كلمة من فضيلة الشيخ بمناسبة دخول فصل الشتاء حول المسح على الجورب والخفين .
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم .
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد:
فهذا هو اللقاء الأسبوعي الثالث لشهر جمادى الثانية عام أربعة عشر وأربعمئة وألف، والذي يتم في كل يوم خميس، نسأل الله سبحانه وتعالى أن ينفع به.
وقد أتممنا الكلام على تفسير سورة البروج في اللقاءات الماضية، أما اليوم فأرى أن نتكلم عمّا يتعلّق بالوقت، وهو مسح الجوارب والخفّين، لأنّ زمن الشّتاء عند العامّة بدأ منذ يومين، وهو ما يعرف: " بالمربعانيّة " .
فنقول: إن الله سبحانه وتعالى جعل هذا الدين يسراً، فقال الله عز وجل في كتابه: يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ .
وقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: إن الدين يسر .
وقال صلى الله عليه وسلم وهو يَبعث البعوث للدعوة إلى الله: إنما بعثتم مُيَسِّرين ولم تبعثوا مُعَسِّرين، فيسِّروا ولا تعسِّروا :
وهذه القاعدة العامّة في الدّين الإسلاميّ كلّ شرائع الإسلام تشهد لها، فأصل الشّرائع يسيرة سهلة، ثم إذا طرأ ما يوجب التّيسير تيسّرت، قال النبيّ صلى الله عليه وعلى آله وسلم لـعمران بن حصين: صلِّ قائماً، فإن لم تستطع فقاعداً، فإن لم تستطع فعلى جنب .
وقال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ، وفي أثناء الآيات قال: وَمَنْ كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ .
وفي الحجّ قال الله تعالى: فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ يعني: فليحلقه، وعليه فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ .
والقاعدة العامة: لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا ، فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ : كلّها تعتبر طريقاً يجب على المسلم أن يسير عليه اتّقوا الله ما استطعتم.
ومن يسر الله عز وجل أن الله سبحانه وتعالى فرض الوضوء عند إرادة الصلاة على كل من أحدث، فقال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ ، ولهذا ينبغي لنا ونحن نتوضّأ أن نستشعر أننا نمتثل أمر الله، كأنّ الله تعالى يخاطبنا الآن، فيقول: فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ حتى نكون بذلك مخلصين لله عز وجل، وأن نستشعر أننا نقتدي بالرسول عليه الصلاة والسلام حتى تتحقّق لنا المتابعة، يعني: كأن الرسول أمامنا الآن يتوضأ، فنحن نتبعه بذلك ليتحقق لنا بهذه العبادة الإخلاص والمتابعة، وهكذا بقية العبادات، فيجب الوضوء، والواجب منه ما ذكره الله في القرآن: فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ .
وجاءت السنة مبينة لبعض الإبهام في هذه الآية وهي المضمضة والاستنشاق، فإنهما واجبان بالسنة، وهما داخلان في قوله: فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ ، لأنّ الأنف والفم جزء من الوجه.
وكذلك الأذنان جاءت السّنّة ببيان مسحهما مع الرأس، وذلك لأنّهما من الرّأس، فعلى هذا لا بدّ من المضمضة والإستنشاق، ولا بدّ من مسح الأذنين، هذه هي الواجبات في الوضوء.
لكن الوضوء الأكمل: النية وهذه لا بد أن تقترن بكل عمل، البسملة، غسل الكفين ثلاثاً قبل غسل الوجه، البداءة بالمضمضة والاستنشاق قبل غسل الوجه، تخليل اللحية الكثيفة التي لا تصف البشرة، وغسل اللّحية إلى أصول الشعر إذا كانت تصف البشرة لأنها لا تغطي البشرة، فتحصل المواجهة بالبشرة التي لا تغطيها هذه اللحية، التثليث في الأعضاء ما عدا الرأس أحياناً وفي الأكثر الأغلب، وأحياناً يقتصر الإنسان على مرة، وأحياناً على مرتين، وأحياناً يفرِّق، فيغسل الوجه ثلاثاً، واليدين مرتين، والرجلين مرة، كما جاءت بذلك السنة.
ومن نعمة الله وتيسيره في هذا الوضوء أنّه إذا كان على الرّجلين ما يسترهما من جوارب أو خفّين وهما الكنادر، فإنّ الإنسان يمسح عليهما.
لكن في مدة محددة كما سيبيّن وبشروط:
الشّرط الأوّل أن يلبسهما على طهارة لقول النبي صلّى الله عليه وسلّم للمغيرة بن شعبة لمّا أهوى ليـنزع خفّيـه، قال: دعهما فإنّي أدخلتهما طاهرتين فمسح عليهما، فإن لبس على غير طهارة لم يجز المسح، ولو نسي فمسح فإنه يلزمه إعادة الوضوء، وغسل الرجلين، وإعادة الصلاة، لأنّه صلّى على غير طهارة.
