مادة إضافية: شرح أبواب من كتاب كفارات الأيمان من صحيح البخاري .
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
الشيخ : كفارات الأيمان يعني ما نوعها ؟ هل هي على الترتيب أو على التخيير ؟
فنقرأ الآية، يقول الله عز وجل : فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم هذه واحدة، أو كسوتهم اثنين، أو تحرير رقبة ثلاثة، فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام إذن فقد جمعت تخييرا وترتيبا، تخييرا في الخصال الثلاث الأولى وهي إطعام، والثانية الكسوة، والثالثة تحرير رقبة.
والترتيب بين هذه الثلاثة وبين الصيام، فلا يجزئ الصيام مع القدرة على واحد من هذه الثلاثة، أما هذه الثلاثة فالإنسان مخير فيها. وبدأ الله تعالى بالإطعام لأنه أيسر ثم الكسوة ثم الرقبة.
ثم قال المؤلف : " وما أمر النبي صلى الله عليه وسلم حين نزلت ففدية من صيام أو صدقة أو نسك " يعني حيث خير النبي عليه الصلاة والسلام كعب بن عجرة بين هذه الثلاث.
" ويذكر عن ابن عباس وعطاء وعكرمة " يذكر قالها بصيغة التمريض لأن ليست على شرطه رحمه الله.
" ما كان في القرآن أو فصاحبه بالخيار " يعني إذا جاءت أو في القرآن فالإنسان مخير فيكون قوله : فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط من تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة تكون أنت مخير، وهذا التخيير ليس تخيير مصلحة، يعني ليس واجبا على الإنسان أن يتخير ما فيه المصلحة لغيره، ولكنه تخيير تشهي، يعني حسب ما يشتهي، تخيير اشتهاء، حسب ما تشتهي افعل. هذه كفارة الأيمان.
فدية الأذى قال الله تعالى : ففدية من صيام أو صدقة أو نسك بناء على القاعدة التي ذكرت عن ابن عباس نقول : الفدية على التخيير: صيام أو صدقة أو نسك، وهكذا كلما جاء أو مثل قوله أيضا : ومن قتله منكم متعمدا فجزاء مثل ما قتل من النعم يحكم به ذوا عدل منكم هديا بالغ الكعبة أو كفارة طعام مساكين أو عدل ذلك صياما يكون هذا أيضا على التخيير.
أما إطعام العشرة فقد قال الله سبحانه وتعالى : من أوسط ما تطعمون أهليكم أوسط يعني من الوسط، لا يلزمك الأعلى ولا يجوز منك الأدنى، بل الأوسط، ولم يقدر الله عز وجل هذا الإطعام، لم يقدره، فيكون راجعا إلى العرف، ما صار إطعاما فهو الإطعام، وبناء على هذا القول نقول إن الإنسان لو جمع عشرة مساكين وغداهم أو عشاهم فقد أجزأ ذلك عنه، لأنه يصدق عليه أنه أطعم عشرة مساكين، فإن لم يفعل فقال بعض العلماء : " عليه لكل واحد نصف صاع من غير البر " وربع صاع من البر، ولو قال قائل : إن عليه ما يكفي لإطعام العشرة بدون تقدير، لأن المد مثلا من البر قد يطعم رجلين أو ثلاثة، فعليه ما يطعم هؤلاء العشرة في بيوتهم.
أما الكسوة فإن الواجب ما يسمى كسوة، وهذا يختلف باختلاف أعراف الناس وأماكنهم فمثلا عندنا لا يكون كسوة إلا بالقميص والشماغ أو الغترة، وهذا أدنى شيء أن يعطيه قميصا وغترة أو شماغ، ولا شك أن كمالها أن يعطيه مع القميص سراويل أو إزارا وفنيلة أيضا، لكن نحن نتكلم عن أدنى مجزئ.
أما عتق الرقبة فمعناه تحرير الرقبة من الرق، ولم يذكر الله عز وجل أنه لا بد أن تكون مؤمنة، قال : إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة يعني تخليصها من الرق ولكن العلماء اشترطوا أن تكون مؤمنة قياسا على كفارة القتل، حيث قال الله عز وجل : ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله ولأن النبي صلى الله عليه وسلم اختبر أمة معاوية بن الحكم حين أراد أن يعتقها فسألها : أين الله ؟، قالت : في السماء، قال : من أنا ؟ قالت : أنت رسول الله، قال :أعتقها فإنها مؤمنة .
