تم نسخ النصتم نسخ العنوان
تفسير قوله تعالى (......وجوه يومئذ ناضرة ، إ... - ابن عثيمينالشيخ : { وجوه يومئذ ناضرة * إلى ربها ناظرة } أي تنظر تنظر الله عز وجل بالعين رؤية حقيقة كما بينها النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم. واستمع إلى بيان ال...
العالم
طريقة البحث
تفسير قوله تعالى (......وجوه يومئذ ناضرة ، إلى ربها ناظرة ) .
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
الشيخ : { وجوه يومئذ ناضرة * إلى ربها ناظرة } أي تنظر تنظر الله عز وجل بالعين رؤية حقيقة كما بينها النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم. واستمع إلى بيان النبي صلى الله عليه وسلم الذي قال الله عنه : { لتبين للناس ما نزل إليهم } حيث قال صلى الله عليه وعلى آله وسلم : "إنكم سترون ربكم". الجملة هنا مؤكدة بإنّ وبالسين الدالة على التحقيق "سترون ربكم كما ترون القمر ليلة البدر". وهذا نص صريح على أن رؤية الله عز وجل بالعين حقيقة لأنه شبهه بأمر معلوم لكل أحد وهو رؤية القمر. رؤية القمر ليلة البدر معلومة لكل أحد. ولا تخفى على أحد. "كما ترون القمر ليلة البدر". وبالله عليكم أيها المسلمون هل ترون بيانا أعظم من هذا البيان ؟ أجيبوا يا جماعة. لا. ترون ربكم لو اقتصر على هذه الجملة لكان المعنى مفهوما لأن رأى إذا تعدت إلى مفعول واحد فهي رؤية بصرية وإن تعدت إلى مفعولين فهي رؤية قلبية فقول الشاعر :
" رأيت الله أكبر كل شيء *** محاولة وأكثرهم جنودا "
الرؤيا هنا رؤيا علمية قلبية. وإذا قلت رأيت نورا رأيت زيدا رأيت كذا فهي رؤية بصرية. وخذ هذه القاعدة : " إذا تعدت رأى إلى مفعول واحد فهي رؤية بصرية وإلى مفعولين فهي رؤية علمية قلبية ". وإذا قلت رأيت زيدا فسقط فسقط ميتا. رأيت زيدا فسقط ميتا. ايش الرؤية هذه ؟ والله مشكل كان عينك كلما رأت واحد سقط ميتا فنقول أعماك الله. الرؤية هنا بمعنى ضربت رئته. استمع يا أخي اللغة العربية واسعة رأيت زيدا أي ضربت رئته. أفهمت الآن؟ طيب يقول عز وجل يقول صلى الله عليه وسلم : "إنكم سترون ربكم" وأكد هذه الرؤيا بتأكيد بالغ "كما ترون القمر ليلة البدر" يعني ليلة أربعة عشر أو خمسة عشر "لا تُضَامون" ، وفي رواية : "لا تَضَامّون" ، وفي ثالثة : "لا تَضَارُّون" - بالراء -. والمعنى أنه لا يلحقكم ضيم ولا ينضم بعضكم إلى بعض ليراه لأنه واضح ولا ضرر عليكم في رؤيته. وفي رواية : "كما ترون الشمس صحوا ليس دونها سحاب". وهذه أيضا رؤيا مؤكدة بنفي ما يضادها وهو قوله "ليس دونها سحاب". أفبعد هذا البيان بيان يا أيها المسلمون ؟
الجواب : لا. وقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في قوله تعالى : { للذين أحسنوا الحسنى وزيادة } قال : "الحسنى الجنة والزيادة النظر إلى وجه الله". فبين النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم هذا المعنى الذي يخفى وهو؟ الزيادة بينها بأنها النظر إلى وجه الله. ونحن نؤمن إيمانا جازما لا شك عندنا فيه أننا نرى الله عز وجل يوم القيامة ، أي أن المؤمنين يرون ربهم بوم القيامة. وأسأل الله عز وجل أن يجعلني وإياكم منهم. نؤمن بذلك كما نؤمن بالشمس كما نؤمن بالقمر ليلة البدر. لأن هذا جاء في القرآن الكريم في عدة مواضع نبينها إن شاء الله وجاء في السنة المطهرة متواترا عن النبي صلى الله عليه وعلى آله سلم. والمتواتر يفيد العلم اليقيني على المشهور عند أهل العلم. واستمع إلى قول الناظم :
" مما تواتر حديث من كذب ". أسألك إن شاء الله عنه الآن انتبه
" مما تواتر حديث من كذب *** ومن بنى لله بيتا واحتسب
ورؤية شفاعة والحوض *** ومسح خفين وهذه بعض "
.