الشّرط الثاني: أن يكون المسح في الحدث الأصغر لا في الأكبر، ودليله حديث صفوان بن عسال قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا إذا كنا سَفْراً -يعني مسافرين- ألا ننـزع خفافنا ثلاثة أيام ولياليهن إلا من جنابة، ولكن من غائط، وبول، ونوم ، فإذا حصل على الإنسان جنابة وعليه جوارب وجب عليه أن يخلعهما، وأن يغسل قدميه، وذلك لأن الطهارة الكبرى وهي الغُسل من الجنابة ليس فيها مسح إلاّ إذا كانت هناك جبيرة، ولهذا لا يمسح الرأس فيها، بل يجب أن يُغسل غسلاً تاماً.
الشرط الثالث: أن تكون الجوارب أو الخُفان طاهرة فلا يصح المسح على النّجس، لأنّ النّجس لا يزيد بالمسح عليه إلا خبثاً وتلويثاً لليد التي باشرت النجاسة، ولأنّ الإنسان في الغالب يمسح ليُصَلي، ولا صلاة في الشّيء النّجس، والدليل على أنّه لا صلاة في الشيء النّجس: أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ذات يوم يصلي بأصحابه، فخلع نعليه، فخلع الصحابة نعالهم، فلما سلم سألهم: لماذا خلعتم نعالكم؟ قالوا: رأيناك خلعت نعليك فخلعنا نعالنا، فقال: إن جبريل أتاني فأخبرني أن فيهما قذراً يعني أنه خلعها من أجل ذلك، وهذا يدل على أنه لا بد أن يكون الملبوس طاهراً.
الشرط الرّابع: أن يكون في الوقت المحدد شرعاً وهو يوم وليلة للمقيم، وثلاثة أيام بلياليها للمسافر، تبتدئ هذه المدة من أول مرة مسح بعد الحدث، فإذا لبسها من صلاة الفجر مثلا وتوضأ لصلاة الظهر ومسحها، فابتداء المدة من الظهر، يعني: من الوقت الذي مسح فيه، حتى يأتي مثله من اليوم التالي إذا كان مقيماً، أو من اليوم الثالث إذا كان مسافراً، ثلاثة أيام بلياليها للمسافر، ويوم وليلة للمقيم، والحكمة في هذا واضحة لأنّ المسافر أحوج إلى ستر قدمه من المقيم.
هذه هي شروط المسح على الجوربين، أو على الخفّين، وما عدا ذلك من الشروط التي ذكرها بعض الفقهاء فإنه ليس عليها دليل، وإنما هي تعاليل استنبطها الفقهاء تُسلّم لهم أو لا تُسلّم، لكن هذه هي الشروط التي يطمئن إليها الإنسان وأنه لا بد من أن تتوفر في جواز المسح على الخفين، هذا ما أردت أن أبيّنه في هذه الكلمة.
أمّا ما يتعلّق بالجبيرة على جَرح أو على كسر:
فإذا كانت على جَرح فالعلماء يقولون يتّبع ما يلي:
أولا: يغسل الجرح بالماء، فإن كان يضرُّه مسحه، يعني: بلَّ يدَه ومسح عليه، فإن كان يضرّه المسح، أو كان قد لُفَّ عليه شيء، فإنّه يمسح هذه اللّفافة في الحدث الأصغر والأكبر، وكذلك اللَّصْقة على وجع في الظهر أو في الرقبة أو ما أشبه ذلك، فإنه يمسح عليها في الحدثين الأصغر والأكبر، فإن لم يمكن هذا، بمعنى: أن الجرح طريّ لا يمكن أن يُلَفَّ عليه، ولا يمكن أن يمسح بالماء، فإنه يتيمّم عنه، فهذه مراتبٌ:
غسلُه، ثم مسحه، ثم مسح اللفافة، ثمّ التيمّم، وهذا يجوز في الحدث الأصغر وفي الحدث الأكبر لأنها طهارة ضرورة فتتقدَّر بقَدْرها، حتى لو بقيت أياما أو شهورا، فإن الحكم لا يزال باقياً لأنّ الحكم يتقدّر بقدره.
والحمد لله رب العالمين، وصلّى الله وسلم على نبينا محمد، وآله وصحبه أجمعين، أمّا الآن فإلى الأسئلة ونبدأ باليمين.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد:
فهذا هو اللقاء الأسبوعي الثالث لشهر جمادى الثانية عام أربعة عشر وأربعمئة وألف، والذي يتم في كل يوم خميس، نسأل الله سبحانه وتعالى أن ينفع به.