فإن قوله : فإنها مؤمنة فيه إشارة إلى أن عتق غير المؤمن ليس بمشروع، ولأن غير المؤمن ربما يذهب إلى الكفار، لأنه كافر فيكون عونا لهم على المسلمين. المهم أن أكثر أهل العلم يرون أنه لا بد أن تكون الرقبة مؤمنة فإن لم يجد فعليه أن يصوم ثلاثة أيام، وهل يشترط التتابع ؟ الصحيح أنه يشترط، فلا يجوز الإفطار بين الثلاثة إلا من عذر، لأن ابن مسعود رضي الله عنه كان يقرأ قوله تعالى : فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام متتابعة ، وابن مسعود كما نعلم من القراء الذين أوصى النبي صلى الله عليه وسلم باتباع قراءتهم، قال : من أحب أن يقرأ القرآن غضا طريا كما أنزل فليقرأ بقراءة ابن أم عبد يعني به عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، وأحيانا يطلب منه الرسول عليه الصلاة والسلام أن يسمعه القراءة، كما قال له ذات يوم : اقرأ، فقال : يا رسول الله أقرأ وعليك أنزل ؟! قال : نعم، فإني أحب أن أسمعه من غيري فقرأ سورة النساء حتى بلغ قوله تعالى : فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا قال : حسبك قال: فنظرت فإذا عيناه تذرفان عليه الصلاة والسلام . نعم
المهم أنه لا بد من التتابع في صيام الأيام الثلاثة.
القارئ : باب : متى تجب الكفارة على الغني والفقير .
وقول الله تعالى : قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم والله مولاكم وهو العليم الحكيم .
حدثنا علي بن عبد الله، حدثنا سفيان، عن الزهري، قال: سمعته من فيه، عن حميد بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة، قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: هلكت. قال: ما شأنك؟ قال: وقعت على امرأتي في رمضان، قال: تستطيع تعتق رقبة ؟ قال: لا. قال: فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين ؟ قال: لا. قال: فهل تستطيع أن تطعم ستين مسكينا ؟ قال: لا. قال: اجلس ..
الشيخ : قال اجلس
القارئ : قال: اجلس فجلس، فأتي النبي صلى الله عليه وسلم بعرق فيه تمر - والعرق المكتل الضخم - قال: خذ هذا فتصدق به قال: أعلى أفقر منا ؟ فضحك النبي صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه، قال : أطعمه عيالك .
باب من أعان المعسر في الكفارة ..
الشيخ : هنا نقول في هذا الحديث إشارة إلى أن الإنسان إذا كان لا يستطيع خصال الكفارة فإنه ينتقل من الأعلى إلى الأدنى.
وفيه أيضا قبول قول الإنسان فيما يتعلق بالعبادات، فهنا قال الرجل لا أستطيع، ولم يقل النبي عليه الصلاة والسلام هات بينة على أنك لا تجد ما تعتق به الرقبة أو على أنك لا تستطيع أن تصوم، والإنسان مؤتمن على عبادته فيما بينه وبين ربه، ولهذا قال العلماء : " لو أمسك إنسانا وقال له: صل فقال قد صليت، فإنه لا يتعرض له، ولو أمسك شخصا وقال له : أد زكاة مالك، قال : قد أديت زكاة مالي، فإنه لا يتعرض له "، اللهم إلا إذا كان غنيا كبيرا بحيث لو كان قد أخرج زكاته لتبين ذلك للناس فهنا قد لا نصدقه، لأن العرف يكذبه، أما إذا كان من عامة الناس فإننا نصدقه ولا نلزمه، ولهذا يقولون الإنسان مؤتمن في عبادته بينه وبين ربه.
وفي هذا حسن خلق النبي عليه الصلاة والسلام فإنه لم يوبخ هذا الرجل، مع أنه فعل فعلا عظيما، لأن الرجل يقول : هلكت، ولكن لحسن خلق النبي عليه الصلاة والسلام لم يوبخه، وذلك لأن الرجل قد جاء تائبا يريد المخلصة مما وقع فيه والمخرج، بخلاف الإنسان المعاند، فلكل مقام مقال، وكل إنسان يعامل بحسب حاله.