يعني هذه بعض المتواتر. ليست كل متواتر أعيدها مرة ثانية أو يكفي مرة. ثانية :
" مما تواتر حديث من كذب *** ومن بنى لله بيتا واحتسب
ورؤية شفاعة والحوض *** ومسح خفين وهذه بعض "
.
الثالثة :
" مما تواتر حديث من كذب *** ومن بنى لله بيتا واحتسب
ورؤية شفاعة والحوض *** ومسح خفين وهذه بعض "
.
من حفظ ؟ يلا يا أمين.
الطالب : ... .

الشيخ : غلط.
الطالب : " مما تواتر حديث من كذب *** ومن بنى لله بيتا واحتسب
ورؤية شفاعة والحوض *** ومسح خفين وهذه بعض "
.

الشيخ : أحسنت بارك الله فيك. هو قال بالأول ممن تواتر وهذا لا يستقيم لأن من للعاقل طيب. إذا أحاديث الرؤية أي رؤية المؤمنين ربهم متواترة لا يمكن إنكارها. ولكن من العجب العجاب أن بعض الناس أنكر رؤية الله. أسأل الله أن يهديه. ولا أستطيع أن أقول الله يحرمه إياها. لا أقول والله ذلك. لأن الدعوى عليه بهذا بأن يحرمه الله رؤيته صعبة جدا. لكني أقول أسأل الله أن يهديه حتى يؤمن بما دل عليه ... وحرف جميع النصوص الواردة في ذلك مع أنها لا تقبل التحريف. لكن من لم يجعل الله له نورا فما له من نور. مهما حاولت أن تقنع من لم يقذف الله نورا في قلبه لا تستطيع أن تقذف النور في قلبه. { من لم يجعل الله له نورا فما له من نور }. فرؤية الله حق. نذكر الآن ما نستحضره من أدلة الكتاب العزيز من ذلك :
قول موسى عليه الصلاة والسلام : { رب أرني أنظر إليك قال لن تراني } - انتبه يا رجل يا لبيب انتبه -. قال موسى عليه الصلاة والسلام لربه تبارك وتعالى : { رب أرني أنظر إليك } حينما كلمه الله عز وجل اشتاق إلى رؤيته { قال رب أرني أنظر إليك قال لن تراني }.
وجه الدلالة : أنه لو كان رؤية الله سبحانه وتعالى مستحيلة غير لائقة به ما سألها موسى عليه الصلاة والسلام الذي هو من أولي العزم من الرسل من الخمسة الكبار من الرسل. وهم : محمد ، إبراهيم ، موسى ، عيسى ، نوح لأن الذين يقولون إن الله لا يرى يقول هذا غير لائق بالله أن يرى. ولو أثبتنا رؤيته لأثبتنا عيب والنقص في حقه. أفيمكن أن يكون نبي من أولي العزم يسأل الله ما لا يليق به؟ أبدا لا يمكن. إذن هذه الآية تدل على جواز رؤية الله عز وجل. وأنه يمكن أن يرى لكن الله قال له لن تراني لأن الإنسان في الدنيا لا يتحمل أن يرى الله عز وجل أبدا. وضرب الله له مثلا وقال انظر إلى الجبل. الجبل تعرفه يا أخي؟ مكان مرتفع؟ ما هو صحيح. لو كان كذلك لكنا الآن على الجبال. أتعرف النوم ؟ ايش؟ فترة طبيعية ايش ؟ تحجز الإنسان. لو كان هذا نوم ما عرفه أحد أبدا. - اجلس بارك الله فيك اطرد النوم عنك -. الجبل معروف. والمعروف يقولون إنه لا يُعرَّف . إنما يعرف المجهول النكرة. أما المعروف فتعريفه تحصيل حاصل. { قال انظر إلى الجبل فإن استقر مكانه فسوف تراني }. تجلى الرب عز وجل للجبل ماذا حدث للجبل ؟ جعله دكا ، اندك الجبل زال. فلما رأى موسى هذا المشهد العظيم صعق { خر موسى صعقا }. العجب أن أولئك القوم الذين ينكرون الرؤية يستدلون بهذه الآية على نفي الرؤية. قالوا : إن الله قال : { لن تراني } ولن هذه نفي للتأبيد { لن تراني }. فلن للتأبيد. لكنهم كذبوا على اللغة. والقرآن يكذب هذا الزعم أن تكون لن للتأبيد. قال ابن مالك رحمه الله في * الكافية * :
" ومن رأى النفي بلن مؤبدا *** فقوله اردد وسواه فاعضدا ".
