تم نسخ النصتم نسخ العنوان
تتمة شرح حديث بن عباس أن ضمادا قدم مكة وكان... - ابن عثيمينالشيخ : طيب نرجع الآن إلى حديث ابن عباس. ضماداً قدم وكان من أزد شنوأة، وكان يرقي من هذه الريح ، الريح: يعني الجنون، أي المس، يعني كان عنده قراءة يقرأ به...
العالم
طريقة البحث
تتمة شرح حديث بن عباس أن ضمادا قدم مكة وكان من أزد شنوءة وكان يرقي من هذه الريح فسمع سفهاء من أهل مكة يقولون إن محمدا مجنون فقال لو أنى رأيت هذا الرجل لعل الله يشفيه على يدي قال فلقيه فقال يا محمد إني أرقي من هذه الريح وإن الله يشفي على يدي من شاء فهل لك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الحمد لله نحمده ونستعينه من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله أما بعد قال فقال أعد علي كلماتك هؤلاء فأعادهن عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث مرات قال فقال لقد سمعت قول الكهنة وقول السحرة وقول الشعراء فما سمعت مثل كلماتك هؤلاء ولقد بلغن ناعوس البحر قال فقال هات يدك أبايعك على الإسلام قال فبايعه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى قومك قال وعلى قومي قال فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية فمروا بقومه فقال صاحب السرية للجيش هل أصبتم من هؤلاء شيئا فقال رجل من القوم أصبت منهم مطهرة فقال ردوها فإن هؤلاء قوم ضماد
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
الشيخ : طيب نرجع الآن إلى حديث ابن عباس. ضماداً قدم وكان من أزد شنوأة، وكان يرقي من هذه الريح ، الريح: يعني الجنون، أي المس، يعني كان عنده قراءة يقرأ بها على المريض الصاب بالمس فيبرأ بإذن الله عز وجل، وكان يرقى من هذه الريح، فسمع سُفهاء من أهل مكّة يقولون: إن محمداً مجنون، لأن النبي صلى الله عليه وسلم رُميَ بالجنون كما رمي إخوانه المرسلون، قال الله تعالى : كذلك ما أتى الذين من قبلهم من رسول إلا قالوا ساحرٌ أو مجنون ، فقال: لو أني رأيت هذا الرجل لعل الله يشفيه على يدي ، الرجل صدّق أن محمداً مجنون، ولهذا تمنّى أنه يرى محمداً صلى الله عليه وسلم لعل الله أن يشفيه على يده، قال: فلقيه فقال يا محمد إني أرقي من هذه الريح، وإن الله يشفي على يدي من يشاء، وهذا يدل على أن الرجل مؤمن، يرقى ولكنه لا يُسند الشفاء إلى رقيته ولكن إلى الله عز وجل.
فهل لك: يعني فهل لك حاجة فأرقيَك لعل الله يشفيك؟ بناءً على ايش؟ على أنه مجنون، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الحمد لله نحمد ونستعينه، من يهده الله فلا مضلَّ له، ومن يُضلِل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمداً عبده ورسوله ، وما أحسن أن تُقرأ هذه الخطبة على من أصيبوا بالمس أو من يقرأون على أهل المس.
إن الحمد لله نحمد ونستعينه : سبق الكلام في شرحها.
من يهده الله فلا مضلَّ له، ومن يُضلِل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمداً عبده ورسوله أما بعد قال فقال: أعد عليّ كلماتك من القائل: ضماد أعجبته هذه الكلمات أعد علي كلماتك هؤلاء، فأعادهنّ عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثلاث مرّات، قال فقال من القائل : ضماد فقال : لقد سمعت قول الكَهنة، وقول السّحرة، وقول الشّعراء، فما سمعت مثل كلماتك هؤلاء إلى آخره ، ذكر ثلاثة أصناف من الناس، الأول: الكهنة، جمع كاهن، والكاهن هو الذي يُخبر عن المغيّبات في المستقبل، هذا الكاهن، هذا هو الأصل، وأصل هؤلاء الكهنة أن لهم أصحاب من الجن يسترقون السمع من السماء، ويأتون بما سمعوا من السماء إلى هؤلاء الكهنة يُخبرونهم، فيكذب الكاهن معها مئة كذبة، ويتحدّث بذلك، فإذا وقع ما يُطابق قوله اغترّ الناس به، وظنّوا أنه يعلم الغيب، وأما الذي يُخْبر عن شيء واقع ليس مسْتقبلاً فهذا يُسمّى عرّافاً لأنه يدّعي المعرفة، وقول السّحرة السّحرة جمع ساحر، وهم الذين يسحرون الناس، والسّحر عبارة عن عُقَد، ورُقى، ونفْث، يستعملها السّاحر، ولكن هذه الرّقى، والعُقد، والنّفث تُسخّر له الجِن، حتّى يقوم الجنّيّ بإيذاء المسْحور إما في فكره ، وإما في بدنه، وإما في نفسه، حسب ما يحصل من السّاحر، والثالث: الشعراء: الشّعراء أيضاً سَحَرة بطريق البيان، لأن من البيان سِحراً.
قال : فما سمعت مثل كلماتك هؤلاء، ولقد بلغْنا ناعوس البحر يعني معناه: أن هذه الكلمات لها نفوذٌ قويّ وبعيد، وناعوس البحر: هو عمْقه، ولجّته، وهذا لا يكون قريباً من السّواحل، هذا يكون بعيداً من السّواحل، والمعنى: أن هذه الكلمات كان لها تأثيرٌ بالغ.
قال فقال: هات يدك أبايعك ، القائل هات يدك: ضماد، لأنه تبين له أن النبي صلى الله عليه وسلم ليس بمجنون، بل هو صادق فيما قاله من النبوة.
قال : فبايعه، فقال عليه الصلاة والسلام: وعلى قومك؟ قال: وعلى قومي ، لأنه كان زعيماً فيهم ورئيساً فبايع عنهم.
قال وعلى قومي، فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سريّة فمرّوا بقومٍ، فقال صاحب السّرية للجيش: هل أصبتم من هؤلاء شيئاً؟ قال رجلٌ من القوم: أصبت منهم مطْهرة عني: إناءً يُتطهّر به، وهذا دليل على أنهم أصابوا شيئاً حقيراً، فقال: رُدّوها، فإن هؤلاء قوم ضماد، ويأتي إن شاء الله البحث عن فوائده .

Webiste