وقد أتممنا الكلام على تفسير سورة البروج في اللقاءات الماضية، أما اليوم فأرى أن نتكلم عمّا يتعلّق بالوقت، وهو مسح الجوارب والخفّين، لأنّ زمن الشّتاء عند العامّة بدأ منذ يومين، وهو ما يعرف: " بالمربعانيّة " .
فنقول: إن الله سبحانه وتعالى جعل هذا الدين يسراً، فقال الله عز وجل في كتابه: يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ .
وقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: إن الدين يسر .
وقال صلى الله عليه وسلم وهو يَبعث البعوث للدعوة إلى الله: إنما بعثتم مُيَسِّرين ولم تبعثوا مُعَسِّرين، فيسِّروا ولا تعسِّروا :
وهذه القاعدة العامّة في الدّين الإسلاميّ كلّ شرائع الإسلام تشهد لها، فأصل الشّرائع يسيرة سهلة، ثم إذا طرأ ما يوجب التّيسير تيسّرت، قال النبيّ صلى الله عليه وعلى آله وسلم لـعمران بن حصين: صلِّ قائماً، فإن لم تستطع فقاعداً، فإن لم تستطع فعلى جنب .
وقال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ، وفي أثناء الآيات قال: وَمَنْ كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ .
وفي الحجّ قال الله تعالى: فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ يعني: فليحلقه، وعليه فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ .
والقاعدة العامة: لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا ، فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ : كلّها تعتبر طريقاً يجب على المسلم أن يسير عليه اتّقوا الله ما استطعتم.
ومن يسر الله عز وجل أن الله سبحانه وتعالى فرض الوضوء عند إرادة الصلاة على كل من أحدث، فقال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ ، ولهذا ينبغي لنا ونحن نتوضّأ أن نستشعر أننا نمتثل أمر الله، كأنّ الله تعالى يخاطبنا الآن، فيقول: فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ حتى نكون بذلك مخلصين لله عز وجل، وأن نستشعر أننا نقتدي بالرسول عليه الصلاة والسلام حتى تتحقّق لنا المتابعة، يعني: كأن الرسول أمامنا الآن يتوضأ، فنحن نتبعه بذلك ليتحقق لنا بهذه العبادة الإخلاص والمتابعة، وهكذا بقية العبادات، فيجب الوضوء، والواجب منه ما ذكره الله في القرآن: فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ .
وجاءت السنة مبينة لبعض الإبهام في هذه الآية وهي المضمضة والاستنشاق، فإنهما واجبان بالسنة، وهما داخلان في قوله: فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ ، لأنّ الأنف والفم جزء من الوجه.
وكذلك الأذنان جاءت السّنّة ببيان مسحهما مع الرأس، وذلك لأنّهما من الرّأس، فعلى هذا لا بدّ من المضمضة والإستنشاق، ولا بدّ من مسح الأذنين، هذه هي الواجبات في الوضوء.
لكن الوضوء الأكمل: النية وهذه لا بد أن تقترن بكل عمل، البسملة، غسل الكفين ثلاثاً قبل غسل الوجه، البداءة بالمضمضة والاستنشاق قبل غسل الوجه، تخليل اللحية الكثيفة التي لا تصف البشرة، وغسل اللّحية إلى أصول الشعر إذا كانت تصف البشرة لأنها لا تغطي البشرة، فتحصل المواجهة بالبشرة التي لا تغطيها هذه اللحية، التثليث في الأعضاء ما عدا الرأس أحياناً وفي الأكثر الأغلب، وأحياناً يقتصر الإنسان على مرة، وأحياناً على مرتين، وأحياناً يفرِّق، فيغسل الوجه ثلاثاً، واليدين مرتين، والرجلين مرة، كما جاءت بذلك السنة.
ومن نعمة الله وتيسيره في هذا الوضوء أنّه إذا كان على الرّجلين ما يسترهما من جوارب أو خفّين وهما الكنادر، فإنّ الإنسان يمسح عليهما.
لكن في مدة محددة كما سيبيّن وبشروط:
الشّرط الأوّل أن يلبسهما على طهارة لقول النبي صلّى الله عليه وسلّم للمغيرة بن شعبة لمّا أهوى ليـنزع خفّيـه، قال: دعهما فإنّي أدخلتهما طاهرتين فمسح عليهما، فإن لبس على غير طهارة لم يجز المسح، ولو نسي فمسح فإنه يلزمه إعادة الوضوء، وغسل الرجلين، وإعادة الصلاة، لأنّه صلّى على غير طهارة.