وفيه دليل على أن الكفارة تسقط عن العاجز عنها، وهذا هو الصحيح، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يذكر لهذا الرجل أن الكفارة بقيت في ذمته.
قال بعض العلماء : " بل في هذا الحديث دليل على أن الكفارة لا تسقط عن العاجز " وذلك لأن الرجل قال : لا أستطيع أن أطعم ستين مسكينا، فلما جيء بالتمر قال : خذه فتصدق به ، ولكن في هذا نظر، وذلك لأن هذا التمر جاء في نفس الحال يعني في نفس القضية، فلو أن إنسانا مثلا حينما فعل شيئا يوجب المال لم يكن عنده مال حين فعله لكنه في نفس الوقت جاءه المال فهنا نقول : يجب عليك أن تتصدق بما يلزمك.
فإذا قال قائل : هل تحددون هذا بيوم أو يومين أو ثلاثة أو شهر أو شهرين ؟
فالجواب على ذلك : لا نحدده لأن التحديد يحتاج إلى إيش ؟ إلى دليل، ولكن نقول ما جرى به العرف، يعني إذا كان في نفس المكان فهذا يلزمه.
طيب فإذن فالصحيح أن هذا الحديث يدل على أن العاجز عن الكفارة حين وجوبها تسقط عنه ولا تبقى في ذمته، وهذا الذي قلناه لا شك أنه هو ظاهر الحديث ويؤيده العمومات الدالة على أنه لا واجب مع العجز.
وفي هذا دليل على جواز الضحك من ذوي الهيئات والشرف والسيادة وأن الضحك لا يعد مخالفا للمروءة ولكن يجب أن نعلم أن أكثر ضحك الرسول عليه الصلاة والسلام التبسم ولم يحفظ عنه أنه قهقه، وأما ما يفعله بعض الناس إذا ضحك قهقه حتى تكاد السقوف التي فوقه تسقط منه فهذا لا شك أنه خلاف المروءة لكن الضحك المعتاد الذي يدل على انبساط الإنسان وانشراح صدره هذا أمر محمود يحمد عليه الإنسان، ولهذا لما أخبر النبي عليه الصلاة والسلام أن الله تعالى يضحك في حديث أبي رزين العقيلي قال : يا رسول الله، أو يضحك ربنا ؟ قال : نعم، قال : لن نعدم من رب يضحك خيرا ، يعني أن الذي يضحك هو الذي يؤمل فيه ويرجى فيه الخير.
نعم، شف الشاهد من الحديث، وجه إدخال المؤلف هذا الحديث في الباب ؟.
القارئ : ذكر فيه حديث .. " قوله باب من اعان المعسر في الكفارة "
الشيخ : لا قبله قبله الباب الذي قبله
القارئ : " باب متى تجب الكفارة على الغني والفقير، وقول الله تعالى: قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم إلى قوله العليم الحكيم .
كذا لأبي ذر، ولغيره: باب قول الله تعالى : قد فرض الله لكم وساقوا الآية، وبعدها. قال ابن المنير: "
الشيخ : ابن المنيَّر
القارئ : " قال ابن المنير: مقصوده أن ينبه على أن الكفارة إنما تجب بالحنث كما أن كفارة المواقع إنما تجب باقتحام الذنب، وأشار إلى أن الفقير لا يسقط عنه إيجاب الكفارة لأن النبي صلى الله عليه وسلم علم فقره وأعطاه مع ذلك ما يكفر به كما لو أعطى الفقير ما يقضي به دينه.
قال : ولعله كما نبه على احتجاج الكوفيين بالفدية نبه هنا على ما احتج به من خالفهم من إلحاقها بكفارة المواقع، وأنه مد لكل مسكين ".
الشيخ : نعم
القارئ : انتهى
الشيخ : خلاص طيب نعم.
فنقرأ الآية، يقول الله عز وجل : فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم هذه واحدة، أو كسوتهم اثنين، أو تحرير رقبة ثلاثة، فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام إذن فقد جمعت تخييرا وترتيبا، تخييرا في الخصال الثلاث الأولى وهي إطعام، والثانية الكسوة، والثالثة تحرير رقبة.
