تم نسخ النصتم نسخ العنوان
كلمة توجيهية لفضيلة الشيخ بمناسبة ختام عام 1... - ابن عثيمينالشيخ : الحمد لله ربّ العالمين، وصلّى الله وسلّم على نبيّنا محمّد، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدّين. أمّا بعد:فهذا هو اللّقاء الثّالث وا...
العالم
طريقة البحث
كلمة توجيهية لفضيلة الشيخ بمناسبة ختام عام 1415هـ .
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
الشيخ : الحمد لله ربّ العالمين، وصلّى الله وسلّم على نبيّنا محمّد، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدّين.
أمّا بعد:
فهذا هو اللّقاء الثّالث والتّسعون من لقاء الباب المفتوح والذي يتمّ يوم الخميس الخامس والعشرين من ذي الحجّة عام خمسة عشر وأربعمائة وألف.
وحيث أنّ هذا اللّقاء هو آخر لقاء في هذا العام وأنّه أعقب موسم الحجّ، فإنّنا نهنّئ أنفسنا وإيّاكم بما منّ الله به على المسلمين في هذا العام من الحجّ الهادئ الذي تمّ فيه أداء النُّسك على الوجه الأتمّ وعلى أكمل راحة ولله الحمد، لا من الجهة الجوّ والطّقس حيث كان بارداً في اللّيل ومقبولاً في النّهار، ولا سيما في يوم عرفة، حيث أظلّ الله المسلمين سبحانه وتعالى بالغَمام، ثمّ إنّنا نشكر الله سبحانه وتعالى أن أمضينا من أعمارنا عامًا كاملا نرجو الله تعالى أن نكون قد استفدنا منه، وانتهزنا فرص العُمُر، وذلك لأنّ العمر لحظات ودقائق وأيّام تمضي سريعاً وتزول جميعاً، والسّعيد من عمرها بطاعة الله عزّ وجلّ، وليس للإنسان من عمره إلاّ ما أمضاه في طاعة الله أمّا ما لم يمضه في طاعة الله فهو إمّا خسارة وإمّا عقوبة وإثم، فالنّاس بالنّسبة لزمانهم ينقسمون إلى ثلاثة أقسام: قسم أمضى زمانه في طاعة ربّه حتى في العادات التي يعتادها من أكل وشرب ولباس ودخول وخروج وغير ذلك إذا ابتغى به وجه الله أثابه الله عزّ وجلّ لقول النّبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم لسعد بن أبي وقّاص: "واعلم أنّك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلاّ أجرت عليها حتى ما تجعله في فم امرأتك"، فهؤلاء هم الرّابحون، الذين استغلّوا الوقت ولم يمضِ عليهم ساعة من الزّمن إلاّ ولله تعالى لهم فيها طاعة من هؤلاء البررة الأطهار.
القسم الثاني: عكس ذلك، من أمضى عمره في معصية الله عزّ وجلّ، وفي اللّهو والسّهو والتّرف الذي به التّلف حتى ضاع عليهم العمر، وندم ولات ساعةُ مندم، تجده يمضي عمره في غير ما يرضي الله عزّ وجلّ، وإذا أتى بالطّاعة أتى بها على الوجه الذي لا يطلب منه، بل ربّما يأتي بالطّاعة على وجه العادة فقط، اعتاد أن يفعل هذا الشّيء فصار جبلّة له وطبيعة دون أن يقصد به وجه الله وهذا أيضاً خاسر غاية الخسران والعياذ بالله.
القسم الثالث: من خلطوا عملا صالحا وآخر سيّئا فصار لهم نصيبا من حياتهم ولكنّه ليس النّصيب الأكمل، ولهذا ينبغي للإنسان العاقل أن ينتهز فرص العمر قبل أن ينتهي عمره وهو لا يشعر فيضيع عليه الوقت، كم من إنسان أمّل أملا بعيدا، وعمرا مديدا ولكن حال بينه وبين ذلك ريب المنون، فاقتنصته الآجال وصار بعد الوجود إلى الزّوال.
ولنا أسوة فيما يقع من الحوادث التي نشاهدها أحيانا ونسمع بها أحيانا تتكرّر كلّ يوم أو كلّ أسبوع أو كلّ شهر، يلبس الإنسان ثوبه ويزرّ إزاره بيده ثمّ لا يفكّ هذا الإزار إلاّ الغاسل، والإنسان على سرير غسله.
يدخل السّيّارة فاتحا الباب مغلقا على نفسه ثمّ لا يخرج منه، بل يخرج ميّتا جنازة وفي هذا عبر لمن اعتبر نسأل الله أن يجعلني وإيّاكم من المعتبرين.
أمّا ما يتعلّق بختام هذا العام فإنّه ينبغي للإنسان أن يحاسب نفسه وأن ينظر ماذا قدّم في هذا العام، ماذا قدّم لنفسه؟
إن كان مسرفا فليستعتب وليتب إلى الله عزّ وجلّ "والتّائب من الذّنب كمن لا ذنب له" .
وإن كان محسنا فليحمد الله عزّ وجلّ وليسأل الله الثّبات على ذلك ، ويجب عن نفسه الغرور والعجب بما أنعم الله به عليه من نعمة الإسلام وفعل الخيرات، لأنّه إذا أعجب وغُرَّ بنفسه دخل في قوله تعالى: { يمنّون عليك أن أسلموا قل لا تمنّوا عليّ إسلامكم بل الله يمنّ عليكم أن هداكم للإيمان إن كنتم صادقين } فنسأل الله تعالى أن يجعل لنا ولكم من أعمالنا نصيبا نتقرّب به إلى الله عزّ وجلّ، وأن لا يجعل ما علمنا وبالاً علينا إنّه على كلّ شيء قدير وبالإجابة جدير، ونبدأ الآن بالأسئلة مبتدئين بالأيمن ولكلّ واحدٍ سؤال، وإن تيسّر أن يكون له سؤال آخر بعد انتهاء الإخوة.

Webiste