تم نسخ النصتم نسخ العنوان
فوائد حديث : ( ... عن عائشة رضي الله عنها أن... - ابن عثيمينالشيخ : هذا فيه دليل على إن الرسول عليه الصلاة والسلام لا يتخذ الكثير من الأمتعة، عنده حصير يحتجره بالليل يعني يجعله مثل الحجرة ويصلي وراءه، وفي النهار ...
العالم
طريقة البحث
فوائد حديث : ( ... عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحتجر حصيرًا بالليل فيصلي عليه ويبسطه بالنهار فيجلس عليه فجعل الناس يثوبون إلى النبي صلى الله عليه وسلم فيصلون بصلاته حتى كثروا فأقبل فقال : يا أيها الناس خذوا من الأعمال ما تطيقون فإن الله لا يمل حتى تملوا وإن أحب الأعمال إلى الله ما دام وإن قل )
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
الشيخ : هذا فيه دليل على إن الرسول عليه الصلاة والسلام لا يتخذ الكثير من الأمتعة، عنده حصير يحتجره بالليل يعني يجعله مثل الحجرة ويصلي وراءه، وفي النهار كان يجلس عليه، فاجتمع الناس وصاروا يجتمعون فخاف النبي صلى الله عليه وسلّم عليهم من المشقة والملل فقال لهم: خذوا من الأعمال ما تطيقون ولا تشقوا على أنفسكم، والنبي عليه الصلاة والسلام كان يقوم من الليل حتى تتورّم قدماه وتتفطر، ومن صلى معه تعب، فلم يحب أن يفعل الأمة ما يشق عليهم ولو في المستقبل، والإنسان قد يكون عنده عزيمة وقوة ونشاط في العمل الصالح فإذا فعله فإنه في ءاخر الأمر يعجز عنه، ولهذا حث النبي عليه الصلاة والسلام على أن الإنسان يُخطّط للمستقبل فيتخذ عملا يتمكّن من إيش؟ من الدوام عليه، ولهذا قال: أحب الأعمال إلى الله مادام وإن قل وكثير من الناس يكون عنده نشاط: نشاط في الهمة ونشاط في الجسم، ثم يضعف نشاط الهمة ويضعف نشاط الجسم، ويتمنى أن لم يكن ألزم نفسه بشيء، ومن هذا عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما فإنه التزم أن يصوم يوما ويفطر يوما، ولكنه لما كبر قال: " ليتني قبلت رخصة النبي صلى الله عليه وسلّم " وصار يصوم خمسة عشر يوما متتابعة، ويفطر خمسة عشر يوما متتابعة.
وفي قوله: فإن الله لا يمل حتى تملوا فيها إشكال من جهة أن ظاهرها إثبات الملل لله عز وجل، والملل هو عبارة عن عجز الإنسان عن مقاومة العمل، عجز الإنسان عن المقاومة، ما يستطيع أن يقاوم العمل وإن كان في بدنه قوة لكنه يمل.
فهل نقول إن ملل الله إن دل الحديث عليه يكون على هذا المعنى؟ لا، لأن هذا نقص، والله منزّه عن النقص، بل الملل إن صح أن في الحديث دلالة على ثبوت الملل لله ملل يليق بالله عز وجل، وأن الإنسان إذا مل من الطاعة مل الله تعالى من مثوبته وإقباله عليه، وإن كان لا يلحقه سبحانه وتعالى من الملل ما يلحق المخلوق.
ومن العلماء من يقول إن هذا لا يدل على أن الله يمل لأن الله قال: لا يمل حتى تملوا فإذا مللتم فلا يلزم أن يمل الله، كما لو قلت لشخص: أنا لا أقوم حتى تقوم، فالممتنع الأن الممتنع قيامي قبل قيامك، لكن لا يلزم من قيامك ثبوت قيامي، فيمتنع إن الله يمل قبل أن يملّوا ولكن لا يلزم أنهم إذا ملوا مل الله. وهذا لا شك أنه محتمل لكنه بعيد من ظاهر اللفظ.
وأسلم ما يقال في ذلك أن يقال إنه إن دل على أن الله يمل فهو ملل يليق بجلاله وعظمته، ولا يشبه ملل المخلوق المبني على الضعف وعدم القدرة على المقاومة. نعم.
وفي هذا الحديث دليل على إثبات محبة الله سبحانه وتعالى للعمل وهو كذلك، فإن الأعمال بعضها أحب إلى الله من بعض، والنصوص في ذلك كثيرة، كما أن العمال أيضا بعضهم أحب إلى الله من بعض.
وإذا ثبت هذا الوصف بالتفضيل وهو أحب دل على ثبوته بغير الوصف وهو مطلق المحبة، وهذا هو الذي عليه أهل السنّة والجماعة، يقولون إن الله تعالى يحب ويحب، وخالف في ذلك أهل البدع، وقالوا إن الله تعالى لا يحب ولا يحب أيضا، الذي يحب هو ثوابه، ومحبته هي إثابته، ولكن هذا القول منكر لأنه خلاف ظاهر اللفظ وخلاف ما أجمع عليه الصحابة والتابعون، ولأنه أعني المحبة بمقتضى الفطرة فإن الإنسان يحب من أحسن إليه، وأعظم من أحسن إليك وأكثر هو الله عز وجل هو الله سبحانه وتعالى.
ولهذا جاء في الأثر: أحبوا الله بما يغذوكم به من النعم فمحبة الله تعالى أمر فطري لا يمكن إنكاره.
ومن العجب أنهم يقولون إن المحبة هي إرادة الثواب، طيب، فيفرّون من إثبات المحبة زعما منهم أنها تقتضي المماثلة لكون المخلوق له محبة، فيقال: والمخلوق له إرادة، فأنتم إذا أثبتم الإرادة وقعتم في التمثيل على قاعدتكم.
فإن قالوا إن لله إرادة لا تماثل إرادة المخلوقين، قلنا الأن حكمتم على أنفسكم، قولوا لهم إن له محبة لا تماثل محبة المخلوقين وتستريحون. فإذا فسّروها بالثواب قالوا إذن عدلنا عن الإرادة نفسّره بالثواب، والثواب شيء بائن منفصل، قلنا لهم: هذا الثواب هل وقع بإرادة الله أو لا؟ إن قالوا بغير إرادة صار أمرا خطيرا، لكنهم لا يقولون، يقولون بإرادة الله، إذن نقول لزم من ثبوت المحبة ثبوت الإرادة، وأنتم تقولون إرادة لا تماثل إرادة المخلوقين فقولوا محبة لا تماثل محبة المخلوقين.
وهذا عام في كل مبتدع، كل مبتدع فإنه يلزمه فيما أثبته نظير ما يلزمه فيما فر منه، مع زيادة التحريف يعني مع زيادة التحريف. شيء جعلوه مطردا في كل الصفات التي ينكرها أهل البدع أنهم يلزمهم فيما أثبتوه نظير ما يلزمهم فيما نفوه وفرّوا منه مع زيادة التحريف والقول على الله بلا علم. نعم.

السائل : ... المشاكلة ... .

الشيخ : نعم.

Webiste