في القرآن الكريم قال الله تبارك وتعالى : { قُلْ إِنْ كَانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الْآخِرَةُ عِنْدَ اللَّهِ خَالِصَةً مِنْ دُونِ النَّاسِ } -كمل لا مو أنت نلقي الأسئلة هذه النقرة إذا رأينا أحدا يحتاج إلى تنبيه - { قل إن كانت } أخطأت { قُلْ إِنْ كَانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الْآخِرَةُ } ؟ { عِنْدَ اللَّهِ خَالِصَةً مِنْ دُونِ النَّاسِ } نعم تمام بارك الله فيك. قال : { وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ }. لن وسيأتي يوم يتمنى أهل النار أن يموتوا. وذلك في قوله تعالى : { ونادوا يا ملك ليقض علينا ربك }. اللام دعائية هنا ولذلك جزمت الفعل. يسألون أنّ الله يقضي عليهم حتى يستريحوا من العذاب أنجاني الله وإياكم من النار. إذن لن ليست للتأبيد. بل هي لنفي موقت حسب ما تقتضيه الحال. هذا دليل. من الأدلة أيضا قول الله عز وجل : { لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار }. { لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار } وذلك لأن نفي الإدراك دليل على وجود أصل الرؤية. ولو كان أصل الرؤية منتفيا لكان التعبير لا تراه الأبصار لا تراه. فلما قال : { لا تدركه } ونفى الأخص علم وجود الأعم وهو الرؤية. واضح؟ الاستدلال بهذه الآية واضح ؟ واضح. العجب أن الذين ينكرون الرؤيا يستدلون بهذه الآية. وهذه الآية دبوس فوق رؤوسهم تدل على ثبوت الرؤيا. ووجه ذلك : أن مقتضى اللغة العربية والكلام الفصيح أنه إذا نفي الأخص فهو دليل على وجود الأعم. وهذا واضح. { لا تدركه } يعني وإن رأت { لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير }.كم هذه من آية؟ آيتان. الآية الثالثة التي نحن الآن بصدد تفسيرها : { وجوه يومئذ ناضرة * إلى ربها ناظرة }. في أي الكلمتين الدليل على أن الله يُرى وأن الإنسان يراه؟ الجملة الأولى وإلا الثانية ؟ الثانية { إلى ربها ناظرة }.
الآية الرابعة : قول الله تعالى في المطففين في الفجار : { كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون } { كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون }. فيها دليل على ثبوت الرؤية لغير هؤلاء من وجهين : الوجه الأول : ما قرره الإمام الشافعي رحمه الله حيث قال : " إذا حجب هؤلاء في حال الغضب فقد - ايش؟ - فقد بان وظهر للآخرين في حال الرضا ولو كان محجوبا عن الجميع لم يكن لنفي الحجب عن هؤلاء فائدة ".
الوجه الثاني : قوله : { لمحجوبون } يدل على أن هناك مرئيا لولا ايش؟ الحجب.
الدليل الخامس : قول الله تعالى في نفس السورة : { فاليوم الذين آمنوا من الكفار يضحكون * على الأرائك ينظرون } ينظرون إيه ؟ ينظرون إلى كل النعيم الذي أعطاهم عز وجل ، ومنه النظر إلى وجهه لأن هذا في مقابل قوله في الفجار : { كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون }. كم هذه من دليل ؟
السادس : قول الله تبارك وتعالى : { للذين أحسنوا الحسنى وزيادة } ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم وهو أعلم الخلق بكلام الله فسر الزيادة بأنها النظر إلى وجه الله الكريم. ولو أن الإنسان أراد أن يتوسع في هذا لوجد أدلة أخرى لكن المؤمن يكفيه دليل واحد من القرآن الكريم أو صحيح السنة. إذن عقيدتنا أيها الإخوة أن الله تبارك وتعالى يُرى يوم القيامة يرى رؤية حق عِيانا كما يرى القمر ليلة البدر. ولكن بدون إحاطة لقوله تعالى : { لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار } .

Webiste