تم نسخ النصتم نسخ العنوان
ماهو توجيهكم فيما يخص التسرع في الفتيا إلى ا... - ابن عثيمينالسائل : في حلقة سابقة استمعنا إلى سؤال عن أحد الأشخاص الذي أدى العمرة ، وقد أفتاه مجموعة من الإخوان ما بين فدية ، وقال آخر : تحرم من التنعيم ، تسرع بعض...
العالم
طريقة البحث
ماهو توجيهكم فيما يخص التسرع في الفتيا إلى الناس ؟
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
السائل : في حلقة سابقة استمعنا إلى سؤال عن أحد الأشخاص الذي أدى العمرة ، وقد أفتاه مجموعة من الإخوان ما بين فدية ، وقال آخر : تحرم من التنعيم ، تسرع بعض الناس في الفتوى هل لكم تعليق عليه ؟

الشيخ : الحمد لله رب العالمين وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين :
نعم ، لنا تعليق على هذا وهو أنه يحرم على الإنسان أن يسارع في الفتيا بغير علم ، لقول الله تبارك وتعالى : { قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ } ولقول الله تبارك وتعالى : { فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ } ولقول الله تعالى : { وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا } .
وربما يدخل هذا في قول النبي صلى الله عليه وسلم : "من قال في القرآن برأيه فليتبوأ مقعده من النار" وفي الأثر : "أجرأكم على الفتية أجرأكم على النار" .
وكان السلف رحمهم الله يتدافعون الفتيا كل منهم يحيلها على الآخر ، ولكن الذي يظهر لي أن هذا السائل لم يفته أحد من العلماء ، لكنه فتوى مجالس من العامة ، أي قال كل واحد منهم : أظن أن عليك كذا أن عليك كذا ، ومع ذلك فإننا لا نعذره ، لأن الواجب عليه أن يسأل أهل العلم الذين هم أهل للإفتاء .
لكنني أحذر صغار الطلبة الذين يتسرعون في الإفتاء فتجد الواحد منهم يعرف دليلا في مسألة ، وقد يكون هذا الدليل عاما مخصوصا أو مطلقا مقيدا أو منسوخا غير محكم ، فيتسرع في الفتيا على ضوئه دون أن يراجع بقية الأدلة ، وهذا غلط محض يحصل فيه إضلال المسلمين عن دينهم ، ويحصل فيه البلبلة والإشكال حتى فيما يقوله العلماء الذين يفتون عن علم ، لأن هذا الإفتاء الذي حصل لهم بغير علم والذي فيه مخالفة الحق ربما يضعه الشيطان في قلوبهم موضع القبول فيحصل بذلك عندهم التباس وشك .
لهذا نقول لإخواننا : إياكم والتسرع في الفتيا واحمدوا ربكم أنه لا يلزمكم أن تقولوا بشيء إلا عن علم أو عن بحث تصلون فيه على الأقل إلى غلبة الظن ، وكم من مفسدة حصلت في الإفتاء بغير علم ، ربما يحصل بذلك إفطار في صوم أو قضاء صوم غير واجب أو ربما يصل إلى حد أكبر كما يرد علينا أمور كثيرة في هذا الباب والله المستعان.

السائل : بارك الله فيكم فضيلة الشيخ.

Webiste