والترتيب بين هذه الثلاثة وبين الصيام، فلا يجزئ الصيام مع القدرة على واحد من هذه الثلاثة، أما هذه الثلاثة فالإنسان مخير فيها. وبدأ الله تعالى بالإطعام لأنه أيسر ثم الكسوة ثم الرقبة.
ثم قال المؤلف : " وما أمر النبي صلى الله عليه وسلم حين نزلت ففدية من صيام أو صدقة أو نسك " يعني حيث خير النبي عليه الصلاة والسلام كعب بن عجرة بين هذه الثلاث.
" ويذكر عن ابن عباس وعطاء وعكرمة " يذكر قالها بصيغة التمريض لأن ليست على شرطه رحمه الله.
" ما كان في القرآن أو فصاحبه بالخيار " يعني إذا جاءت أو في القرآن فالإنسان مخير فيكون قوله : فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط من تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة تكون أنت مخير، وهذا التخيير ليس تخيير مصلحة، يعني ليس واجبا على الإنسان أن يتخير ما فيه المصلحة لغيره، ولكنه تخيير تشهي، يعني حسب ما يشتهي، تخيير اشتهاء، حسب ما تشتهي افعل. هذه كفارة الأيمان.
فدية الأذى قال الله تعالى : ففدية من صيام أو صدقة أو نسك بناء على القاعدة التي ذكرت عن ابن عباس نقول : الفدية على التخيير: صيام أو صدقة أو نسك، وهكذا كلما جاء أو مثل قوله أيضا : ومن قتله منكم متعمدا فجزاء مثل ما قتل من النعم يحكم به ذوا عدل منكم هديا بالغ الكعبة أو كفارة طعام مساكين أو عدل ذلك صياما يكون هذا أيضا على التخيير.
أما إطعام العشرة فقد قال الله سبحانه وتعالى : من أوسط ما تطعمون أهليكم أوسط يعني من الوسط، لا يلزمك الأعلى ولا يجوز منك الأدنى، بل الأوسط، ولم يقدر الله عز وجل هذا الإطعام، لم يقدره، فيكون راجعا إلى العرف، ما صار إطعاما فهو الإطعام، وبناء على هذا القول نقول إن الإنسان لو جمع عشرة مساكين وغداهم أو عشاهم فقد أجزأ ذلك عنه، لأنه يصدق عليه أنه أطعم عشرة مساكين، فإن لم يفعل فقال بعض العلماء : " عليه لكل واحد نصف صاع من غير البر " وربع صاع من البر، ولو قال قائل : إن عليه ما يكفي لإطعام العشرة بدون تقدير، لأن المد مثلا من البر قد يطعم رجلين أو ثلاثة، فعليه ما يطعم هؤلاء العشرة في بيوتهم.
أما الكسوة فإن الواجب ما يسمى كسوة، وهذا يختلف باختلاف أعراف الناس وأماكنهم فمثلا عندنا لا يكون كسوة إلا بالقميص والشماغ أو الغترة، وهذا أدنى شيء أن يعطيه قميصا وغترة أو شماغ، ولا شك أن كمالها أن يعطيه مع القميص سراويل أو إزارا وفنيلة أيضا، لكن نحن نتكلم عن أدنى مجزئ.
أما عتق الرقبة فمعناه تحرير الرقبة من الرق، ولم يذكر الله عز وجل أنه لا بد أن تكون مؤمنة، قال : إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة يعني تخليصها من الرق ولكن العلماء اشترطوا أن تكون مؤمنة قياسا على كفارة القتل، حيث قال الله عز وجل : ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله ولأن النبي صلى الله عليه وسلم اختبر أمة معاوية بن الحكم حين أراد أن يعتقها فسألها : أين الله ؟، قالت : في السماء، قال : من أنا ؟ قالت : أنت رسول الله، قال :أعتقها فإنها مؤمنة .
