تم نسخ النصتم نسخ العنوان
تفسير قوله تعالى : (( وإذ استسقى موسى لقومه... - ابن عثيمينقال الله تبارك وتعالى: وإذ استسقى موسى لقومه فقلنا اضرب بعصاك الحجر فانفجرت منه اثنتا عشرة عيناقوله: استسقى أي طلب، وذلك حين كانوا في التيه أو أنه في كل...
العالم
طريقة البحث
تفسير قوله تعالى : (( وإذ استسقى موسى لقومه فقلنا اضرب بعصاك الحجر فانفجرت منه اثنتا عشرة عيناً قد علم كل أناسٍ مشربهم ))
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
قال الله تبارك وتعالى: وإذ استسقى موسى لقومه فقلنا اضرب بعصاك الحجر فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا
قوله: استسقى أي طلب، وذلك حين كانوا في التيه أو أنه في كل مكان يحصل فيه الحاجة إلى الماء فيستسقي ويغاثون .
وقوله: اضرب بعصاك العصا معروف، وهذه العصا كان فيها ثلاث آيات عظيمة، أولا أنه يلقيها فتكون حية تسعى، وثانيا: يضرب بها الحجر فيتفجر عيونا، وثالثا: ضرب بها البحر فانفلق فكان كل فرق كالطود العظيم.
وقوله: الحجر تقدم أن الصواب فيها أن المراد به الجنس أي حجر يكون وليس حجرا معهودا، لأن هذا أبلغ في الإعجاز وفي الآية.
فانفجرت منه الانفجار الانفتاح والانشقاق ومنه سمي الفجر لأنه ينشق به الأفق، فمعنى انفجرت يعني تشقق منه هذه العيون .
اثنتا عشرة عينا عينا تمييز للعدد، لأن اثنتا عشرة مبهم أي اثنتا عشرة ؟ فميزها بقوله: عينا، والفرق بين الحال والتمييز : أن الحال يكون على تقدير من ويش قلنا: أن التمييز يكون على تقدير من والحال يكون على تقدير في، تقول مثلا: جاء الرجل راكبا أي في حال الركوب، وتقول تصبب الخجل عرقا، أي من العرق، اثنتا عشرة عينا أي اثنتا عشرة من العيون كما قال الله تعالى: وفجرنا فيها من العيون وإلا كل منهما مبين لمبهم وكل منهما منصوب وكل منهما نكرة، لكن التمييز مبين للذوات، والحال مبينة للهيئات، والفرق الثاني: التمييز على تقدير من والحال على تقدير في.
اثنتا عشرة عينا يعني لا عينا واحدة بل اثنتا عشرة عينا، لماذا ؟ لأن بني إسرائيل كانوا اثني عشر أسباطا ولذلك كانت العيون لكل سبط واحد.
قال تعالى: قد علم كل أناس أي من الأسباط كل أناس مشربهم مكان شربهم حتى لا يختلط بعضهم ببعض ويضايق بعضهم بعضا، وهذه من نعمة الله عليهم أي على بني إسرائيل وهي من نعمة الله على موسى، أما نعمة الله بها على موسى فلأنها آية تثبته وتصدقه، وأما نعمة الله بها على بني إسرائيل فلأنها مزيلة لعطشهم وظمأهم.
قال أهل العلم: ما من آية من آيات الرسل إلا وللرسول عليه الصلاة والسلام من جنسها أو أعظم منها كل آيات الرسل للرسول صلى الله عليه وسلم منها أو من جنسها، لكن منها ما هو حصل له هو ومنها ما حصل لأتباعه، فإن كرامة الأولياء آية للأنبياء، قالوا والذي حصل للرسول صلى الله عليه وسلم من جهة تفجر العيون أعظم من الذي حصل لموسى، لأنه تفجرت العيون من الإناء فكان الماء يفور من بين أصابعه أمثال العيون وهو في الإناء والإناء ليس من عادته أن يتفجر، أما الحجارة فمن عادتها أن تتفجر منها ما يتفجر وإن من الحجارة لما يتفجر منه الأنهار فصار الذي حصل للرسول صلى الله عليه وسلم أعظم من الذي حصل لموسى صلى الله عليه وسلم.

Webiste