الشّرط الثاني: أن يكون المسح في الحدث الأصغر لا في الأكبر، ودليله حديث صفوان بن عسال قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا إذا كنا سَفْراً -يعني مسافرين- ألا ننـزع خفافنا ثلاثة أيام ولياليهن إلا من جنابة، ولكن من غائط، وبول، ونوم ، فإذا حصل على الإنسان جنابة وعليه جوارب وجب عليه أن يخلعهما، وأن يغسل قدميه، وذلك لأن الطهارة الكبرى وهي الغُسل من الجنابة ليس فيها مسح إلاّ إذا كانت هناك جبيرة، ولهذا لا يمسح الرأس فيها، بل يجب أن يُغسل غسلاً تاماً.
الشرط الثالث: أن تكون الجوارب أو الخُفان طاهرة فلا يصح المسح على النّجس، لأنّ النّجس لا يزيد بالمسح عليه إلا خبثاً وتلويثاً لليد التي باشرت النجاسة، ولأنّ الإنسان في الغالب يمسح ليُصَلي، ولا صلاة في الشّيء النّجس، والدليل على أنّه لا صلاة في الشيء النّجس: أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ذات يوم يصلي بأصحابه، فخلع نعليه، فخلع الصحابة نعالهم، فلما سلم سألهم: لماذا خلعتم نعالكم؟ قالوا: رأيناك خلعت نعليك فخلعنا نعالنا، فقال: إن جبريل أتاني فأخبرني أن فيهما قذراً يعني أنه خلعها من أجل ذلك، وهذا يدل على أنه لا بد أن يكون الملبوس طاهراً.
الشرط الرّابع: أن يكون في الوقت المحدد شرعاً وهو يوم وليلة للمقيم، وثلاثة أيام بلياليها للمسافر، تبتدئ هذه المدة من أول مرة مسح بعد الحدث، فإذا لبسها من صلاة الفجر مثلا وتوضأ لصلاة الظهر ومسحها، فابتداء المدة من الظهر، يعني: من الوقت الذي مسح فيه، حتى يأتي مثله من اليوم التالي إذا كان مقيماً، أو من اليوم الثالث إذا كان مسافراً، ثلاثة أيام بلياليها للمسافر، ويوم وليلة للمقيم، والحكمة في هذا واضحة لأنّ المسافر أحوج إلى ستر قدمه من المقيم.
هذه هي شروط المسح على الجوربين، أو على الخفّين، وما عدا ذلك من الشروط التي ذكرها بعض الفقهاء فإنه ليس عليها دليل، وإنما هي تعاليل استنبطها الفقهاء تُسلّم لهم أو لا تُسلّم، لكن هذه هي الشروط التي يطمئن إليها الإنسان وأنه لا بد من أن تتوفر في جواز المسح على الخفين، هذا ما أردت أن أبيّنه في هذه الكلمة.
أمّا ما يتعلّق بالجبيرة على جَرح أو على كسر:
فإذا كانت على جَرح فالعلماء يقولون يتّبع ما يلي:
أولا: يغسل الجرح بالماء، فإن كان يضرُّه مسحه، يعني: بلَّ يدَه ومسح عليه، فإن كان يضرّه المسح، أو كان قد لُفَّ عليه شيء، فإنّه يمسح هذه اللّفافة في الحدث الأصغر والأكبر، وكذلك اللَّصْقة على وجع في الظهر أو في الرقبة أو ما أشبه ذلك، فإنه يمسح عليها في الحدثين الأصغر والأكبر، فإن لم يمكن هذا، بمعنى: أن الجرح طريّ لا يمكن أن يُلَفَّ عليه، ولا يمكن أن يمسح بالماء، فإنه يتيمّم عنه، فهذه مراتبٌ:
غسلُه، ثم مسحه، ثم مسح اللفافة، ثمّ التيمّم، وهذا يجوز في الحدث الأصغر وفي الحدث الأكبر لأنها طهارة ضرورة فتتقدَّر بقَدْرها، حتى لو بقيت أياما أو شهورا، فإن الحكم لا يزال باقياً لأنّ الحكم يتقدّر بقدره.
والحمد لله رب العالمين، وصلّى الله وسلم على نبينا محمد، وآله وصحبه أجمعين، أمّا الآن فإلى الأسئلة ونبدأ باليمين.
الفتاوى المشابهة
- مسائل في المسح على الخفين. - ابن عثيمين
- شروط المسح على الخفين. - ابن عثيمين
- ما هي شروط المسح على الخفين ؟ - الالباني
- المسح على الخفين ومدته - ابن باز
- معنى الخف وحكم المسح عليه وعلى الجورب - ابن باز
- ما الدليل على المسح على الجوارب لا على الخفي... - ابن عثيمين
- حكم المسح على الجورب والخف - ابن باز
- شروط المسح على الخفين والجوربين - ابن عثيمين
- هل المسح على الجوربين كالمسح على الخفَّين ؟ - الالباني
- ما الحكمة من المسح على الخفين ؟ - ابن عثيمين
- كلمة من فضيلة الشيخ بمناسبة دخول فصل الشتاء... - ابن عثيمين