب الشمس ، لكن هذا الوقت قد دخله قيد في الحديث الذي سمعتم السؤال عنه ؛ ألا وهو قوله - عليه السلام - : لا صلاة بعد العصر إلا أن تكون الشمس مرتفعة ، وفي بعض الروايات : نقية ؛ أي : بيضاء صافية ، فإذا ضممنا الحديث الثاني إلى الحديث الأول فَهمْنَا أن الإطلاق المذكور في الحديث الأول غير مراد بدليل الحديث الثاني ؛ إلا أن تكون الشمس مرتفعة نقيَّة ، فهكذا يجب العمل بالأحاديث كلها ، ولا يجوز ضرب بعضها ببعض ، والنتيجة الفقهية من هذه العملية أن المكروه من الصلاة بعد العصر ليس هو بعد العصر مباشرة إذا صُلِّيت صلاة العصر في وقتها ؛ أي : إذا صار ظلُّ الشيء مثليه فصلى فرض العصر ، الحديث الثاني يعني أن الصلاة بعد صلاة العصر هذه جائزة غير منهي عنها ؛ لأن الوقت لا يزال بياضًا ونقيًّا ، والشمس مرتفعة ، ويؤكد هذا ما جاء في " صحيح مسلم " : " أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - كان لا يكاد يصلي يومًا صلاة العصر ويدخل عند السيدة عائشة إلا وصلى ركعتين بعد صلاة العصر " ، وهذه سنة مجهولة عند أكثر الناس ، وبخاصة المذهبيِّين الذين لا يدرسون السنة ، فلا يعلمون مثل هذا الحديث ، وإن كان بعض من سلف قد تنبَّهوا لهذا الحديث ، ولكنَّهم جعلوه من خصوصيات النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ؛ لأنهم لم يعلموا النَّصَّ المقيِّد لقوله - عليه السلام - : لا صلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس ؛ فقالوا : إنَّ صلاة النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - لهاتَين الركعتين بعد العصر هذه من خصوصياته ، لكن الصحيح أن هذا مما سنَّه النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - لأمته ؛ لأنَّ الصلاة بعد العصر مباشرةً تجوز بدليل ذاك الحديث ، وهو مرويٌّ عن صحابيين اثنين ، فلا مجال للشك في صحته ، أحدهما علي بن أبي طالب ، والآخر أنس بن مالك ، كلاهما روى عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - : لا صلاة بعد العصر - وفي لفظ - : نهى عن الصلاة بعد العصر إلا أن تكون الشمس مرتفعة ، ولذلك قال الإمام أبو محمد بن حزم في حديث علي : " إسناده في غاية الصحة " ؛ فهذا الاستثناء الصحيح لهذا الحديث يفتح مجال اتباع النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - في الرَّكعتين اللَّتين كان يصليهما بعد العصر ، ويرفع دعوى أنَّهما من خصوصيَّاته - عليه الصلاة والسلام - ، فلذلك كان بعض السلف يصلي هاتين الركعتين وهو عبد الله بن الزبير ابن أخت عائشة أسماء بنت أبي بكر - رضي الله عنهما - ، فكان يصلِّي هاتين الركعتين بعد العصر ؛ مما يدلنا على أن السيدة عائشة - وهي خالة عبد الله بن الزبير - لقَّنت عبد الله بن الزبير هذه السنة على أنها سنة ليست من خصوصياته - عليه الصلاة السلام - ، وإنما هي مشروعة - أيضًا - لكل المصلين ، وعلى ذلك فلا وجه للقول بالخصوصية ؛ لأن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - صلَّاها ولم يدل على أنها تختصُّ به دون الناس أولًا ، ثم قد رفع الحظر عن الصلاة بعد العصر مباشرةً ، وسمح بالصلاة حتى تصير الشمس صفراء ؛ أي : قبل غروب الشمس بنحو نصف ساعة على الأكثر .
الفتاوى المشابهة
- صلاة العصر ثلاث ركعات - اللجنة الدائمة
- حكم الصلاة بعد العصر نافلة - ابن باز
- كيف يجمع بين أحاديث النهي عن الصلاة بعد العصر... - الالباني
- سؤال عن حكم الصلاة على القبر بعد العصر وحكم... - ابن عثيمين
- حكم الصلاة بعد العصر وقبل الغروب - ابن باز
- ما صحت حديث ( لا صلاة بعد العصر ) ؟ وما حكم ال... - الالباني
- كلام الشيخ عن الصلاة بعد العصر . - الالباني
- هل تستحب الركعتان بعد العصر .؟ - الالباني
- صلاة ركعتين بعد العصر - اللجنة الدائمة
- ما حكم صلاة ركعتين بعد العصر ؟ - الالباني
- ما حكم صلاة ركعتين بعد صلاة العصر ؟ - الالباني