فإن قوله : فإنها مؤمنة فيه إشارة إلى أن عتق غير المؤمن ليس بمشروع، ولأن غير المؤمن ربما يذهب إلى الكفار، لأنه كافر فيكون عونا لهم على المسلمين. المهم أن أكثر أهل العلم يرون أنه لا بد أن تكون الرقبة مؤمنة فإن لم يجد فعليه أن يصوم ثلاثة أيام، وهل يشترط التتابع ؟ الصحيح أنه يشترط، فلا يجوز الإفطار بين الثلاثة إلا من عذر، لأن ابن مسعود رضي الله عنه كان يقرأ قوله تعالى : فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام متتابعة ، وابن مسعود كما نعلم من القراء الذين أوصى النبي صلى الله عليه وسلم باتباع قراءتهم، قال : من أحب أن يقرأ القرآن غضا طريا كما أنزل فليقرأ بقراءة ابن أم عبد يعني به عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، وأحيانا يطلب منه الرسول عليه الصلاة والسلام أن يسمعه القراءة، كما قال له ذات يوم : اقرأ، فقال : يا رسول الله أقرأ وعليك أنزل ؟! قال : نعم، فإني أحب أن أسمعه من غيري فقرأ سورة النساء حتى بلغ قوله تعالى : فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا قال : حسبك قال: فنظرت فإذا عيناه تذرفان عليه الصلاة والسلام . نعم
المهم أنه لا بد من التتابع في صيام الأيام الثلاثة.
القارئ : باب : متى تجب الكفارة على الغني والفقير .
وقول الله تعالى : قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم والله مولاكم وهو العليم الحكيم .
حدثنا علي بن عبد الله، حدثنا سفيان، عن الزهري، قال: سمعته من فيه، عن حميد بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة، قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: هلكت. قال: ما شأنك؟ قال: وقعت على امرأتي في رمضان، قال: تستطيع تعتق رقبة ؟ قال: لا. قال: فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين ؟ قال: لا. قال: فهل تستطيع أن تطعم ستين مسكينا ؟ قال: لا. قال: اجلس ..
الشيخ : قال اجلس
القارئ : قال: اجلس فجلس، فأتي النبي صلى الله عليه وسلم بعرق فيه تمر - والعرق المكتل الضخم - قال: خذ هذا فتصدق به قال: أعلى أفقر منا ؟ فضحك النبي صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه، قال : أطعمه عيالك .
باب من أعان المعسر في الكفارة ..
الشيخ : هنا نقول في هذا الحديث إشارة إلى أن الإنسان إذا كان لا يستطيع خصال الكفارة فإنه ينتقل من الأعلى إلى الأدنى.
وفيه أيضا قبول قول الإنسان فيما يتعلق بالعبادات، فهنا قال الرجل لا أستطيع، ولم يقل النبي عليه الصلاة والسلام هات بينة على أنك لا تجد ما تعتق به الرقبة أو على أنك لا تستطيع أن تصوم، والإنسان مؤتمن على عبادته فيما بينه وبين ربه، ولهذا قال العلماء : " لو أمسك إنسانا وقال له: صل فقال قد صليت، فإنه لا يتعرض له، ولو أمسك شخصا وقال له : أد زكاة مالك، قال : قد أديت زكاة مالي، فإنه لا يتعرض له "، اللهم إلا إذا كان غنيا كبيرا بحيث لو كان قد أخرج زكاته لتبين ذلك للناس فهنا قد لا نصدقه، لأن العرف يكذبه، أما إذا كان من عامة الناس فإننا نصدقه ولا نلزمه، ولهذا يقولون الإنسان مؤتمن في عبادته بينه وبين ربه.
وفي هذا حسن خلق النبي عليه الصلاة والسلام فإنه لم يوبخ هذا الرجل، مع أنه فعل فعلا عظيما، لأن الرجل يقول : هلكت، ولكن لحسن خلق النبي عليه الصلاة والسلام لم يوبخه، وذلك لأن الرجل قد جاء تائبا يريد المخلصة مما وقع فيه والمخرج، بخلاف الإنسان المعاند، فلكل مقام مقال، وكل إنسان يعامل بحسب حاله.
وفيه دليل على أن الكفارة تسقط عن العاجز عنها، وهذا هو الصحيح، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يذكر لهذا الرجل أن الكفارة بقيت في ذمته.
قال بعض العلماء : " بل في هذا الحديث دليل على أن الكفارة لا تسقط عن العاجز " وذلك لأن الرجل قال : لا أستطيع أن أطعم ستين مسكينا، فلما جيء بالتمر قال : خذه فتصدق به ، ولكن في هذا نظر، وذلك لأن هذا التمر جاء في نفس الحال يعني في نفس القضية، فلو أن إنسانا مثلا حينما فعل شيئا يوجب المال لم يكن عنده مال حين فعله لكنه في نفس الوقت جاءه المال فهنا نقول : يجب عليك أن تتصدق بما يلزمك.
فإذا قال قائل : هل تحددون هذا بيوم أو يومين أو ثلاثة أو شهر أو شهرين ؟
فالجواب على ذلك : لا نحدده لأن التحديد يحتاج إلى إيش ؟ إلى دليل، ولكن نقول ما جرى به العرف، يعني إذا كان في نفس المكان فهذا يلزمه.
طيب فإذن فالصحيح أن هذا الحديث يدل على أن العاجز عن الكفارة حين وجوبها تسقط عنه ولا تبقى في ذمته، وهذا الذي قلناه لا شك أنه هو ظاهر الحديث ويؤيده العمومات الدالة على أنه لا واجب مع العجز.
وفي هذا دليل على جواز الضحك من ذوي الهيئات والشرف والسيادة وأن الضحك لا يعد مخالفا للمروءة ولكن يجب أن نعلم أن أكثر ضحك الرسول عليه الصلاة والسلام التبسم ولم يحفظ عنه أنه قهقه، وأما ما يفعله بعض الناس إذا ضحك قهقه حتى تكاد السقوف التي فوقه تسقط منه فهذا لا شك أنه خلاف المروءة لكن الضحك المعتاد الذي يدل على انبساط الإنسان وانشراح صدره هذا أمر محمود يحمد عليه الإنسان، ولهذا لما أخبر النبي عليه الصلاة والسلام أن الله تعالى يضحك في حديث أبي رزين العقيلي قال : يا رسول الله، أو يضحك ربنا ؟ قال : نعم، قال : لن نعدم من رب يضحك خيرا ، يعني أن الذي يضحك هو الذي يؤمل فيه ويرجى فيه الخير.
نعم، شف الشاهد من الحديث، وجه إدخال المؤلف هذا الحديث في الباب ؟.
القارئ : ذكر فيه حديث .. " قوله باب من اعان المعسر في الكفارة "
الشيخ : لا قبله قبله الباب الذي قبله
القارئ : " باب متى تجب الكفارة على الغني والفقير، وقول الله تعالى: قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم إلى قوله العليم الحكيم .
كذا لأبي ذر، ولغيره: باب قول الله تعالى : قد فرض الله لكم وساقوا الآية، وبعدها. قال ابن المنير: "
الشيخ : ابن المنيَّر
القارئ : " قال ابن المنير: مقصوده أن ينبه على أن الكفارة إنما تجب بالحنث كما أن كفارة المواقع إنما تجب باقتحام الذنب، وأشار إلى أن الفقير لا يسقط عنه إيجاب الكفارة لأن النبي صلى الله عليه وسلم علم فقره وأعطاه مع ذلك ما يكفر به كما لو أعطى الفقير ما يقضي به دينه.
قال : ولعله كما نبه على احتجاج الكوفيين بالفدية نبه هنا على ما احتج به من خالفهم من إلحاقها بكفارة المواقع، وأنه مد لكل مسكين ".
الشيخ : نعم
القارئ : انتهى
الشيخ : خلاص طيب نعم.
الفتاوى المشابهة
- إذا حلف الإنسان عدة أيمان لا يعلم عددها فهل... - ابن عثيمين
- ما حكم الأيمان المتكررة على فعل شيء واحد - ابن باز
- بيان كفارة اليمين وتفسير قوله تعالى:" فكفارت... - ابن عثيمين
- التحذير من كثرة الأيمان وبيان كفارة الحنث في ال... - ابن باز
- مادة إضافية : شرح كتاب التوحيد . - ابن عثيمين
- التحذير من الأيمان وبيان كفارتها - ابن عثيمين
- الرجل الذي حلف أيماناً كثيرة ولم يكفر ثم تاب م... - الالباني
- باب العفو عن لغو اليمين : قال الله تعالى: ((... - ابن عثيمين
- ماذا يفعل من لديه كفارات؟ - ابن باز
- شرح كتاب السلام من صحيح البخاري. - ابن عثيمين
- مادة إضافية: شرح أبواب من كتاب كفارات الأيما... - ابن عثيمين